
إستطاع المنتخب المغربي في كأس العالم، على مدار 6 مباريات من تجاوز كل التوقعات، وتحقيق إنجاز تاريخي هو الأول من نوعه في القارة الإفريقية، ليفتح به آفاق الحلم للمنتخبات العربية والإفريقية وكلّ الدول الغير واثقة بنفسها في مقارعة الكبار، وذلك بعدما تخطّى الفريق المغربي منتخبات أوروبية قوية، وسجّل إسمه في تاريخ البطولة كأول منتخب عربي وإفريقي يبلغ نصف النهائي.
هذا الانجاز التاريخي تجاوز حدوده الرياضية، إذ أثار مشاعر الوحدة العربية والأفريقية والتضامن العربي الإسلامي، لينجح المغرب من خلال الكرة في لمّ شمل ما فرقته السياسة.
في مونديال استثنائي نجحت قطر في تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم ، وتأكيد صواب نهجها المتمثل في عدم الالتفات لحملات التشويه الممنهجة التي تعرّضت لها على مدار سنوات منذ فوزها بشرف استضافة بطولة كأس العالم ، كأول بلد عربي وإسلامي، حيث ردت قطر على المشككين بالأفعال وليس بالأقوال، من خلال عمل متواصل ركزت من خلاله على تنظيم بطولة غير مسبوقة للحدث الرياضي الأبرز في العالم.
مما لاشك فيه أن كأس العالم FIFA قطر 2022، سيبقى في الذاكرة والتاريخ، إلى جانب إقامة المونديال على أرضٍ عربية، والفرح بإنجازات كروية عربية وافريقية، إن كان بطريقة اللعب ومنافسة الكبار والتغلب على بعضهم ، المنتخب السعودي إستهل مشواره بالفوز على منتخب الأرجنتين بقيادة ليونيل ميسي أما المنتخب التونسي هو الأخر استطاع التغلب على بطل كأس العالم 2018 ، وتمكن المغرب بجدارة واستحقاق من تصدر مجموعتها متفوقة على أعتى المدارس الكروية في واحدة من كبرى المفاجآت لهذه النسخة.
الفرح الذي إجتاح وسائل التواصل الاجتماعي ، ابتهاجاً بتأهل المنتخب المغربي لنصف نهائي كأس العالم يدعو للفخر سواء الجانب الرياضي منه، باعتبارها المشاركة الأولى التي تصل من خلالها إحدى المنتخبات الإفريقية أو العربية لهذا الدور، أو الجانب الثقافي والحضاري، فقد تداول الكثيرون على سبيل المثال، صور احتفالات لاعبي المغرب من قلب الملعب مع أمهاتهم وعائلاتهم ، وما تحمله تلك الصور من دلالات تجسد الارتباط الأسري ودور الأم على الخصوص في كل نجاح تحّقق في منظر نادر لا يتكرر كثيرا في كأس العالم.
وهو ما أثار إهتمام الإعلام الغربي حيث وصفت صحيفة الغارديان البريطانية ” إلى أن هذه المشاهد الراقية التي جرت أمام أعين العالم ينبغي أن تشكل مصدر إلهام للأفراد والمجتمعات في دول الغرب”.
البعد الديني المتمثل في القيم الإسلامية ظل حاضرًا عند جميع اللاعبين في كل المقابلات، قبل ركلات الترجيح في دور الستة عشر ضد إسبانيا، قام اللاعبون بشكل جماعي بتلاوة سورة الفاتحة، وبعد تأمين العبور إلى ربع النهائي ركضوا إلى الجماهير وقاموا بالسجود شكرًا لله، نفس الشيء عند الهزيمة أمام المنتخب الفرنسي قام اللاعبون بشكل جماعي بالسجود حمدًا لله على كل شيء ؛ كما، أظهر المنتخب المغربي دعمهم للقضية الفلسطينية من خلال رفع العلم الفلسطيني مع العلم المغربي بعد الاحتفال بكل مباراة.
على العموم هذا الانجاز التاريخي للمنتخب المغربي تحقق بدعم جماهيري غفير، وبفضل مدرب أمان بقدرات لاعبيه وبإمكانية المجموعة التي شكلها، وإن كان للاعبين مثل حكيم زياش وسفيان أمرابط وعز الدين أوناحي والحارس المتألق ياسين بونو مستوى متفردا على الملعب ولعبوا دورا كبيرا في هذا الإنجاز ، وأصبحوا مقابل ذلك محط أنظار فرق عالمية مستعدة لزيادة عدد الأصفار على الشيكات لإقناعهم بالانضمام إليها.