إعداد: معهد الآفاق الجيوسياسية
قبل أيام قليلة من اجتماع حاسم لمجلس الأمن الدولي حول مستقبل النزاع في الصحراء المغربية، تسرب تقرير داخلي للبعثة الأممية “المينورسو” يكشف الواقع المعقّد على الأرض: تحسن ميداني ملحوظ يقابله انسداد سياسي متزايد، تتحمل مسؤوليته الأساسية جبهة البوليساريو.
نجاحات تقنية… بلا أثر سياسي
ألكسندر إيفانكو، رئيس البعثة الأممية، أعدّ تقريرًا نصف سنوي يعرض فيه تفاصيل دقيقة حول عمل المينورسو.
على المستوى الميداني، يبدو أن الأمور تسير بشكل أفضل من أي وقت مضى: الإمدادات منتظمة، المروحيات تعمل بانتظام، وحتى الأنظمة الشمسية نُصبت في مناطق نائية كـ “بير لحلو” و”ميجك”، مما حسن ظروف العيش هناك.
ورغم هذا النجاح التقني، يشير التقرير إلى أن المهمة الأممية عاجزة عن التأثير في مسار النزاع، الذي يتجه نحو مزيد من التعقيد.
رمضان دون هدنة… والبوليساريو خارج المعادلة
في فبراير الماضي، جددت المينورسو دعوتها لوقف إطلاق النار بمناسبة شهر رمضان. المغرب تفاعل بإيجابية مشروطة، مبرزًا احترامه التام للاتفاقيات الأممية ما دامت أرواح جنوده والمدنيين في مأمن. بالمقابل، تجاهلت البوليساريو النداء تمامًا.
هذه ليست المرة الأولى، فالجبهة ترفض باستمرار التعاون مع البعثة، حتى في التحقيقات حول الضربات الجوية بطائرات مسيرة. وبحسب التقرير، فإن المينورسو لم تتلقَّ أي إذن من البوليساريو للوصول إلى مواقع الهجمات المفترضة شرق الجدار، ما يجعلها عاجزة عن تنفيذ مهمتها الأساسية: المراقبة والتحقق.
صواريخ في ذكرى المسيرة الخضراء: الخط الأحمر
الحادث الأكثر حساسية وقع خلال إحياء ذكرى المسيرة الخضراء في نوفمبر 2024، حين سقطت صواريخ قرب سوق بالمحبس حيث كان المواطنون يحتفلون.
لم تُسجل إصابات، لكن وقع الصدمة كان سياسيًا كبيرًا، خاصة أن المغرب اعتبره استفزازًا يمس إحدى أقدس رموزه الوطنية، محذرًا الأمم المتحدة من أن الرد سيكون مناسبًا في الوقت والمكان الذي يراه مناسبًا.
الطائرات المسيّرة تغير قواعد اللعبة
يشير التقرير إلى تحول نوعي في طبيعة النزاع، بعد اتساع استخدام الطائرات بدون طيار، خاصة من الجانب المغربي، في مهام مراقبة وهجوم دقيق. وتوثق فرق أممية مشتركة آثار الضربات في مواقع ميدانية، بما يشير إلى أن الطائرات تُستخدم لضرب أهداف لوجستية أكثر من كونها موجهة ضد الأفراد.
البوليساريو… عائق أمام الحل
وفق تقييم إيفانكو، فإن رفض البوليساريو التعاون – سواء في التهدئة أو في التحقيقات – يعكس استراتيجية متعمدة لعرقلة جهود التسوية السياسية. ويضيف التقرير أن الهجمات تراجعت مؤقتًا خلال أواخر 2024، لكنها عادت للارتفاع مع بداية العام الجاري.
جلسة أبريل… هل يراجع مجلس الأمن موقفه؟
في ضوء هذه المعطيات، قد تمثل جلسة 14 أبريل فرصة لإعادة النظر في طريقة تعاطي الأمم المتحدة مع هذا الملف. فبين تعنت البوليساريو، واستفزازاتها المتكررة، والتطور التكنولوجي في أدوات الحرب، تبدو الحاجة ملحة إلى مقاربة جديدة.
كما أن عودة إدارة ترامب إلى البيت الأبيض قد تضيف زخمًا للموقف المغربي، خصوصًا مع نوايا معلنة بدعم السيادة على الأقاليم الجنوبية.
تعليق واحد