آراءثقافة

الصلاة في ميزان التشريع

Prayer in the balance of legislation

ليس هناك فائدة مرجوة من هذه الكلمة ولا يجدي البحث فيها وعنها ولن تضيف للعقل الجمعي الواعي الإنساني إضافة تذكر؛ وتجيء كتابتها من باب المراجعات الفقهية والفكرية لعموم دراسة النصوص الدينية الإسلامية فقط ولا يترتب عليها حكم أو قياس أو خصم وكل ما في الأمر هو شحذ الفكر وترويضه وتحفيزه نحو الاطلاع في جملة الموروث الإسلامي التاريخي المعروف لنصل في النهاية لفكرة تجديدية عساها تنفع ذات يوم من الأيام.

الموضوع the topic

ذُكِرَت الصلاة في القرآن الكريم بطريقتين مختلفتين من حيث الرسم الإملائي أو غن شئت الرسم القرآني وسبق توضيحه من قبل في هذا الكتاب الذي بين يديك ، ذكرت كاسم وكفعل، ويبلغ عدد ورود كلمة صلواة في القرآن الكريم نحو مائة مرة، حيث جاء ذكرها اسماً في نحو خمسة وثمانين مرة، وجاء فعلًا في نحو خمسة عشر مرة.

بتلك المقدمة التعريفية الموضوعية المقتضبة والتي في كل مرة أؤكد فيها عدم التطرق لأي معتقد ديني أو شخصي؛ يطيب لي وأنا أحصر حديثي فقط عن القرآن الكريم لا غير ، أقول الآتي :

1 / رغم ذكر لفظة الصلواة في القرآن بالعدد أعلاه إلَّا أنَّها جميعاً لا تعني ” الصلاة ” المعروفة لدينا نحن المسلمين التي نؤديها في اليوم خمس مرات من الناحية اللغوية والمصطلحات الدلالية / راجع كلماتنا السابقات حول هذا الموضوع المكمل لها في كتابنا تحت الإعداد ( الفكرة الإنسانية العالمية ) بل تفيد وتشير لمعاني بعيدة كل البعد عن المعاني التي قال بها المفسرون والفقها قديماً وحديثاً وما أثبتناه أصوب وأجود إن شاء الله من أنَّها متعدية المعنى لا لازمته ؛ ويختلف معناها من موضع لآخر حسب موقعها من الجملة والسياق والصياغ النصي القرآني التي وردت فيه.

2/ لم تفرض الصلاة ذات الأداء الحركي المعروف في السنة الثانية من الإخراج النبوي الشريف ولا في السنة الثالثة قبل الإخراج النبوي ، لا هذا ولا ذاك ، بل كانت معروفة عند النبي عليه السلام قبل المبعث الشريف حين خلوته بغار حراء وكان يتعبد فيه بالحنيفية دين إبراهيم الخليل ثم رُأِيت عنده التزاماً بداية الدعوة في مكة المكرمة ثم حاكاه فيها اتباعه فيما بعد؛ بعد انتشار الدعوة وزيادة الاتباع؛ وفرضها فيما يفهم من الكلام والسياق أعلاه كان بطبيعة التقليد والمحاكاة لأتباعه بالممارسة والاقتداء؛ أو بمعنى ثاني؛ كانت بداية المبعث قرين الدعوة بالنسبة لبقية الناس أمَّا بالنسبة له هو فكانت قبل المبعث كما ذكرنا؛ راجع الميديا والسيرة النبوية لابن هشام وابن إسحاق وكتب الصحاح وخلافهم .

3 / لم تذكر الصلاة بطريقتها وفرضيتها وكيفية اداءها وما يلزم في أي آية من القرآن الكريم؛ كما نصَّ القرآن على ذكر فرضية الصيام والحج ولم يقر فرضية الصلاة مثلهما صراحةً بسورتي البقرة والحج.

4 / يجب التفريق بين الرسم الاملائي القرآني بين كتابتها هكذا : الصلواة وهكذا الصلاة ؛ فاختلاف الرسم يفيد اختلاف المعنى والدلالة؛ راجع النصوص التي وردت فيها اللفظة المستخدمة في القرآن الكريم مما سبق بيانه .

5 / القرآن الكريم؛ لم يفرض الصلواة / الصلاة؛ على المسلمين المحمديين؛ كفرضه عليهم الحج لمن استطاع إليه سبيلاً والصوم مع بعض الاستثناءات المعروفة كالسفر والمرض مثلاً؛ بل فرضها النبي محمد صلى الله عليه وسلم على أمته بموجب حقِّه في التشريع لقومه وأمته؛ وباعتباره مصلح اجتماعي له خاصية النبوة والرسالة؛ وهذا الحق الرسالي النبوي يشمل كل الأنبياء والمرسلين ليردوا قومهم إلى جادة الطريق نحو الله؛ بطبيعة الحال وليس النبي محمد عليه السلام هنا بمعزل عن ذلك بل هو حقيق بما يقبل معه الشك بتاتاً .

6 / اختلف العلماء والمفسرون والفقهاء قديماً وحديثاً في حسم فرضية الصلاة من القرآن الكريم ولماذا لم تذكر كالحج والصيام مثلاً ؛ وذهبوا مذاهباً شتَّى ولم يصلوا إلى شيء ذي بال؛ لذلك؛ قدَّمت بتلك المقدمة التي ارتضاها الكثير منهم بأن لا جدوى يرجى من وراء البحث عن تأصيل حكمها وفرضيتها على المسلمين المحمديين ولا داعي لضياع الوقت والجهد فيما لا طائل منه وفيه؛ راجع الميديا وكل المصادر التاريخية الإسلامية المعروفة وحدثني إن وجدت قطعية الرأي حول موضوع الصلاة فأنا أنتظر وارتقب إلى ما لا نهاية .

7 / ذهبوا للتخبط حول أوقاتها في سورة هود : { واقم الصلواة طرفي النهار وزلفا من الليل؛ إن الحسنات يذهبن السيئات؛ ذلك ذكرى للذاكرين }؛ فقالوا : أشارت لوقتيها وفرضيها أول النهار وهي صلاة الفجر وزلفاً من الليل هي المغرب والعشاء؛ ولهم في ذلك ولع وجهد عظيم؛ ثبَّت الله الأجر والثواب إن شاء الله.

8 / قالوا أيضاً : إنَّ الآية الكريمة : { من قبل صلواة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلواة العشاء } سورة النور؛ أشارت لوقت وفرض الفجر والظهر والعشاء؛ وما أرى لهم هذا برأي؛ ولكنه محل احترام وتوقير بلا شك وتفيد كلمة الصلواة هنا الزيارات الاجتماعية في أوقات بعينها ولا تعني الصلاة المعروفة سابقة الذكر .

9/ ثم ذهبوا لإثبات فرض ووقت صلاة العصر من الآية : { والصلواة الوسطى وقوموا لله قانتين } سورة البقرة؛ ولست أرى رأيهم وسبق شرحها من قبل بأنَّها تفيد الحفاظ على اللُحمة الأسرية الزوجية بعدم الطلاق ؛ ويمكنكم مراجعة الفرق بين الرسمين بالمصحف للفظة الواحدة لتعرف وتفهم .

10 / أي عبادة دينية إسلامية من الله تعالى فرضاً أو نبيه فرضاً وتكليفاً لا اعتراض عليها مطلقاً وعلينا اجادتها والزيادة فيها قدر الإمكان طلباً للمعرفة وطمعاً في الجنة وخوفاً ونجاة من النار.

11 / لم يذكر القرآن أي عقوبة رادعة أو كفَّارة واجبة لتارك الصلاة أو المستهين بها أو الغافل عنها؛ وبذات فهمنا لسلطوية القرآن على الحديث النبوي الشريف الذي يعلو ولا يُعلى عليه فإنَّ ذلك يعني بالضرورة مراجعة كل تلك النصوص المنسوبة للجناب النبوي الشريف فيما يتعلق بعقوبة تارك الصلاة وبالتحديد الفتاوي الفقهية، فما هو أعلى من الحديث باتفاق أهل القبلة يجُبُّ ما دونه من كلام البشر بلا ريب ؛ والقاعدة الفقهية الأصولية تقول : لا اجتهاد مع النص ، حيث لا نص.

12 / ما لم يذكره القرآن لا يعني أيضاً بالضرورة عدم وجود تكليفه أو أمر نبوي به لاتباعه بالاتباع والاقتداء ؛ بل وجوده ووجوبه من الضرورة بمكان بطبيعة الحال : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً } سورة الأحزاب.

13/ منهج وتكليف وفرضية وتشريع الصلاة وتحديد أوقاتها وعددها وهيئتها وحركتها وسكناتها هي من صميم القول النبوي صراحةً وأمراً لأتباعه والمؤمنين به والمعتقدين فيه والمقلدين له والممتثلين لأمره : { صلوا كما رأيتموني أُصلي } وقوله الشريف : { خذوا مناسككم عني } وينبغي علينا طاعته فيما أمر به تحقيقاً لقول الحق عز وجل : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ” } (الحشر، الآية 7) وقوله تعالى : { مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ۖ وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا } سورة النساء ، إلى غيرها من الآيات.

14 / ليس هناك أوكد ولا أبر ولا أقوم ولا أفضل ولا أذكى ولا أزكى ولا أهدى من الصلاة؛ وهي عمل الحُذَّاق والأذكياء والنبهاء والمُدَّاح والدراويش وملتحفي الأرصفة وملتصقي الطرقات ومتصوفي الجوامع ومستنيري الفكر وعباقرة القوم وأغبياء العامة وسالكي الطريق الذين يعرفونها حق معرفتها ويقدرونها حق قدرها وكذلك الذين يجهلونها ويجهلون قدرها كلٌ على حد سواء فلا منحا ولا منجا ولا ملجأ إلَّا بها وفي ذلك فليتنافس المتنافسون خوفاً وطمعاً : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً } سورة المائدة.

15 / القرآن الكريم ذكر الكفَّارات ولم يذكر العقوبات إلَّا في أضيق نطاق كالجلد في الزنا والقصاص في القتلى وجزاء قاطع الطريق ( سورة المائدة ) ؛ فعلينا مراجعة وتأصيل تفاصيل ما قال به الأقدمون لنحذو حذو المصحف الشريف الأولى والأثبت والأقوى؛ حذو المنكب بالمنكب والقدم بالقدم فيستقيم الصف المعوج من الفكر والفقه والتفسير بجديد الطلع ونضيد الثمر وبهي المنظر وحلاوة المذاق بلا إكراه ولا جبروت قال تعالى : { نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد } سورة ق .

https://anbaaexpress.ma/cv33v

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى