تقاريرثقافة

المتحف الجيولوجي المصري.. يحتاج إلى متحف لعرض مقتنياته

المبنى يضم صخوراً من القمر وهياكل ديناصورات ومقتنيات للملك فاروق وكتب نادرة

لافتة خشبية متواضعة معلقة على شجرة بجوار شادر بطيخ بمنطقة “أثر النبي” فى مصر القديمة بمحافظة القاهرة بجمهورية مصر، كانت دليلنا للوصول إلى المتحف الجيولوجي المصري، الذى يستقر داخل كراج تابع لهيئة النقل النهري منذ 43 عاما.

ويضم كنوزا لاتقدر بثمن، تؤرخ لطبيعة مصر الجيولوجية على مدار التاريخ بعد نقل مقره من ميدان التحرير عام 1981مع بدايات تنفيذ مترو الأنفاق، وتعود أهمية المتحف إلى أنه يحتل المركز الرابع على مستوى العالم، من حيث مقتنياته والمركز الأول على مستوى الوطن العربي، و منطقة الشرق الاوسط، وبه أكثر من 50 ألف قطعة من الحفريات والصخور والمعادن والأحجار الكريمة وشبه الكريمة، التي تعود إلى ملايين السنين.

هيكل ديناصور

وكانت أولى العينات التي عرضت بالمتحف هي العينات التي جمعت من الفيوم لحفريات الحيوانات الثديية عام 1898 وأرسلت إلى انجلترا عام 1899 لتعريفها ودراستها ثم أعيدت إلى مصر، بالإضافة إلى كتاب “اكتشاف منابع النيل ” الذى يعود تاريخه الى عام م1790م وكتاب وصف مصر.

الأرسينوثيريم يتوسط صالة العرض

وفي جولة داخل المتحف وجدنا ممر طويل ترتص على جوانبه أجحار وعينات جيولوجية للكوارتز والحديد والذهب، وبقايا عظام حيوانات منقرضة، هذا الممر هو طريق الدخول الوحيد لصالة عرض المتحف، والمكتبة التى تضم كنوزاً لا يعلم قيمتها إلا البعثات الأجنبية، التي تأتي لدراسة أنواع الصخور المصرية، ودراسة الحيوانات المنقرضة، و أهمها الديناصورات، وعروس البحر، التي تملأ هياكلها وصورها.

عظام متحجرة لحيوان الأرسينوثيريم

مكان المتحف، عبارة عن صالة عرض مفتوح تعرض فيها أنواع الصخور المختلفة على سطح القشرة الأرضية، وبعض المعادن المميزة، ويحتوي على صالة أخرى للعرض مقسمة إلى 3 أجزاء الجزء الأيمن مختص بالحيوانات اللافقارية مقسمة طبقا للتقسيم الجيولوجي العالمي، والجزء الأوسط يتميز بالحيوانات الفقارية ذات العمود الفقاري، وأشهرها حيوان الأرسينوثيريم وعمره 35مليون سنة وتم إكتشافه بالفيوم ونظرا لأهميته تم إتخاذه شعار للمتحف، كما يوجد مجموعة كبيرة من الحفريات.

أما الجانب الأيسر فيتميز بتكوينات أنواع الصخور المختلفة على القشرة الأرضية مقسمة طبقا للتقسيم الجيولوجي المصري، ويميز فيه كل عصر من العصور الصخور التى كانت موجودة فيه، والمعادن والحفريات، وأشهرها جرانيت أسوان، والسماق الامبراطوري، الذي يوجد فى مصر وسويسرا فقط، وتم صناعة أعمدة بعض الكنائس منه في روما أيام الإحتلال الروماني لمصر.

أحد صالات العرض وتضم الحيوانات اللافقارية

كما يحتوى على بعض النيازك العالمية، وكيفية وجود الذهبعلى سطح القشرة الأرضية ،ومراحل استخراجه من منجم السكري وبعض الأحجار الكريمة وشبه الكريمة، وبعض قطع من الديناصور المصري، وجرانيت أسوان المصنوع منه المسلات الموجودة فى مختلف دول العالم، كما يحتوى على بعض مقتنيات الملك فاروق وقطعة من صخور القمر، مهداة من الرئيس الأمريكى “نيكسون” للشعب المصري.

مئات الأحفوريات بالمخازن لضيق المساحة

ولقد لاحظنا أن المخازن تحتوي على مئات القطع غير معروضة لضيق المكان، كما أن صالة العرض مكدسة وتم سرقة عدد من القطع خلال فترة الإنفلات الأمني فى أعقاب ثورة 25 يناير، يضاف لذلك فإن مواد الترميم غير موجودة فى مصر لذلك يتم عمل بروتوكلات تعاون مع الغير مثل جامعة بنسلفانيا ومتحف كارنجي فى أمريكا للحصول عليها.

كما يحتاج المتحف إلى ماكينة “آير إسكرايب” لتنظيف الحفريات لعدم سفر العينات للخارج التى يتم حجزها فى الجمارك لدفع رسوم عليها كما حدث مع ديناصور المد والجزر “بارالتيتين” الذى تم اكتشافه عام 2000 في منطقة الواحات البحرية، وهو جديد فى النوع والجنس على مستوى العالم، وتم ارساله الى جامعة بنسلفانيا للترميم وللأسف بعد اعادته تم حجزه فى الجمارك لدفع رسوم وظل لمدة 8 أشهر فى الصناديق مما ألحق اضراراً به.

فك لسمكة قرش

المتحف كان سبب فى إلقاء الضوء على منطقة وادي الحيتان وجعلها محمية طبيعية ذات تراث عالمي ومع ذلك وزارة البيئة لا تلقي للمتحف أي اهتمام،  أما في معمل المعادن والصخور فيحتاج إلى ماكينة قطع بدل من الشاكوش.

المكتبة تحتوي على 5 آلاف من الكتب النادرة

وبعد أن تجولنا داخل صالة العرض بأقسامها المختلفة لا حظنا فى نهايتها مكتبة المتحف حيث تجلس سيدة خمسينية مديرة المكتبة، فسألناها عن ما تحتويه المكتبة فقالت، مكتبة المتحف الوحيد المتخصصة فى الحفريات على مستوى الشرق الأوسط، وهى مقسمة إلى مكتبة جيولوجية مصر، والمراجع العلمية وبها نحو5 آلاف مطبوعة، وتحتوي على كل ما كتب من أبحاث وكتب عن جيولوجية مصر  والقسم الثانى مكتبة الدوريات العلمية، وتحتوي على 6 آلاف مطبوعة منها المجلة الجيولوجية البريطانية والمجلة الجيولوجية الهندية وهما من أقدم المجلات الجيولوجية العالمية.

كما تحتوي على النسخة الجيولوجية من كتاب “وصف مصر” الذى يعود لعام 1809 وكتاب “اكتشاف منابع النيل “الذى يعود الى عام 1790 وللأسف لاحظنا أن هذه الكتب عرضة للتلف لعدم وجود مكان مجهز لحفظهما بعيدا عن الحشرات والأتربة وملامسة الأيدي، كما أنها تحتاج صيانة  ولا يوجد ماكينة تصوير خاصة بالمكتبة لتسهيل الخدمة لأي زائر للمكتبة.

ومن الجدير بالذكر أن المتحف تجاوز عمره  مائة عام حيث أنشئ عام 1901 وتم افتتاحه للجمهور عام 1904 وكان يتبع الهيئةالمصرية العامة للمساحة الجيولوجية سابقا ويتبع حالياً الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية حيث صدر قرارجمهوري فى عام 2004 بتبعية هيئة المساحة الجيولوجية لوزير البترول وتم تغييراسم الهيئة، و كان أول أمين للمتحف هو تشارلزوليم اندروز 190.

ثم تبعة هنرى أوريون 1906، بينما كان الدكتور حسن صادق، أول أمين مصري للمتحف وكان مكانه فى حديقة الأشغال العامة أمام مبنى الجامعة الامريكية حاليا، وهو مبنى من طراز فريد مبني على الطراز اليوناني الروماني وللأسف فى عام 1982 تم هدم المتحف بسبب أعمال المرحلة الأولى لمترو الأنفاق للأسف قرار الهدم تم اتخاذه بصورة عاجلة وغير مخطط لها وتم فرض الأمر الواقع على هيئة المساحة الجيولوجية فى ذلك الوقت حيث كان التركيز على مشروع مترو الأنفاق ولم يحظ المتحف وما يضمه من ثروه قومية بالاهتمام نفسه.

ونظرا لضيق المساحة، تم نقل بعض المعامل إلى مقر الهيئة بالعباسية رغم أهمية وجودها بالمتحف لما يجرى بها من دراسات، مثل معمل الحفريات الدقيقة، وورش قطع الصخوروالمعادن.

واذا كان المتحف المصري فى التحرير من العلامات فلابد أن يكون المتحف الجيولوجي كذلك حيث لا يقل أهمية وقيمة عنه لما يحتويه من عينات هامة وتحضره وفود من مختلف دول العالم.

https://anbaaexpress.ma/vllqw

جيهان خليفة

كاتبة وباحثة وصحافية مصرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى