آراءسياسة

مطالب ورقة الاتفاق.. أرجوحة “السيادة” في حديقة “الإطار التنسيقي”

 بقلم : أحمد علي

تلجأ العديد من الدول، التي تعاني ضغوطاتٍ خارجية، و لأسبابٍ تتعلق بسياستها الدولية، إلى تصدير مشاكلها للخارج، بهدفِ إشغال العالم، لكنها بنفس الوقت، تحاول العمل داخلياً، على حلِّ المشاكل المهددة لنظامها داخل البلد.

 العجيب العراقي، إنَّ هذا الحال، ينطبق على الأحزاب السياسية العراقية، كأنه مأخوذٌ من منهجٍ دراسي؛ ففي كل محفلٍ سياسي (انتخابات محلية أو نيابية)، تسعى جاهدة إلى إيجادِ تحالفاتٍ، تتلاءم وطبيعة توجهها الحزبي الخاص بها، من ناحية نيل المناصب، وتقاسم السلطة والأموال الواصلة إلى خزينة الدولة بطرقٍ مختلفة.

التحالفات أو الائتلافات العراقية، حين تُصاب بهزَّة خلافية، ناجمة من تراجع أحد الأطراف، عن الإيفاء بالوعود المبرمة، وفقاً للاتفاق المُشكِّل للتحالف مع تلك الأطراف، وخصوصاً الماسكة للسلطة، تحوِّل تلك المشكلة، إلى كرة ثلج، تتدحرج من أعلى قمة جبل الخلاف، نحو وادي المواجهة السياسية، لنشهد وقوع أحجار التسقيط الإعلامي، و إنهاء الأدوار.. سواء كان لشخوص سياسية، أو ائتلاف شريك في تشكيل هرم السلطة.

لعبة “سيزيف” السُلطة في العراق، توقِف كل شيء، حتى عجلة الحياة. يبقى المواطن مُتربِّصاً لحلٍ منهم، ويأمل بأن تمر الأزمة، دون حدوث طارئ في الشارع، و قراءة “عواجل” على الشاشة.

الهزَّات الخلافية العراقية، دائماً ما تكون متوسطة، على مقياس رغبة زعماء الأحزاب والكتل النيابية، وغالباً ما تكون مفتعلة، بهدف إسقاط المنتفعين، من على شجرة التين، والتفرد بالغنائم الناجمة عن التقاسم!

 الورقة السياسية؛ التي شكَّلت الحكومة العراقية الحالية، بقيادة السيد محمد شياع السوداني؛ تلك التي باتت تُعرف في أدبيات الإعلام العراقي بـ “ورقة الاتفاق السياسي لإدارة الدولة”، كانت قارب النجاة الذي حَمَلَ ربابنة المشهد السياسي؛ الذين غرِقوا قبلها، في بحر الانسداد السياسي أيضاً.

القوى “الشيعية” التي تُمثِّلُ فيلاً، في العملية السياسية العراقية ما بعد 2003م، اعتادت دائماً أن تتعامل مع المطالب “السُّنية”، كأزمة سياسية مؤجلة. “الإطار التنسيقي”، و هو آخِرُ تجليَّات هذا الفيل، كان قد بدا مستعداً، لتنفيذ مطالب “السُّنة”، قبل تشكيل الحكومة الحالية.

القبول هذا فُهِمَ خطأ! إذ إنَّهُ لم يكُن يعني التزامه بالتنفيذ، بعد أن تبددت الغيوم (الضغوطات الدولية) من سماء المشهد، وانسحاب الفائز الأول (التيار الصدري) من العملية السياسية، لتُتاح له، فرصة التقاط الأنفاس ولعب دور أكبر.

 “السُّنة” و هم شُجيرات سياسية في نظام ما بعد 2003م، كانوا يعلمون جيَّداً، مآل مطالبهم؛ التي قدَّموها في ورقة الاتفاق السياسية، و أنها ستتحول على الأرجح، إلى حبرٍ طُرطِش على ورق، بمجرَّد أن تطال يد “الإطار التنسيقي”، جميع مفاصل الدولة المهمة.

 رأس المطالب، تمثَّلت بالكشف عن مصير المُغيَّبين (المخفيين قسراً) و تعويض عوائلهم، إخراج الحشود العسكرية من محافظاتهم، وإعادة النازحين إلى مناطق سكناهم. هذه المطالب، هي الهدية القيَّمة و اليتيمة؛ التي كان وما زال على الأحزاب “السُّنية” تقديمها لجماهيرِها الحزبية.

تلك الهدية اليتيمة، هي تذكرةُ دخولها إلى البرلمان، في نفس الوقت. لكنها في الواقع، أمرٌ يستحيل تنفيذه مطلقاً، و بعيد كُل البعد عن الواقع السياسي، في الحاضر أو المستقبل القريب. لن يكون أمام القوى “السُّنية” إلَّا العودة الى سياق العمل السياسي: التماشي مع رؤية الأحزاب “الشيعية”. أو الذهاب باتجاه التصعيد، و الذي غالباً ما ينعكس على جمهورها، في المحافظات الغربية.

الزيت الذي يُصبُّ على نار التصعيد، هو الخصومات “السُّنية” بين زعماء هذه الأحزاب. النتيجة يتحوَّل التصعيد و زيت الزعماء، إلى أداة هدم، إحراق لكل حقوق تلك المحافظات، و ورقة استغلال سياسي.

الأمل يبقى مُعلَّقاً حول ما إن كانت هناك أوراق ضغط كبيرة، يُمكن اللعِبُ بها، مع البرلمان والحكومة، و تحصينُها باللجوء إلى الدعم الدولي والإقليمي، خصوصاً العربي، لتثبيت حقوق المكوِّن ودعمِها، و استغلال الانفتاح “الشيعي”، أمام دخول المصالح العربية والخليجية إلى البلاد.

*إعلامي عراقي

https://anbaaexpress.ma/qhm9l

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى