آراءمنوعات
أخر الأخبار

ساخرة.. البحث عن متغيبات

في زمن التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، حيث تستطيع الروبوتات التعرف على الوجه، وتحليل المشاعر، والتنبؤ بالسلوكيات، إلا أن هناك مجموعة من القيم والمبادئ قررت أن تمارس فن “الإخفاء القسري” عن البشرية، بل إنها لم تكتفِ بالاختفاء، بل تركت رسالة وداع مكتوب عليها: “لقد كنا هنا يومًا ما!

أُعلنت حالة الطوارئ في عالم القيم، وتم إصدار بلاغ رسمي حول اختفاء ستة أفراد مهمين كانوا يشكلون جوهر التوازن الاجتماعي:

• الأخلاق – كانت آخر مرة شوهدت فيها في كتب الفلاسفة والمصلحين، قبل أن يتم استبدالها بـ”الواقعية البراغماتية”.

• الإخلاص – اختفى بعد أن اكتشف أن “المصلحة” تحظى بعدد متابعين أكبر منه على مواقع التواصل الاجتماعي.

• الثقة – تم الإبلاغ عن فقدانها بعد أن انتشرت عمليات النصب والاحتيال، وأصبحت عبارة “كلمة شرف” مجرد نكتة تضحك الجميع.

• الصدق – قيل إنه أصيب بأزمة نفسية حادة بعد أن وجد أن “التزييف” يحقق نجاحات أكبر في السياسة والإعلام.

• الأمانة – فُقدت في ظروف غامضة بعد انتشار الوظائف التي تتطلب “مهارات في التحايل” أكثر من النزاهة.

• الوفاء – كان آخر ظهور له في علاقة صداقة قديمة، لكنه فُقد عندما قرر الناس أن الولاء مرهون بالمنفعة فقط.

أرسلت المنظمات الحقوقية والمجتمعية فرق بحث وتحري متخصصة، مستخدمة أحدث التقنيات للعثور على المتغيبات، بما في ذلك:

• رادارات القيم الأصيلة، لكنها التقطت إشارات مشوشة بين برامج الواقع والتحديات الافتراضية.

• ميكروسكوبات الضمير، لكنها لم تعثر إلا على بقايا من “التظاهر بالفضيلة” في بعض الخطابات السياسية.

• أجهزة كشف الكذب، لكنها انفجرت عندما طُبقت على بعض المؤثرين والمسؤولين!.

وقد أعلنت الجهات المختصة عن مكافآت مهمة لمن يعثر على أي أثر لهذه القيم، ولكن لم يتقدم أحد، إذ يبدو أن الجميع قد تكيف مع غيابها، واعتبرها مجرد “تراث عاطفي” لا يناسب العصر الحديث.

في النهاية، يبدو أن هذه القيم قررت الهجرة الجماعية إلى كوكب آخر، حيث لم تصل أيدي البشر بعد. أما نحن، فنعيش في عالم يُباع فيه الشرف بالتقسيط، وتُبرمج المشاعر وفق الحاجة، ويُعاد تعريف الوفاء على أنه “ولاء مؤقت حتى إشعار آخر”.

أما السؤال الكبير فهو: هل ستعود هذه القيم يومًا؟ أم أننا سنضطر إلى تطوير ذكاء اصطناعي ليحل محلها؟ 

https://anbaaexpress.ma/1fq8g

هشام فرجي

كاتب مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى