آراءالشرق الأوسطتقارير

فضيحة مونديال قطر عام 2022

في التراث الإٌنساني نرى دوما خدعة يتم تسويقها بأنها الخير المحض وهي الشر كاملاً.

في التراث اليوناني قصة حصان طروادة وقد أوردها مشيو كاكو في كتابه فيزياء المستحيل (سلسلة عالم المعرفة رقم 399 الصفحة 307)، أن كساندرا كانت بنت ملك طروادة، أحبها أبولو اله الشمس وإذ رفضت الزواج منه فقد غضب عليها وقال سأعطيك خصلة رؤية المستقبل، ولكن مع عدم تصديق الناس لك فلما انسحب اليونانيون من حصار طروادة تركوا خلفهم حصانا خشبيا هائلا، احتشد في بطنه نفر مع أوديسوس ملك ايتكا المخادع فصاحت كساندارا انتبهوا فهو ليس حصان نصر لكم بل يحمل في بطنه الكارثة، فلم يصدقها أحدا بل إحتفلوا بالنصر بعد حصار عشر سنوات وسجنوا كساندارا فكانت الكارثة.

وفي كتاب روبرت غرين (القوة صفحة 612 ضمن القانون 44) يذكر فيها قصة مشابهة عن الميدوسا الغرغونية التي كانت مصدر فزع للناس من ثعابين على رأسها بدل جدائل الشعر، ولسان بارز إلى الخارج وأسنان ضخمة ثقيلة ووجه قبيح، إلى درجة أن كل من ينظر اليه يتحول إلى حجر بسبب الخوف.

ولكن البطل بيرسيوس تمكن من قتلها بطريقة فنية وذكية جدا، عن طريق تلميع درعه البرونزي حتى تحول إلى مرآة ثم استخدم الانعكاس في المرآة ليقوده وهو يزحف إلى قطع رأسها دون أن ينظر لها مباشرة.

فإذا كان الدرع مرآة، في هذه الحالة فقد عملت المرآة كنوع من الدروع، فلم تستطيع الميدوسا أن تنرى برسيوس بل رأت أعمالها فقط وهي تنعكس على صفحة المرآة ومن خلف هذه الستارة تسلل البطل وقضى عليها.

ذكر روبرت غرين هذه القاعدة بفلسفة تقول: تعكس المرآة الحقيقة، ولكنها أيضا السلاح الأمثل للخداع، فعندما تقلد أعداءك كأنك مرآة لهم تفعل مايفعلونه بالضبط فإنهم لايستطيعون أن يفهموا خطتك الاستراتيجية، ذلك أن تأثير المرآة يسخر منهم ويذلهم مما يجعلهم يفرطون في ردة فعلهم، وبرفع المرآة أمام نفوسهم فإنك تغويهم بوهم كونك تشاطرهم قيمهم وبرفع المرآة أمام أعمالهم فإنك تلقنهم درسا.

قليلون هم القادرون على مقاومة تأثير المرآة، في هذا الجدل تأتي قصص مكررة من ثقافات شتى ومن التراث الإسلامي، نرى قصة مسجد الضرار فظاهره بيت للعبادة وباطنه مركزا للتآمر وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون؟ ثم يتابع القرآن مقارنته فيقول، لاتقم فيه أبدا ثم يعلل؟ لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه، فيه رجال يحبون ان يتطهروا والله يحب المطهرين.

لينهي المقارنة بين بنائين: أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أم من أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم؟ والله لايهدي القوم الظالمين.

لينتهي إلى الحكم النهائي وهي يذكر بمونديال قطر الذي بناه المبذرون ليقول حكمه فيه وأمثاله: لايزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم والله عليم حكيم.

لقد جاءني من الأخ القطبي من طنجة أكثر من شرح للكارثة، فذكر أن وصمة عار أخرى على جبين قطر التي تدعي أنها تعمل ما في وسعها لترفع رأس العرب، فقطر أنفقت أكثر من 200 مليار دولار من أجل تنظيم نسخة مونديالية ناجحة، وإذا ما تتبعنا المبلغ فسنجد أنه حط الرحال بالبنوك الأوروبية و الأمريكية على اعتبار أن الشركات الأمريكية والاوروبية هي من استحوذت على أهم الصفقات وأكثرها، أما دول الجوار فقد أرسلت اليد العاملة التي اشتغلت على امتداد السنوات الأخيرة في أوراش البناء، وقد ذكرت تقارير جمعيات حقوقية أن ٱلاف الهنود والمصريين والبنغاليين والصينيين قد لقوا حتفهم وهم يزاولون مهام خطيرة، ولكن جهود تلك الجمعيات في تسليط الضوء على تلك الحوادث وعلى عدد الضحايا قد باءت بالفشل، في ظل تواطؤ الإعلام الغربي الذي عودنا على الشفافية والحيادية في نقل الأخبار إلا أنها اختارت هذه المرة التواطؤ مع قطر والدول العظمى التي تقاسمت الكعكة، وآثرت الصمت، فالضحايا لم يكونو سوى بشر من الفئة الثالثة، ولا أحد سيكترث لأمرهم.

وأضاف الأخ القطبي الفهيم: دائما في إطار الأخبار المرتبطة بالمونديال، ذكرت تقارير صحفية مطلعة أن الإتحاد الدولي لكرة القدم FIFA سوف يحقق أرباحا صافية تقدر ب 4,7 مليار دولار، ذلك أن النفقات بلغت 1,7 بينما ينتظر أن يتحصل الفيفا على عائدات بقيمة 6,5 مليار، في انتظار أن تصرح قطر بما ستجنيه من أرباح بعد استثمارها لما يفوق 200 مليار دولار، المعلومة قد تنفع في تبيان رشد الفيفا من غي القائمين بأمر قطر، فهذا استثمر 1,7 مليار ليحقق أرباحا ب4,7 مليار دولار، وذاك استثمر 200 مليار ليرفع رأسنا بين الأمم ولن يزيدها إلى تمريغا في الوحل.

إن كانت قطر قد صرفت بسخاء فيمكن أن نستسيغ ذلك على اعتبار أنها دولية صغيرة تسبح فوق بحر من الغاز، ومهما أنفقت فهي لا تأخذ إلا مقدار ما تغرفه إبرة من بحر، فالاخبار القادمة من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تقول بأن أعضاء البعثة المغربية التي انتقلت إلى قطر سيحصل كل فرد منها على مبلغ 100 ألف دولار كمصروف للجيب، علما أن المبيت والأكل وما عدى ذلك يقع على عاتق الجامعة، يحدث هذا في دولة لا يتعدى دخل الفردي فيها حوالي 3000 دولار سنويا، أي أن ما خصصته الجامعة كمصروف جيب يعادل ما يتقاضاه المواطن المغربي في 33 سنة في المعدل.

يذكرني مونديال قطر بقصة الأصمعي والغلام، ففي يوم قام الأصمعي باختبار غلام قال له يا بني ماتقول لو أعطيتك الف دينار وتكون أحمقا؟ صعق الغلام لشهية العرض؟ فكر الغلام هنيهة ثم قال: لا والله ياعماه؟ يقول الأصمعي ويلك انها الف دينار؟ يرد الغلام: أضيعها يا عمي وأبقى أحمقا؟؟ وهذا سيكون مصير قطر بنصف قطر بعوضة منتفخة بدم نجس.

https://anbaaexpress.ma/ijuwk

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى