الحرب تخاض بالسنان واللسان والبيان

زميل فاضل لي في مونتريال يستأنس بوجهة نظري في العديد من القضايا أرسل لي تسجيل فيديو لرجل مصري يدعى (وسيم السيسي) يتحدث عن الصهيونية منذ عام 1907 م كبير السن ظننت فيه الحكمة والعقل يزعم فيها أن الصهيونية لها خمسة أذرع منها تنظيم الإخوان المسلمين المصري؟ وأن حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين هو ماسوني كون اسمه (البنا) والرجل ساعاتي، ولأن الماسونيون معروفون باسم البناؤون الأحرار لذا فضح البنا نفسه؟ حين نسب اسمه الى البنائين الأحرار الماسونيين جهرا علانية؟ هكذا بكل هذا الغباء؟ ولأن المخرج والوسيم بدون وسامة يتوقع غباء المستمع أو جهله بالوقائع فقد مضى العجوز (الحكواتي) يسترسل في ثرثرة طويلة عن التاريخ المصري وأن مصر أم الدنيا وأن إسرائيل سوف تلتهم الأخضر واليابس إلا مصر.

ولأن الرجل أعني زميلي في مونتريال أقدره جدا فقد أرسلت له وجهة نظري على صورة نفثات، والله أمرنا أن ننصف الناس جميعا بمن فيهم خصومنا.

ولأن الحرب اليوم أسلحتها اللسان والمنصات والمحطات الفضائية فقد راعني أمر عجيب من ثلاث زوايا؛ فإما يأتي الفيديو فيحمل خبرا كاذبا مثل مات اليوم الشرع الرئيس السوري الجديد بسقوط طائرته؟ أو أن الحوثيين من اليمن أحرقوا تل أبيب وتم قتل النتن؟ أو يأتي الخبر ولا علاقة له جدا بالمحتوى كسبا للمشاهدات، أو سما تنفثه أفاعي الكوبرا الإعلامية؟ لذا نحن نعيش كما أسميها عصر المسيح الدجال ولا غرابة أن قال القرآن أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم؟

قلت للزميل: سمعت للسيسي بدقة (الذي ينغم لصديقه العسكري السيسي) لما وعدتك مع انه اضاع من وقتي ساعة ثمينة لا يستحقها. سمعتها اكراما لك لأنك اردت رأيي كونك ترتاح لتقييمي. هو حكواتي ممتاز بثرثرة مصرية معهودة. (لهجتهم تعينهم).

ومما جاء في محكم كلام الرجل أن الربيع العربي كذبة كبيرة وتدمير ممنهج وأنه خراب الامة، وهذا يرسخ ويكرر ما تريده دعاية المؤسسة العسكرية في مصر، التي تلتهم المصريين المساكين بأشد من الجرذ الجائع لجبنة المصيدة.

أما حديثه عن المصريين بأنهم أمة من دون الناس فيعود للجغرافيا حيث جميع الناس هناك من مسلمين وأقباط  فليس أمامهم أن يعيشوا إلا على جنب النيل؛ فليس ثمة إلا الصحراء القاتلة دونها، هذا ما كان من مصر منذ آلاف السنوات، خلاف الوضع في سوريا بجبالها أو العراق بجبال كردستان وقنديل حيث يعتصم الأكراد الشوفينيون. ومنه فإن مصر تنتج الأديان والمذاهب وتصدرها مثل الدروز والحاكم بأمر الله من إفرازات الدولة الفاطمية.

 أما قصة حسن البنا أنه ماسوني فهو مثل قصص جحا الكبرى؟ وأنصحك بمراجعة ما كتب الوردي العراقي في موسوعته الشهيرة عن الماسونية. الرجل وأمثاله ومقدم البرامج أعرفهم هم من أشياع السيسي أانصاره حتى يأذن الله بالفرج للشعب المصري كما حصل للسوريين حتى الان؟ وفيما يتعلق بالصهيونية أنه سوف يمتلكون كامل المشرق (من النيل حتى الفرات) هو مرض لليهود قبل غيرهم، وهذا سيقود الى هلاكهم كما تنبأ يسوع لهم ما جعل الحواريون يغادروا فلسطين واليهودية.

 ومنه حتى تشكل حكما واضحا لابد من تصور مبني على معرفة ناضجة واطلاع كافي . صاحبك خلط عباس بدرباس. ولا يستحق السماع لكثرة الهذيان في طوفان الفيديوهات الحالي كل يدعي الحقيقة النهائية.

