بدأ نحو 29 مليون ناخب بولندي، صباح الأحد، الإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية حاسمة تشكل مواجهة مباشرة بين الحكومة الليبرالية الموالية لأوروبا بقيادة رئيس الوزراء دونالد توسك، وحزب “القانون والعدالة” اليميني المتشدد (PiS) المعارض.
وقد فتحت أكثر من 32 ألف مركز اقتراع أبوابها في عموم البلاد ابتداءً من الساعة السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي، في ظل “صمت انتخابي” صارم يمنع الدعاية واستطلاعات الرأي حتى مساء اليوم، تحت طائلة غرامات تصل إلى 230 ألف يورو.
هذه الانتخابات حسب مراقبين تتجاوز كونها مجرد استحقاق رئاسي، فهي تعد استفتاءً شعبياً غير معلن حول توجه بولندا المستقبلي: بين أوروبا التعددية التي يدافع عنها توسك، وبولندا المحافظة ذات النزعة القومية التي يمثلها حزب PiS.
رغم أن الرئيس في النظام البولندي لا يمتلك سلطات تنفيذية كاملة، إلا أن صلاحياته المؤثرة — مثل قيادة القوات المسلحة، والتأثير في السياسة الخارجية، وحق الفيتو على القوانين — تمنحه دورًا حاسمًا في تحديد مسار الحكم، خاصة أن التحالف الحكومي الحالي لا يملك أغلبية الثلثين اللازمة لتجاوز الفيتو الرئاسي.
في ظل هذا التوازن الهش، قد يتحول الرئيس المقبل إلى كابح أو ميسر لإصلاحات حكومة توسك التي تشمل العدالة، حقوق الأقليات، والحريات الاجتماعية. أما إذا انتصر مرشح حزب PiS، كارول نافروتسكي، فسيتحول القصر الرئاسي إلى معقل مقاومة ضد كل تحرك إصلاحي.
السباق محتدم، ترزاسكوفسكي، المدعوم من التحالف الحاكم، يحظى بتأييد نحو 31.4%، في حين يحصد منافسه اليميني 25.6%، وفقًا لأحدث الاستطلاعات، ما يعني أن البلاد تتجه على الأرجح إلى جولة إعادة في يونيو.
في الخلفية، تترقب أوروبا مخرجات هذا الاقتراع، فبولندا ليست فقط دولة محورية في شرق القارة، بل تشكل جدارًا استراتيجيًا في مواجهة روسيا، وصوتًا مؤثرًا في توازن الاتحاد الأوروبي، لا سيما بعد سنوات من التوتر بين بروكسل ووارسو إبان حكم PiS.
بالمحصلة، ووفق ذات المراقبين، فإن ما يجري اليوم في بولندا ليس مجرد انتخابات، بل مفترق طرق تاريخي بين الانفتاح والانعزال، بين دولة مدنية حديثة وديمقراطية محافظة، وبين الاندماج الأوروبي والخطاب القومي الشعبوي.
https://anbaaexpress.ma/zrjtj
تعليق واحد