آراءمجتمع
أخر الأخبار

غلاء الأسعار في المغرب وصمت الحكومة.. معاناة ساكنة إقليم إفران في ظل الدستور

طه رياضي 

يشهد المغرب في الآونة الأخيرة موجة غلاء غير مسبوقة مست جميع القطاعات الأساسية، من المواد الغذائية إلى فواتير الماء والكهرباء، مرورًا بأسعار المحروقات التي تؤثر بشكل مباشر على تكاليف المعيشة اليومية.

هذا الوضع ألقى بظلاله الثقيلة على المواطن البسيط، خاصة في المناطق الجبلية مثل إقليم إفران، حيث يعتمد السكان بشكل أساسي على الفلاحة وتربية الماشية، وهما قطاعان يعانيان بدورهما من ارتفاع تكاليف الإنتاج ونقص الموارد.

في قلب هذه الأزمة، تلتزم الحكومة المغربية الصمت، دون تقديم حلول ملموسة تخفف من معاناة المواطنين. وعود الإصلاح ومراقبة الأسعار لم تترجم إلى إجراءات فعلية، بينما يستمر الاحتكار والمضاربات في السوق، مما يزيد من تفاقم الأوضاع.

هذا الوضع يتعارض مع المبادئ الدستورية التي تكرس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين. فالدستور المغربي، في الفصل 31، ينص بوضوح على أن الدولة تسهر على تعبئة كل الوسائل المتاحة لتيسير أسباب استفادة المواطنين من حقوقهم في العلاج، الحماية الاجتماعية، التغطية الصحية، السكن اللائق، الشغل، وولوج الماء والعيش في بيئة سليمة. ومع ذلك، فإن استمرار غلاء الأسعار دون تدخل حكومي فعال يفرغ هذا الفصل من مضمونه العملي.

كما أن الفصل 35 من الدستور يؤكد على ضرورة ضمان الدولة لحرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر، مع حماية المستهلك من أي تجاوزات.

غير أن الواقع الحالي يعكس ضعف رقابة الحكومة على الأسواق، مما يسمح باستمرار الاحتكار وغياب الشفافية في تحديد الأسعار.

وفي ظل هذا الوضع، يحق للمواطنين، بموجب الفصل 27، المطالبة بحقهم في الحصول على المعلومات حول السياسات الاقتصادية والإجراءات التي تتخذها الحكومة لمواجهة غلاء الأسعار. فغياب تواصل رسمي واضح بشأن تدابير ضبط السوق يعزز الشعور بانعدام الثقة في المؤسسات.

في إقليم إفران، حيث قسوة المناخ تزيد من تحديات العيش، يشعر السكان بأنهم متروكون لمصيرهم. ارتفاع أسعار الأعلاف يهدد مربي الماشية، فيما أصبح اقتناء المواد الأساسية عبئًا ثقيلاً على الأسر. ومع غياب الدعم الحكومي الكافي، يجد المواطن نفسه أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما التقشف القاسي أو الهجرة بحثًا عن فرص أفضل.

يبقى السؤال الأهم: إلى متى ستستمر هذه الأزمة دون حلول جذرية؟ وإلى متى سيظل صوت المواطن العادي غير مسموع وسط هذا الصمت الحكومي الرهيب؟ وهل ستتحمل الحكومة مسؤولياتها الدستورية لحماية القدرة الشرائية للمواطنين؟

https://anbaaexpress.ma/tyo49

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى