قلبت دفتر ذكرياتي أيام سفرياتي، فاستوقفتني ظاهرة مؤلمة، ظاهرة أبطالها كثر، بل ضحاياها أعدادهم في تزايد مستمر، اتخذوا قرارات حاسمة لكنها لم تكن موفقة، شاب من شرق المغرب كان يشتغل في بلدية من بلديات المدينة، كان سوق العقار منتعشاً، و كان يشتغل في قسم التعمير في مصلحة التصاميم، و طور مهاراته، و أصبحت تأتيه عروض كثيرة لإنجاز تصاميم الشيء الذي جعله يتفق مع طبوغراف يضع طابعه على التصاميم المنجزة مقابل مبالغ مالية..
فتحسنت أحواله و ازدادت مداخيله، فأصبح يملك سيارة و شقة و أرضاً فلاحية، حتى جاء اليوم الذي عرض عليه صديق فكرة زواج أبيض مقابل الحصول على الإقامة و الجنسية بالديار البلجيكية، فتزوج، و لكن حلمه عرف اضطرابات بسبب المدة الزمنية خمسة أعوام، الشيء الذي جعل الزوجة تستغله في قضاء أغراضها دون رحمة و لا شفقة، و خاصة لم يبق له سوى سنة لتسوية وضعيته، و أي تصرف منه اتجاهها يمكن أن ينهي حلمه، فكان يتحدث معي و الدموع تنهمر من عينيه و الحسرة و الندم على ما اقترف من فعل.
أما هشام فحكايته جد مختلفة، كانت تربطه علاقة حب مع شابة من حيه جنوب المغرب، تشاء الأقدار أن تسافر حليمة لسويسرا لتعمل طباخة للسفير بجنيف، و لما انتهت مدة اشتغال السفير، تزوجت من رجل عجوز و أنجبا بنتاً ثم توفي، فربطت الاتصال بهشام الذي كان يشتغل في تجارة بيع السمك بالتقسيط داخل سوق الحي الشعبي، و كان يعيل والدته بعد وفاة والده، فأخبرته بأنها لظروف خاصة تزوجت و مات زوجها و الآن تريد الزواج منه، فوافق على الفور لكونه أحبّها منذ الطفولة، التحق بها حيث كانت تقيم، استقبلته بترحاب، و لكن بعد مدة تغير حالها معه، كانت تطلب منه البقاء في البيت للعناية بابنتها و الذهاب لإحضارها من الحضانة، و لم تكن تترك له وقتاً لملاقاة بعض أصدقائه، في حين كانت تخرج مع صديقاتها و تتركه مع طفلتها، فلما التقيته كان بدوره يحكي لي حكايته و بدموع حارقة و ما كان يتعرض له من إذلال.
و لما أردت العودة لبلدي ذهبنا لمركز تجاري رفقة صديق مشترك بيننا و زوجة صديقه لكي أشتري بعض الهدايا، لم تمهله سوى نصف ساعة حتى ربطت الاتصال به لتخبره أن يعود على وجه السرعة ليحضر لها خبزاً من المخبزة، فقال بكل أسف: هذا تصرف من تصرفاتها لتظهر لكم أنها هي المتحكمة، و بعد سنتين اتصلت به لأسأله عن أحواله؟ فكان جوابه بأنه طلق زوجته و حصل على الإقامة و الجنسية و اشتغل موظفاً في شركة عالمية و اشترى شقة، و أحضر أمه للعيش معه.
أما الثالث، فكانت أحواله جد مستقرة، يملك شقة و سيارة و أسرة من أربعة أطفال، فجأة أصبح يفكر في السفر للديار الكندية، تفاجأت زوجته بالخبر الصاعقة، بداية أخبرها أنه ينوي الحصول على الإقامة حتى يسهل عليه ضمان مستقبل آمن لأولادهم، تزوج من سيدة تبين أنه كانت تربطه بها علاقة سابقة قبل زواجه، تزوجت في كندا و أنجبت بنتاً ثم تطلقت و بحثت عنه في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” و توطدت علاقتهما، فطلق زوجته و أقام عرساً و التحق بزوجته الثانية و استقر هناك معها و بنتها و تغير نظام حياته، أما طليقته فاهتمت بأولادها الذين حققوا نجاحاً في دراستهم.




