آراءسياسة
أخر الأخبار

طهران مندهشة من تنازلات ترامب .. “حزب الله” أيضا

يجمع محللون أميركيون على أن ترامب ذاهب إلى تقديم تنازلات إلى إيران ما يفسّر ظهور تصلّب متدرّج في مواقف طهران ورئيس وفدها المفاوض..

لا يصدق دونالد ترامب استطلاعات الرأي الأخيرة التي كانت الأسوأ في تاريخ الولايات المتحدة لرئيس في المئة يوم الأولى. يعتبرها مغرضة من بنات أفكار خصومة ومؤامراتهم.

بالمقابل فإن موقعا إعلاميا روسيا أساسيا، وفي عزّ غزل ترامب بنظيره فلاديمير بوتين يتحدث عن فشل الرئيس الأميركي في تنفيذ وعوده معيد الأمر إلى أفكاره “الساذجة الشبابية”، محرضا إياه على ما يشبه عملية “تنظيف” للداخل قبل التعامل مع ملفات الخارج.

يجمع محللون أميركيون على أن ترامب ذاهب إلى تقديم تنازلات إلى إيران ما يفسّر ظهور تصلّب متدرّج في مواقف طهران ورئيس وفدها المفاوض، وزير الخارجية عباس عراقجي.

فمقابل تصريحات الرئيس الأميركي المفرطة في التفاؤل بشأن قرب التوصل إلى اتفاق، تؤكد طهران التزامها بثوابت يظهر أن ترامب نفسه يلتزم بها. فلا تفكيك للبرنامج النووي. ولا قبول بوقف تخصيب اليورانيوم داخل البلاد. ولا قبول بمناقشة برنامج الصواريخ الباليستية. ولا تحادث بشأن نفوذ إيران الإقليمي وعلاقتها بميليشيات المنطقة.

التفسير في الولايات المتحدة أن الرجل يريد إنجازا سريعا يضيفه إلى إنجازاته غير المتحقّقة. فأمر حرب أوكرانيا في تعقّد. وأمر حرب اليمن متعثّر النتائج ذو أكلاف غير محسوبة. وأمر حرب غزّة عصيّ على إنجاز. فيما لورشة الرسوم الجمركية مفاعيل أوجاع اقتصادية تعانيها الولايات المتحدة نفسها. وبدا أن ترامب يحتاج إلى التغطيّة على ما هو غير محقّق بالنهل من شعبوية ضمّ كندا والإمساك بقناة بنما وطلب مجانيه عبور سفن بلاده في قناة السويس.

يعلن ترامب أنه يفضل اتفاقا مع إيران بدل إلقاء القنابل. إيران جاهزة لإبرام هذا الاتفاق بالشروط التي تناسب الطرفين. ترامب لا يريد لإيران أن تمتلك سلاحا نوويا، فتجيبه إيران، عبر رئيس فريق التفاوض: “لك ذلك وهذا أمر يمكن تحقيقه”.

وفوق هذا الإنجاز الوحيد الموعود تغريه طهران بموافقة مرشد البلاد الأعلى، علي خامنئي، على فتح أسواق إيران أمام تريليونات من الاستثمارات الأميركية. بذلك يكون إنجاز الرئيس الأميركي مزدوج المفاعيل: إيران من دون سلاح نووي من جهة، وأصدقاء ترامب من رجال الأعمال مسرورين مغتبطين.

وفق هذا المسار يمكن فهم تصاعد مواقف حزب الله في لبنان. فعلى الرغم من تفسيرات السفير الإيراني في بيروت، مجتبى أماني، لمنشور اعتبُر انتقادا لحصرية السلاح في يدّ الدولة، وفق ما ورد في خطاب القسم للرئيس جوزيف عون والبيان الوزاري لحكومة نواف وسلام، وعلى الرغم من استجابته لاستدعاء وزارة الخارجية اللبنانية بعد تمنّع، فإن منابر الحزب الرسمية تتالت في إصدار المواقف الرافضة للتنازل عن “قوته”، مؤكدة ضمنا رفض التماهي مع دعوات عون لحوار مع الحزب بشأن سلاحه.

ومن يراقب الخطّ البياني للهجة مواقف حزب الله أمكن له استنتاج مدى ارتباطها بمزاج الحاكم في طهران. بمعنى أن ما استنتجه الإيرانيون على طاولة مسقط وروما وفّر معطيّات تمّ ضخّها باتجاه الحزب في لبنان تفيد بأن أمر سلاحه لن يناقش على الموائد غير المباشرة، وحتى المباشرة بين ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب وصديقه، وعباس عراقجي، وأن أولوية السلاح النووي لدى “عقيدة” ترامب تجعل من أي سلاح آخر في إيران أمرا ثانويا فما بالك بسلاح الحزب.

بالمقابل بدا أن إيران نفسها تحتاج إلى عناد الحزب في لبنان. يضاف الأمر إلى مواقف جماعة الحوثي في اليمن وما باتت تشكّله من أعراض استعصاء للحملة الأميركية.

تحتاج طهران إلى تلك الاستثمارات على طاولة مفاوضاتها مع واشنطن. فما زالت تمنّ النفس بقبولها شريكا للولايات المتحدة في حلّ ملفات المنطقة، واعتماد واشنطن لنفوذ إيران رقما صعبا بنيويا في الشرق الأوسط. وفيما يبدو الحزب في لبنان يسعى لإقناع الدولة بهراء مقارباتها الحوارية لمعضلة السلاح، فإنه في الوقت عينه يستسهل صداما لطالما فرض من خلاله منذ عام 2005 أمره السياسي الواقع على البلد ونظامه السياسي.

وفق بورصة جلسات المفاوضات وما يخرج عنها من أعراض، يُجري كافة الفرقاء مناورات المراوحة والكرّ والفرّ.

الدولة في لبنان تكرر ثوابتها وتحرّك جيشها في حدود قصوى تتجنّب المواجهة. وحزب الله يحتل أقصى مساحة تشدّ عضض البيئة الحاضنة وتحضّرها من أجل احتمال استخدام السلاح دفاعا عن السلاح.

وإسرائيل تطلّ على التفاوض “النووي” من خلال حضور ناري في لبنان قد يصبح منهجيا يواكب احتمالات حضور داخل إيران لم يكن “الإهمال” في ميناء رجائي ببندر عباس إلا عيّنة أولى له.

https://anbaaexpress.ma/115hx

محمد قواص

صحافي وكاتب سياسي لبناني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى