آراءسياسة
أخر الأخبار

ماذا بعد 7 أكتوبر ؟ إفرازات و تداعيات

عبد الغني القاسمي

شهدت الساحة العربية على مرور السنوات الأخيرة أحداثا مثيرة من حيث وقعها على مختلف الأنظمة الحاكمة و الشعوب على السواء، و كان من شأن تلك الأحداث أن بلورت تحولا نوعيا في تفاعل المواطن العربي مع قضاياه ذات الشأن العام الداخلي بالنسبة لكل دولة من جهة و تفاعله مع حالات التوتر التي تكاد تشمل كل أرجاء العالم العربي سواء كان التوتر “المألوف” بين هذه الدولة أو تلك أم بين هذا المحور أو ذاك، و الخلاصة تتمثل في استمرار وضعية عدم الاستقرار و الجفاء و التنافر و حتى القطيعة التي تهدد وحدة الصف العربي وقد أمست حلما بعيدا عن عما يجري في الواقع المزري المثقل بالمآسي و الأحزان التي نعاني منها مرغمين.

و مما زاد الطين بلة إقدام حركة حماس على رفعها لعلم التحدي لمواجهة العدو الإسرائيلي دون أن توفر لنفسها القدرة اللازمة التي تضمن لها كسب رهان المواجهة، إذ إن الدخول في حرب ضروس مع عدو غاشم لا يعرف معنى للشفقة و العفة و الرحمة يتطلب أخذ الحيطة و الحذر و التفكير المسبق في العواقب..

و قد كشف السابع من أكتوبر عن أن إعلان الحرب بتلك الطريقة كان من قبيل المغامرة الإنتحارية في غياب الاستعداد الضروري الذي يقتضيه الظرف خصوصا بعد ثبوت الاستعانة بطرف أجنبي لديه أجندته الإقليمية و مصالحه الاستراتيجية و لا يهمه أن تنتصر فلسطين أو تنهزم، كما أن الثقة مفقودة في الأنظمة العربية التي يحرص كل منها على درء المخاطر المحدقة بحدوده التي ورثها عن سايس بيكو..

و حتى القمم و الاجتماعات و المشاورات العربية لا تعدو ردود فعلها إزاء ما يحدث في ميادين المواجهة أن تتراوح بين الاستنكار و التنديد و الشجب بدل المساندة بالجيوش و العتاد و الدعم اللوجيستيكي، فقط حزب الله و الحوثي كانا في المساندة من باب تعلق الغريق بالغريق و هما مؤتمران بالأجندة المعروفة التي تخدم الحسابات الخاصة لأصحابها و ليس الدفاع عن الشعب الفلسطيني.

ماذا سنقول عن كوارث غزة و الضفة الغربية التي تسببت فيها حماس و من معها و وراءها سوى أنها خلفت إفرازات مقززة و تبعتها تداعيات مؤلمة يمكن سرد بعضها فيما يلي:

– انصراف العرب إلى حروبهم البينية و خلافاتهم المعهودة و جعلهم القضية الفلسطينية ” خضرة فوق الطعام” بالتعبير العامي المغربي

– انقسام الفلسطينيين على أنفسهم و تبادلهم التهم بالخيانة و العمالة للعدو

– جنوح أمريكا و إيران إلى التفاوض حول ما يهمها في المقام الأول وهو الملف النووي و إلغاء العقوبات بدل ملف القضية الفلسطينية

– آلاف القتلى و المفقودين و أضعافهم من الجرحى و المشردين و الجوعى من المدنيين الفلسطينيين و قطع المساعدات و إقفال المعابر مما حول غزة إلى سجن كبير..

– التلويح بقرب التهجير القسري لمن تبقى من سكان غزة حيث أصبحت هذه الأخيرة غير صالحة للسكن بعد أن تم هدم البنيات التحتية و المنازل و المرافق العمومية الضرورية للحياة البشرية

و السؤال الذي يفرض نفسه في هذه الظروف الحرجة هو :

كيف سنعيد العقل العربي إلى وعيه بواقعه المر ليستخلص العبر مما حدث و يقر العزم على مواجهة أعداء الأمة مستقبلا بما يلزم و ليس بما يملى عليه من مخططات لا تسمن و لا تغني من جوع، إنه سؤال محاسبة النفس و النقد الذاتي المجرد عن أحكام القيمة المتجاوزة في عالم يسود فيه القوي و يندحر الضعيف.

* محلل سياسي

https://anbaaexpress.ma/0817i

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى