يتأكد يوما بعد يوم تنافس الدول الكبرى على التقارب والتعاون مع المملكة المغربية كقوة صاعدة ومؤثرة وليس كسوق فقط يريدون منه نصيبهم كما يظن البعض.
فأرقام التبادل التجاري والصفقات لا تصل إلى أرقام شركة متوسطة واحدة في تلك الدول.
لقد أبانت الزيارة الأخيرة للرئيس الصيني للمغرب عمق الشراكة الاستراتيجية الموقعة بين البلدين. حيث أن طبيعة الزيارة وصداها وسياقها الدولي/الوطني (القرار الفرنسي و نتائج الانتخابات الأمريكية) والمواكبة الإعلامية الدولية والصينية والمضامين المعلنة للمباحثات بين ولي العهد حفظه الله ورعاه والرئيس الصيني أكدت أن الشراكة بين البلدين انتقلت من التأسيس إلى التنزيل الفعلي والمؤثر.
وقد تم التأكيد في المباحثات على العمل سويا لتحقيق المصالح المشتركة والحفاظ على المصالح العليا للبلدين وهلى رأسها السيادة والوحدة والأمن والاستقرار.
كما تم التنويه بدور المملكة في الشراكة الصينية الإفريقية والصينية العربية، فطريق الحرير الصيني والمبادرة الاطلسية المغربية تجعلان من البلدين رائدين وفاعلين مؤثرين ومتكاملين في الشبكة اللوجيستية للاقتصاد العالمي والاقتصاد الإفريقي والعربي.
هذا بالإضافة إلى الدعوة إلى تعزيز التعاون في مجالات الصناعة والثقافة والتعليم والصحة.
الزيارة القصيرة في مدتها تحمل دلالات كبيرة وتوجهات حاسمة لتعميق الشراكة مع الصين وتطويرها لتشمل مجالات استراتيجية ومصيرية أخرى منها:
أولا: تجويد التعليم بدءا بترسيخ مكانة المؤسسة التعليمية وهيبة المدرس والرفع من قيمته وتطوير الذكاء والمهارات والانضباط ضد على الرداءة والكسل ومحاصرة تيار التفاهة والتخريب القيمي باسم التفتح الذي ينشره البعض عبر الفن الملهي والمفلس الذي يسترزق منه بعض المندسين والمخططين للتفاهة.
ثانيا: تحويل الصحراء إلى جنان خضراء لمواجهة تحديات التغير المناخي ومعالجة آثاره وخاصة الإجهاد المائي والتصحر بغية تحقيق السيادة الغذائية و كذا دعم الدبلوماسية الوطنية في إفريقيا بالخبرة الغذائية خاصة أن بلادنا تملك أحد أهم مفاتيح الفلاحة وهو الفوسفاط الذي يفتح آفاق رحبة للتعاون الدولي.
ثالثا: تقوية الاقتصاد الصغير والصغير جدا لخلق مئات الآلاف من مناصب الشغل في قطاعات الصناعة التقليدية والخدمات والتجارة والسياحة والفلاحة والمعادن والبناء بالموازاة مع دعم ومواكبة الشركات الكبرى والرائدة للتنافس على الأسواق العالمية وخلق الثروة.
رابعا: العمل على تطوير ودعم الرياضات الفردية النوعية خاصة رياضة فنون الدفاع عن النفس التي تمثل أحد ركائز النسيج الثقافي والاجتماعي في الصين، وبلادنا في حاجة ماسة إلى ثقافة رياضية بانية للشخصية وواقية من التهديدات التي تطال الأطفال والشباب وهم مستقبل الوطن وكنزه الذي لا يضاهى.
خامسا: تقوية مكانة الأسرة وتشجيع الولادة ومواجهة تحدي الشيخوخة، بعدما كاد يصل العالم (ومنه الصين ومالمغرب بآمان) إلى الخريف الديموغرافي بسبب دعوات تحديد النسل ونشر الصراع بين الرجل والمرأة والتخويف من تكاليف الزواج والأبناء وقوانين تسهيل الطلاق و تفشي ظاهرة التيارات النسوية الغير منضبطة والمدعومة بمخططات فنية وإعلامية ودولية رهيبة.
سادسا: تطوير القطاع الصحي بناء على ماتحقق من تعاون بين البلدين أثناء فترة الوباء كورونا واستكشاف تطور وحاجيات القطاع وتنامي متطلبات الحماية الصحية وتأتي الصناعة الدوائية على رأس أولويات التعاون بتشجيع الطب الصيني وجلب الأطباء الصينيين لسد الخصاص وتطوير السياحة الطبية وجلب صناعة المعدات والمستلزمات الطبية.
هذه مسارات جديدة للتعاون حققت فيها الصين إنجازات مبهرة ونافعة وضامنة للديمومة الحضارية التنافسية الاقتصادية والتنمية الإجتماعية والنهضة العلمية والتكنولوجية.