آراءأفريقيا

الدور الإفريقي في حل الأزمة الليبية

تتميز ليبيا بموقعها الجغرافي على الساحل الجنوبي للمتوسط، وقد لعبت موانئها دورا هاما في حركة التجارة وكذلك عبر المنافد البرية، في حركة التجارة لمختلف الأقطار الإفريقية مع العالم الخارجي، وشهدت ترابط بين الحضارات وإمتزاج للتيارات الثقافية والحضارية العربية الإسلامية.

سياسيا، كان دور دولة ليبيا التي استقلت في 24 ديسمبر عام 1951، مقتصرا على العلاقات الدبلوماسية مع الدول الإفريقية المستقلة.

وتعاظم الدور الليبي بعد عام 1969، حيث تبنت القيادة الليبية دعم حركات التحرر في إفريقيا، وقد ذكر الراحل  معمر القذافي، في مؤتمر التحرر في يناير 1972، وذكر بأن حرية القارة الإفريقية قضية واحدة لا تتجزأ.

وبذلك قدمت ليبيا الدعم بالسلاح والتدريب والمال مما عجل بإستقلال العديد من الدول الإفريقية، وأهمها  جنوب إفريقيا وتبني قضية محاربة الميز العنصري من خلال دعم الزعيم الإفريقي الراحل” نيلسون مانديلا “، بل ساهمت في الوقوف في وجه التغلغل الإسرائيلي في القارة السمراء.

وإستطاعت ليبيا، في لعب أدوار بارزة داخل القارة الإفريقية في بداية السبعينيات والتسعينيات، وواجهت التواجد الأوروبي الفرنسي الأمريكي في عدة دول، وبادرت بإنشاء تجمع الساحل والصحراء في 4 فبراير 1998، وتوج الدور الليبي بإعلان الإتحاد الافريقي 9-9-1999 بناءا على المقترح الذي تقدم به الراحل” معمر القذافي “وتبناها القادة الأفارقة في إجتماع منظمة الوحدة الإفريقية في مدينة “سرت”  الليبية.

هذا الإنجاز وضع أمريكا وفرنسا أمام خيار الإعتراف بدور هذا الكيان القوي، والذي يعتبر ثاني أكبر القارات من حيث المساحة والسكان.

موقف الإتحاد الإفريقي من الأزمة الليبية 

عارض الإتحاد الإفريقي، التدخل العسكري في ليبيا  وطالب بحل سلمي، على الرغم من وجود إنقسام بين دول  متحمسة، لإيجاد حل إفريقي في مقدمتها جنوب إفريقيا والكونغو برازفيل ومالي وغيرها من الدول، والتي ترى في الدور الليبي هو الدعم الأساسي لإستمرار الإتحاد و مؤسساته، من خلال المساهمة السخية التي تدفعها ليبيا، وكذلك لارتباطها بمصالح دولهم من خلال الاستثمارات الليبية الكبيرة، وبين دول فضلت الصمت لرغبتها في تغيير النظام في ليبيا، وفق مصالحها التنافسية مع الدور الليبي القوي مثل السنيغال ونيجيريا.

وشكلت لجنة خاصة رفيعة المستوي للإتحاد الإفريقي تكونت من جنوب إفريقيا والكونغو برازافيل و مالي وموريتانيا وأوغندا،  ولكن التحرك العسكري للناتو، كان أسرع و الذي أراد التخلص من الدور الليبي وقوته في القارة وخاصة فرنسا.

الدور الإفريقي في ظل تعقد الأزمة الليبية 

مما لا شك فيه بأن تأثيرات الأزمة الليبية، لها تداعيات على الجوار الإفريقي والأوروبي، ومن تمثلات هذه الأزمة إنتشار الإرهاب وإنتهاك الحدود و تفشي الهجرة غير الشرعية.

مما طرح تساؤلات عن غياب الدور الإفريقي، وإن عقدت إجتماعات وتم تناول الملف الليبي في القمم الافريقية، على الرغم من الأدوار التي قام بها المغرب، والتي إحتضنت حوارات ولقاءات بين مختلف الأطراف الليبية، وأهمها إتفاق السياسي الليبي في  الصخيرات 17 ديسمبر 2015 برعاية الأمم المتحدة، والذي أنتج حكومة الوفاق والتي تكونت من رئيس وخمس نواب ووزيري دولة.

إجتماع الجزائر لوزراء خارجية دول جوار ليبيا ( ليبيا و مصر وتونس و النيجر و تشاد والسودان و الكونغو الديمقراطية )، بحضور المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ” يان كوبيش” وإلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية ” أحمد أبو الغيط ” ومفوض الإتحاد الإفريقي للشؤون السياسية والسلم والأمن، “بانكولي أديوي”.

والدور المصري البارز في وقف إطلاق النار في 23 اكتوبر 2020، وإحتضانها لإجتماعات وحوارات الأطراف الليبية في القاهرة.

تعيين شخصية إفريقية أممية في ليبيا

أعلن الأمين العام للأمم المتحدة ” أنطونيو غوتيريش”  في 16 ديسمبر 2020  تعيين الزمبابوي “ريزدون زينينغا” في منصب أمين عام مساعد ومنسق للبعثة الأممية للدعم في ليبيا.

وقد شاركت مع المبعوث الدولي “يان كوبيش”، ونائبته “ستيفاني ويليامز ” تشكيل ملتقى الحوار السياسي الليبي في جنيف والذي إختار حكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي في 5 فبراير 2021 .

ونعتقد بأن غياب الدور الإفريقي الفاعل، سببه التأثير الدولي وتدخلات دول كبرى في الملف الليبي، وإنشغال الإتحاد الإفريقي بقضايا الإرهاب في الساحل والصحراء وماتشهده بعض دوله من عدم إستقرار وإنقلابات، والأهم هو الصراع الدولي الأمريكي والروسي والصيني حول القارة الإفريقية، في ظل المتغييرات الدولية، و الأزمات الإقتصادية و أزمة كورونا والتي أثرت على الإقتصاد العالمي.

كل هذه المعطيات بالإضافة لضعف التمويل لمؤسسات الإتحاد الإفريقي، أثرت على دوره في الإهتمام بالملف الليبي وإن تعالت دعوات الزعماء الأفارقة بضرورة إيجاد حل للأزمة الليبية وكذلك ضعف أداء الخارجية الليبية ودورها في جلب الدعم للقضية الليبية.

كما أن الخلافات داخل مجلس الأمن بين روسيا والصين وأمريكا وحلفائها، في تعيين مبعوث من بين الأسماء المرشحة، وقد ورد بأن الأمين العام للأمم المتحدة، رشح الوزير السنغالي السابق والمرشح الرئاسي، “عبدالله بيتالي”  حيث من المتوقع موافقة روسيا والصين على تعيينه وبذلك يكون المبعوث رقم 8.

وفي حالة تصويت مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين على تعينه، لا ندري مدى قدرته على التوفيق بين الأطراف الليبيية ؟.

https://anbaaexpress.ma/9drd9

إدريس أحميد

صحفي و باحث في الشأن السياسي المغاربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى