الشرق الأوسطسياسة

القمة الإيرانية الروسية التركية.. تباينات ومصالح مشتركة

ترتبط الدول الثلاثة بعلاقات متعددة وروابط إجتماعية وجغرافية، فالعلاقات بين روسيا وإيران الفارسية تعود إلى القرنين التاسع والعشر الميلادي والصراع على الحدود الجنوبية الغربية لبحر قزوين.

وتعززت العلاقات بينهما في عام 1556 السياسية والإقتصادية بحكم الحدود والممرات المائية والطرق التجارية التي مع دول شمال غرب أوروبا وتحديدا إنجلترا وهولندا.

وقد تعززت العلاقات الدبلوماسية بين روسيا ودولة فارس في أواخر القرن السادس عشر.

ولعل أهم ما يذكر من إتفاقيات هو إتفاقية بطرسبورغ عام 1723 والتي تنازلت فيها بلاد فارس لصالح روسيا عن أقاليم قزوين الذي يعد غني بالثروات ومنها الغاز والنفط.

وفي مطلع القرن التاسع عشر زادت روسيا من تغلغلها في جنوب القوقاز وذلك بعد تلقي طلب من جورجيا لحمايتها من الغزو التركي، لذلك فإن للبلدين تاريخ طويل من التفاعلات الجغرافية والإقتصادية.

وترتبط إيران وتركيا جغرافيا وتاريخ وروابط حضارية مشتركة ومع الدول العربية وتمثلان قوتان عسكرية تاريخيا كإمبراطوريات حاليا في الشرق الأوسط.

وشهدت العلاقات الإيرانية التركية فترات مد وجزر على ما يزيد على 500 عام، فقد كان التاريخ شاهدا على الصراع بين التوجه الصفوي الإيراني والتوجه العثماني التركي وإستمر الصراع بينهما حتي تم توقيع معاهدة صداقة في 22 ابريل 1926 نصت على الحياد وعدم الإعتداء والصداقة .

وفي 23 يناير 1932 وقع البلدان في طهران معاهدة ترسيم الحدود وتلتها معاهدة عدم إعتداء بين تركيا وإيران والعراق وأفغانستان، وبعدها جاء حلف بغداد الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية وإنضمت اليه إيران وتركيا وباكستان والعراق حتى قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث إختلفت التحالفات فتركيا إنظمت لحلف الناتو وإيران دخلت في عداء مع أمريكا بعد سقوط الشاه محمد رضا بلهوي .

القمة الثلاثية :

جاء إنعقاد “القمة الإيرانية الروسية التركية “في طهران في ظروف ومتغيرات دولية إستثنائية، وفي ظل إنقسام بسبب الحرب الروسية الأوكرانية والخلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية حول الملف النووي الإيراني بعد الغاء إدارة ترامب للإتفاق النووي في 2018 المبرم في عام 2015 وإعادة العمل بالعقوبات المفروضة على إيران.

وكذلك الخلاف حول التدخل الإيراني في العراق ودعم المقاومة الفلسطينية وحزب الله في لبنان، ولعل الأهم هو التدخل الإيراني في سوريا بطلب من الحكومة السورية التي ترتبطان بعلاقات وتحالف إستراتيجي.

والمخاوف الإسرائيلية من الملف النووي الإيراني والخلافات مع جيرانها الخليجيين حول الجزر الإماراتية الثلاثة والصراع في اليمن.

وجاء الرئيس فلاديمير بوتين الذي حمل للقمة ملفات وأهمها الصراع مع أمريكا وأوروبا حول التدخل في أوكرانيا، وقد وقعت على روسيا عقوبات لم يسبق لها مثيل ويحاول البحث عن تحالفات أو خرق للعقوبات والبحث عن طريقة لنقل الحبوب الأوكرانية .

وتتشارك إيران وروسيا حليفي سوريا في تداعيات العملية العسكرية التركية التي تعتزم القيام بها في شمال سوريا ومن الواضح وجود تباينات وخلافات بين النظرة التركية في الملف السوري، حيث تعد تركيا أحد الأطراف التي دعمت الحرب في سوريا وإستقبلت المعارضة السورية على أراضيها وتتفق تركيا وإيران في الملف الكردي ومواجهة المسلحين الأكراد في هذا الصراع الطويل.

وقد عبرت الولايات المتحدة الأمريكية عن قلقها من التعاون الروسي الإيراني ورغبة إيران في الحصول على منظومة “اس 400” الروسية، وكذلك سعي روسيا الحصول على طائرات مسيرة إيرانية، ونعتقد بأن أمريكا تتخوف من تحركات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعدما رفضت دول الخليج العقوبات الغربية، حيث ترتبط بعلاقات إقتصادية ومصالح مشتركة وكذلك مع الصين وقد إتضح ذلك من خلال فشل الرئيس بايدن في إقناع دول الخليج في العقوبات على روسيا والصين أو العداء مع إيران كما جاء في البيان الختامي لقمة دول الخليج والذي دعا إيران لعلاقات وتعاون وحسن الجوار.

وإنتهت القمة الثلاثية بتوافق الدول على مواصلة التعاون لمواجهة الإرهاب والقضاء على الإرهابيين في سوريا، ودانة الهجمات الإسرائيلية المستمرة على سوريا.

ونعتقد بأن بعضا من نتائج القمة يمكن تطبيقها كالتعاون بين البلدان الثلاثة في إطار مصالحهما المشتركة إقتصادية، أما الملف السياسي فقد تتفق روسيا وإيران بسبب الخلافات مع الولايات المتحدة ولكن تركيا تتحرك في إطار علاقاتها مع الولايات المتحدة الحليف العسكري حيث تتحكم المعطيات والمصالح لكل منهما ولعل مشاركتها تأكيد لذلك.

https://anbaaexpress.ma/9m529

إدريس أحميد

صحفي و باحث في الشأن السياسي المغاربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى