آراء
أخر الأخبار

لا ظلم بعد اليوم

أحرار العالم متذمرون من الحضيض الذي وصلت إليه الإنسانية

أكيد سنرحل كما رحل من قبلنا، وسنغادر وسنموت كما غادر ومات غيرنا، كلمات تشمئز منها النفوس، ولكنها واقع، ولا محالة سيشملنا في يوم من الأيام رحيل ومغادرة وموت.

ولكن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل واحد منا، وهو يسمع أو يقرأ هذه الكلمات: ما نحن فاعلون؟ وبمعنى أدق، ماذا قدمت أنا – بصيغة المفرد – لنفسي؟ ماذا فعلت من خير؟ وماذا فعلت من شر؟ لماذا ظلمت فلانًا وفلانة؟

نعم، لكل حي نهاية، ولكل ميت بداية، والأمر في كل هذا يعود بنا لأسئلة وجودية: من أنا؟ ومن أين أتيت؟ وإلى أين؟ أسئلة تحدد المعنى الحقيقي لوجودي وسلوكي. إنه المعتقد. لا يمكن لأي إنسان على وجه هذه البسيطة، أن تكون حقيقة وجوده غائبة عن تساؤلاته، بأن لا يكون له معتقد يؤطّر سلوكه في هذه الحياة.

ما نراه في عالمنا، وفي وطننا، من تنصل من القيم الإنسانية، ومن انفلات وتسيب وظلم مسلط، وغياب للأمن والأمان والسلم والسلام، ومن عدوان وقهر وجبروت، وغزة خير شاهد على ذلك؛ تم تدميرها وحُرق من فيها، فهذا المثال دليل على ما وصل إليه الإجرام الإسرائيلي أمام صمت الجميع: دول ومنظمات ومنتظمات دولية ومحاكم عالمية.

وهذا لا يمنع من قول حقيقة وجب ذكرها: طلبة وجامعات وبعض الدول انتفضوا غيرة على أهل غزة وما وقع ويقع فيها، ففضحوا جرائم إسرائيل، ونالوا ما نالوا من تضييق وتنكيل وسجن وإبعاد…

نعم، تغير كل شيء، رغم أن العالم أصبح قرية صغيرة، فعوض أن تنتشر القيم الإنسانية النبيلة وتعم العالم ليعيش الجميع في أمن، وجدنا التجارة الرائجة هي البغي والظلم وتغيير وطمس الحقائق. الظالم يصبح مظلومًا، والمظلوم يصبح ظالمًا، في ظل إعلام متصهين، متأمرك، وإعلام “متعربن”، تابع، خاضع، خانع، ناقل للبهتان والكذب المفضوح.

أحرار العالم متذمرون من الحضيض الذي وصلت إليه الإنسانية، فهم يعملون ليل نهار، كل حسب مجهوده، بشكل فردي أو جماعي، أو مؤسساتي، وطني أو دولي، ولكنها تبقى مجهودات معزولة، تحتاج لتظافر الجهود، واستثمار الشبكات التواصلية العنكبوتية المتاحة، والمؤتمرات الجهوية والوطنية والدولية، والمنتديات العالمية السلمية المنعقدة والتي ستُعقد، لبذل الجهود من أجل الوصول لمجتمعات إنسانية حرة في قراراتها، شعارها: “حرية، كرامة إنسانية، وعدالة اجتماعية”.. وسِلم وسلام، وأمن وأمان، وتعايش لصالح الإنسان أينما وُجد أو كان، وصولًا لمرحلة مفصلية ودقيقة في حياة الإنسانية، يصير فيها الشعار المطلوب والمرغوب: “لا ظلم بعد اليوم”.

هي أماني وأحلام، ويمكن القول إنها طوباوية حالمة، ولكنها ستصبح حقيقة في يوم من الأيام، لأن أحرار العالم ضجروا مما رأوا ويرون، والشعوب آلمها واقع الحروب والعدوان والظلم المنتشر عبر المعمور. يكفي فقط إرادة وعزم وتجميع شتات الجهود، والغد سيكون أفضل بإذن الله.

https://anbaaexpress.ma/u6hmd

شكيب مصبير

كاتب وفنان تشكيلي مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى