في إطار تخليد الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، نظّمت مديرية التاريخ العسكري لأركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، يوم الثلاثاء 6 ماي 2025، ندوة علمية وطنية بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية بالرباط، تحت عنوان: “مشاركة المغرب في الحرب العالمية الثانية ودوره في التحرير”.
هذه المبادرة جاءت تنفيذاً للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، تجسيداً للعناية الملكية السامية بالذاكرة التاريخية الوطنية، وتقديراً لتضحيات الجنود المغاربة الذين سطّروا ملاحم بطولية في ساحات المعارك الأوروبية.
الندوة، التي نُظّمت بتنسيق مع المكتب الوطني لقدماء المحاربين بالدار البيضاء التابع لسفارة فرنسا بالمغرب، شهدت حضور ثلة من المؤرخين والباحثين وكبار المسؤولين العسكريين والمدنيين من المغرب وخارجه، وجمعت بين الرؤية الأكاديمية والبعد الإنساني والاعتراف الرسمي بدور المغرب المحوري في هذه الحرب العالمية المفصلية.
فصل من التاريخ المشترك المغربي الفرنسي
تطرّق المشاركون في الندوة إلى السياق العام للعلاقات المغربية الفرنسية خلال النصف الأول من القرن العشرين، مسلطين الضوء على التحولات السياسية والعسكرية التي مهّدت لانخراط المغرب في المجهود الحربي إلى جانب الحلفاء.
وتم التأكيد على أن السلطان سيدي محمد بن يوسف (رحمه الله)، قد لعب دوراً حاسماً من خلال نداء النصر الذي وجّهه لدعم فرنسا الحرة، في لحظة فارقة من تاريخ الإنسانية.
جنود مغاربة في معارك التحرير
وشكّلت الندوة مناسبة لاستحضار بطولات الجنود المغاربة الذين شاركوا في معارك حاسمة بتونس وإيطاليا وفرنسا، حيث برزوا بشجاعتهم وانضباطهم وتضحياتهم الجسام، وكان لهم الفضل في تحرير العديد من المدن الأوروبية من نير الاحتلال النازي.
وقد تم تقديم معطيات موثقة حول حجم المشاركة المغربية، سواء من حيث عدد الجنود أو طبيعة المهام الموكلة إليهم، مع التأكيد على دورهم الفعال في تعزيز صفوف الجيوش الحليفة.
شهادات حيّة تكرم روح التضحية
أبرز لحظات الندوة تمثلت في تقديم شهادات مؤثرة لعدد من قدماء المحاربين المغاربة والفرنسيين، الذين استعادوا ذكرياتهم عن رفاق السلاح، وروح الأخوة التي جمعتهم رغم اختلاف الجنسيات والثقافات، في خندق واحد من أجل الحرية والانعتاق من الفاشية.
هذه الشهادات كانت بمثابة تكريم حيّ للروح القتالية والوطنية التي تحلى بها المغاربة في تلك الظروف العصيبة.
ذاكرة جماعية ومسؤولية تاريخية
الندوة أكدت من جديد على ضرورة صون الذاكرة الجماعية للمغاربة الذين ساهموا في كتابة تاريخ العالم الحديث، وجعل هذه الذكرى مناسبة لترسيخ القيم الوطنية في الأجيال الصاعدة، عبر التذكير بالمواقف الشجاعة والالتزام الدولي الذي أبان عنه المغرب.
كما دعت إلى تعزيز البحث التاريخي حول هذه المرحلة وتوثيق كل المعطيات المتعلقة بها.
لقد كانت هذه التظاهرة العلمية والوطنية، محطة نوعية في سبيل ترسيخ الاعتراف بمساهمة المغرب في الانتصار على النازية، وامتداداً طبيعياً لسياسة المملكة القائمة على الوفاء لتاريخها والمساهمة في تحقيق السلم العالمي.