في تطور وصف بالمفصلي لمسار الصراع الكردي التركي المستمر منذ أربعة عقود، أعلنت جماعة كردية مسلحة، اليوم الجمعة، أنها على مشارف اتخاذ قرار تاريخي يقضي بحل نفسها ونزع سلاحها، في خطوة قد تمهّد لمرحلة جديدة من المصالحة بين الطرفين.
المؤشرات على هذا التحول ظهرت عقب مؤتمر عقده حزب العمال الكردستاني (PKK) بين 5 و7 ماي الجاري، في موقعين بشمال العراق، وفقاً لما أوردته وكالة أنباء الفرات المقربة من الحزب.
المؤتمر، الذي طال انتظاره، شهد مناقشة “قرارات تاريخية” لم يتم الكشف عن تفاصيلها بعد، فيما أكدت قيادة الحزب أنها ستُعلَن في وقت قريب، وسط ترقب محلي ودولي حذر.
وفي تصريح لافت، أوضحت أيسيغول دوغان، المتحدثة باسم حزب المساواة والديمقراطية، أن الإعلان قد يصدر “في أي لحظة”، مما يعكس جدية التحول الجاري داخل أروقة التنظيم الكردي المسلح.
وخلال جلسات المؤتمر، تمّت قراءة بيان منسوب إلى الزعيم الكردي المعتقل عبد الله أوجلان، الذي جدد دعوته السابقة للحزب إلى إلقاء السلاح وحل نفسه، وهي دعوة كان قد وجهها بشكل واضح في فبراير الماضي، مما يؤكد أن التوجه الحالي ليس وليد اللحظة بل نتيجة لمسار داخلي تدريجي يتقاطع مع التحولات الإقليمية والدولية.
وكان حزب العمال الكردستاني قد أعلن في مارس من هذا العام التزامه بعدم تنفيذ أي عمليات مسلحة، ما لم يتعرض لهجوم، في مؤشر على نية خفض التصعيد وبحث عن مخرج سياسي للنزاع المسلح الذي أودى بحياة عشرات الآلاف منذ اندلاعه في ثمانينيات القرن الماضي.
ويرى مراقبون أنه إذا ما تم الإعلان فعلياً عن قرار حل الحزب ونزع سلاحه، فإن ذلك سيمثل تحولاً استراتيجياً نادراً في تاريخ الحركات المسلحة، خاصة تلك التي تحمل طابعاً قومياً.
وتكمن أهمية هذا التطور في كونه ينبع من داخل الحزب نفسه، بدلاً من أن يكون نتيجة ضغوط عسكرية أو هزيمة ميدانية، ما قد يضفي مصداقية على أي مسار تفاوضي لاحق.
كما أن توقيت هذه الخطوة لا يمكن فصله عن السياقات الإقليمية، سواء ما يتعلق بالوضع في سوريا والعراق، أو التوازنات الداخلية في تركيا، حيث يسعى الرئيس رجب طيب أردوغان إلى تعزيز حضوره السياسي عبر تبني ملف السلام الكردي، الذي لطالما استُخدم كورقة انتخابية.
ويبقى السؤال الأهم وفق ذات المختصين في الشأن التركي د هل ستتلقف أنقرة هذه الإشارات بمرونة، وترد بخطوات عملية تجاه الانفتاح على الحل السياسي؟
أم أن التجارب السابقة، التي غالباً ما انتهت بالفشل، ستلقي بظلالها مجدداً على هذه المبادرة؟
الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في الإجابة عن هذا السؤال.