د. حسن شايب دنقس
تقترب حرب الكرامة من نهايتها لكن تبرز تساؤلات حاسمة حول مستقبل البلاد، مابعد القضاء على مليشيا الدعم السريع، و نحن أمام أيام حاسمة ستعيد للخرطوم سيادتها الكاملة و من ثم كردفان و دارفور العمليات العسكرية التي قام بها الجيش في الفترة الأخيرة، حققت اختراقات استراتيجية في جبهات القتال..
مما يضع مليشيا الدعم السريع في موقف دفاعي صعب يفضي في النهاية إلى هزيمته شر هزيمة هذه التطورات تعني أن تحرير العاصمة بات مسألة وقت وليس مجرد هدف بعيد المنال.
كما أن تزايد الدعم الشعبي والسياسي للقوات المسلحة أعطاها القوة لاستعادة الأمن والاستقرار، و هذا سيؤدي إلى تسريع عملية الحسم العسكري في كل أرجاء البلاد لأن ما إقترفته المليشيا في حق الشعب السوداني من إغتصابات و إنتهاكات للأعراض وسرقة للأموال و الممتلكات، لم تجعل له خياراً سوى القضاء عليها خاصة بعد تنصلها من تنفيذ مخرجات جدة.
كل الوقائع تشير إلى قرب زوال المليشيا (الدعم السريع) و إقتراب التحريرالكامل لذا لابد من الآن العمل على مشروع المصالحة الوطنية و إعادة هندسة القوة الاجتماعية و الثقافية لأنها من أهم عناصر قوى الدولة الشاملة.
و قد تعرضت لشرخ كبير تحتاج إلى رتق و بناء التماسك الاجتماعي السوداني بصورة تزيل كل الرواسب الاجتماعية و من ثم البدء في إعادة الإعمار و ما دمرته الحرب.
لأن إعادة صياغة الإنسان السوداني بعد الحرب أهم من التنمية العمرانية لأنه أساسها و بعدها ترسيخ مبادئ الرؤية الوطنية التي تتطلب من كل التيارات السياسية الإتفاق على القيم و الثوابت الوطنية لأن هذه القوى على مر تاريخ السودان الحديث أي بعد الاستقلال أضعفت الهوية الوطنية الجامعة أمام بناء الدولة السودانية..
و أدت إلى غياب المشروع الوطني الموحد الذي أدى بدوره لتفكك المجتمعات المحلية واندلاع النزاعات الداخلية فبناء السودان، ما بعد معركة الكرامة، يتطلب تعزيز قيم المواطنة والتعايش السلمي كما يحتاج إلى رؤية استراتيجية توازن بين التنوع الاجتماعي والاندماج الوطني وتعزز من قوة المؤسسات، بدلاً من الاعتماد على الهياكل التقليدية و يتطلب ذلك إصلاحات سياسية واقتصادية حقيقية تخرج البلاد من دوائر الصراعات وتضعها على طريق الاستقرار والتنمية.
* مدير مركز العاصمة للدراسات السياسية و الاستراتيجية