لو أردنا فكفكة تخريفاته لاحتاج عشرات الصفحات. وفيما يتعلق بحسن البنا فقد تم اغتياله على يد المخابرات البريطانية والملك فارق غالبا.

انتهى الرجل اغتيالا كما  حصل مع أنطون سعادة في لبنان حين تم إعدامه في لبنان فقام عناصر من الحزب القومي السوري باغتيال رئيس وزراء لبنان يومها رياض الصلح في زيارة له إلى الأردن بدعوة من الملك عبد الله يومها.

وكلاهما دفع ثمن العنف نهاية دموية الله يرحم الاثنين = حسن البنا من عقابيل مصرع النقراشي (رئيس الوزراء يومها) بيد مهووس من أتباع البنا، ومثله من قام باغتيال المالكي في دمشق يومها من عناصر الحزب القومي السوري الاجتماعي. فالعنف والدم يورث الدم والعنف .

وكما قال يسوع طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض أو مثل الزرع والزارع كما وصفها المعلم. الأمر الثاني في جعجعة صديقك وهو الأهم والذي غفل عنه المدعو (السيسي) بدون وسامة فحاول الدفاع عن المؤسسة العسكرية في مصر التي دمرت الإنسان والأوطان كما وصفها الفيلسوف البدوي الذي ترك خلفه تسعين كتابا وهرب إلى فرنسا وترك ذكرياته في جزئين أنصحك بالاطلاع عليهما يقول فيها أن الوطن مع العسكر انتهى.

وحاليا ثمة منصات ومحطات ينفق عليها المال لتزيين وجه الوحش العسكري. بكل أسف مع مجيء مرسي ظهر الوجه المدني وثمة أمل في ولادة شبه ديموقراطية في مصر يتم فيها تبادل السلطة السلمي ولكن العسكر قتل المرسي بالتعاون مع الأعراب أشد كفرا ونفاقا. وصاحبك الوسيم بدون وسامة يمر على هذه الظاهرة كاذبا منافقا بكل أسف. الأمر الأدهى والذي ثرثر فيه بدون عمق فلسفي هو موضوع الصهيونية فهو عجل السامري وكما تسمع مني وأنا أكررها بدون ملل: كن يهوديا لاتكن صهيونيا.

كن مسيحيا لاتكن صليبيا. كن مسلما لاتكن داعشيا. كن بوذيا لا تضطهد الروهينجا، فنحن عباد الله كما قال يسوع شمس الله تشرق على الأبرار والأشرار.

وحين يتحدث عن الأذرع الخمسة لبني صهيون يقول أن أحدها هي حركة الإخوان المسلمين كما ذكرنا وهو ظلم وافتراء لجماعة أرادت النهضة بالأمة بعقلية معينة أعرفها تماما فهي تحتاج إلى التطوير وأهم تطوير هو الإيمان بالتغيير السلمي والمشاركة ونقل السلطة السلمي.

انصحك بقراءة بضعا من مؤلفات (جمال البنا) وهو أخو حسن البنا الساعاتي الصغير خاصة في كتابه (رسالة إلى أخواني الأقباط).

بالمناسبة عندي في كندا كل مؤلفات جمال البنا وقام الرجل رحمة الله عليه بالتعاون مع هشام حافظ بتقديم كتابي (فقد المناعة ضد الاستبداد). ومنه أقول لو أن حركة الإخوان المسلمين في مصر دمجت بين روحانية حسن البنا مع عقل جمال البنا لكانت خيرا كبيرا، كما هو الحال في جماعة التبليغ في الهند فهم روحانيون يذكرون بالقديسين يستلهمون كما فعل غاندي التوراة والإنجيل والفيدا والأوبنيشاد وتعاليم كونفوشيوس والزرادشتية النقية؛ فكلها طرق هدفها الرقي بالإنسان، وصاحبك بدون وسامة باع وكرس روحه  للعسكر، ومعه طبعا مقدم البرنامج الذي كان حريصا على خدمة العسكر الذين سحقوا آلافا من أتباع حركة الإخوان المسلمين في ساحة رابعة العدوية من أجل تكريس الصوص الجديد عفوا السيسي ليقول أن كلمة البنا جاءت من الماسون الذين يطلقون على أنفسهم البنائين الأحرار؟

واحسرتاه على الاثنين؟