
في تحقيق حصري “لصحيفة Lo point” الفرنسية سلطت فيه الضوء عن مدى إختراق و تغلغل الإستخبارات الصينية في فرنسا واصفة الأمر، إن أربعين عاماً من الخدمات الإستخبارية الصينية في فرنسا، لفتت الإنتباه بشكل كبير حيث يبدو أن عمليات النفوذ والتجسس للقوة العالمية الثانية بعد الولايات المتحدة كان لها حرية الحكم في الماضي.
وتحت عنوان، “المخابرات الفرنسية صفر في الصين” أشار التحقيق الفرنسي الذي نشر يوم أمس السبت إلى تأليف كتاب استقصائي، (الخدمة السرية) من قبل أنطوان إيزامبارد وفرانك رينو وهما متخصصان في الصين والذكاء، يكشف الكتاب عن الكواليس المذهلة لواحدة من أسوأ الانتكاسات في تاريخ المخابرات الفرنسية.
وفي صيف 2020 حُكم على عميلين سابقين، هما بيير ماري هـ وهنري م، بالسجن لقيامهما ببيع أسرار في بكين.. كما تكشف التعليمات عن العمل الصبور الذي يقوم به الحزب الشيوعي الصيني، الذي قدم لأكثر من عقدين غرفاً في فنادق فاخرة وحقائب نقدية وخدمات الفتيات الجميلات، ما يدل على أن جواسيس شي جين بينغ يلعبون الآن في بطولات الدوري الكبرى.
وأضاف تقرير الصحيفة الفرنسية أنه دق ناقوس الخطر بشأن التأخر الفرنسي، في حين أدت عقود من الانخراط الأعمى مع الصين الشيوعية إلى نزع سلاح المديرية العامة للأمن الخارجي، في مواجهة تهديد يتجاوزها الآن إلى حد كبير في القدرات الفنية كما هو الحال في العملاء.
يقول أحد مؤلفي الكتاب الإستقصائي فرانك رينو إن وزارة أمن الدولة الصينية تبلغ من العمر أربعين عاماً، فقد تأسست عام 1983، أولاً من قبل مسؤولي الأمن العام الطموحين.. لذلك فهي تعد سلاحاً للحماية من المضايقات الداخلية، وكذلك أداة للتجسس في الخارج.
كتاب الخدمة السرية: أنطوان إيزامبارد وفرانك رينو
ويعد مركز اهتمامها الأساسي هو الإستقرار الداخلي، وبالتالي مراقبة الأقليات المقيمة في الخارج.. ولكنها في الوقت نفسه تمارس سياسة “تجسس التقنيات”، أي بعبارة أخرى التجسس الصناعي، إضافة إلى الاستخبارات السياسية أي التجسس على المسؤولين الكبار في فرنسا.
في حين يقول المؤلف الثاني للكتاب أنطوان إيزامبارد: إنه “مع 17 أو 18 مكتباً، فهي أكثر بكثير من مكاتب المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية، نظراً لأنها تتمتع أيضاً بصلاحيات داخلية.. مضيفاً ” إنها خدمة هجينة ومترامية الأطراف، فقد عينت 200 ألف عميل ومن المستحيل تحديد المتعاونين الخارجيين”.
ويشير إلى أنه “في الأصل كان هناك عدد قليل جداً من موظفيها يتحدثون لغات أجنبية، وكانوا يعتمدون على المغتربين للحصول على معلومات استخبارية.. لكن الخدمة زادت من مهاراتها ونفذت عمليات متطورة بشكل متزايد، كما يتضح من الهجوم السيبراني الذي استهدف سافران وجنرال إلكتريك في 2013-2014
المخابرات الصينية تتفوق على نظيرتها الفرنسية
يضيف فرانك رينو إن وزارة أمن الدولة الصينية هي عبارة عن منظمة شبه عسكرية، وكما هو الحال في جميع الدول الشمولية، فإن الخدمات الاستخباراتية تكون قوية جداً وتولى عناية كبيرة، وهذا ما يجعلها تتفوق على فرنسا في كثير من الأحيان.
ويشير فرانك إلى أن “العمل في قضايا التجسس معقد.. فمن الناحية القانونية، لا يمكن فعل أي شيء من دون دليل، لذا لا يمكن القبض على أي عميل بلا أدلة، وهناك أمثلة على هذا الأمر، مثل ليلي وانج، التي اعتقلت في عام 2005 بتهمة التجسس والتي لم يتم إدانتها بالتجسس، بسبب عدم كفاية الأدلة القاطعة بأنها نقلت المعلومات إلى الصينيين”.
يقول أنطوان إيزامبارد إنه بعد نشر الكتاب أخبره العملاء أن المشكلة معروفة منذ فترة طويلة.. إذ تم رصد الإشارات الأولى في عام 2015، وأجريت المحاكمة في صيف عام 2020.
يضيف إيزامبارد “هاك قضية المقدم في حلف شمال الأطلسي المتهم بالخيانة لصالح روسيا في صيف 2020، الذي لم تجر محاكمته بعد.
أما ألدريتش أميس، أعظم خائن في تاريخ المخابرات، والذي خان وكالة المخابرات المركزية لصالح المخابرات السوفيتية، وأعطى أسماء العملاء الذين قتلوا على أيدي السوفييت، فقد كان يعيش أسلوب حياة مختلف تماماً عن العمل الاستخباراتي، إذ كان يقود سيارة فاخرة، وكان يقوم بتسديد أقساط منزل اشتراه لنفسه، لذا استغرق الأمر وقتاً حتى تم الكشف عنه.
وتابع إيزامبارد إنه كان يجب أن تبدأ فرنسا بتجهيز مخابراتها بعد الحرب الباردة، لكن في الثمانينيات لم يكن التجسس هو الشغل الشاغل لها.. بعد ذلك، وفي عهد شيراك رأى السياسيون الفرنسيون الصين بطريقة رومانسية، بينما كانوا يفكرون فقط في إيجاد الأسواق وممارسة الأعمال التجارية.
أما فرانك فيقول إنه في العلاقات الفرنسية الصينية، كل شيء ملوث بسبب قضية الفرقاطات والتصعيد في تايوان، والتي خلقت فترة معقدة للغاية لمدة خمسة عشر عاماً تقريباً.. كما كان يُعتقد أن الشراكة الاقتصادية ستقود الصين إلى التحول الديمقراطي.. لكن أصيب الفرنسيون بخيبة أمل في الآونة الأخيرة.
تعليق واحد