محمد لزرك
بعد مرور كل عيد أضحى، أرى مجموعة من الناس، من بينهم شباب، متزوجون، وحتى كبار السن وهم يحملون حقائبهم ويغادرون قراهم واحد تلو الآخر نحو المدن والساحل الصحراء. مشهد مؤثر يدمي القلب، يتكرر كل سنة. هذه الهجرة العكسية بعد العيد تعكس واقعًا مريرًا يعيشه الكثير من سكان القرى في المغرب، حيث يجدون أنفسهم مجبرين على مغادرة ديارهم بحثًا عن لقمة العيش والمستقبل.
السبب الرئيسي لهذه الهجرة هو البحث عن فرص عمل أفضل ومستقبل أكثر استقرارًا في المدن، حيث تتوفر لهم فرص اقتصادية أوسع وفرص للتعليم والتدريب. ومع ذلك، فإن هذه الهجرة تؤدي إلى معاناة كبيرة للعديد من الأسر، حيث يتركون وراءهم أرضهم وذويهم، ويواجهون تحديات كبيرة في المدن، مثل البحث عن سكن وفرص عمل، والتعامل مع بيئة جديدة ومختلفة.
كما أن البحارة الذين يشتغلون في البحر في السواحل الصحراوية يغادرون أيضًا قراهم للعمل على السفن والمراكب، حيث يجدون فرص عمل أكثر استقرارًا ودخلًا أفضل. ومع ذلك، فإنهم يواجهون مخاطر كبيرة في البحر، مثل الظروف الجوية القاسية والحوادث البحرية، ويتعرضون لفترات طويلة من الانفصال عن أسرهم وذويهم.
هذه الهجرة تؤدي إلى نقص في القوى العاملة في المناطق القروية، مما يؤثر على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في هذه المناطق. كما أن هذه الظاهرة تؤدي إلى ضغط على البنية التحتية والخدمات في المدن الكبرى، حيث يزداد الطلب على السكن والخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء والنقل.
في المدينة، رغم الصعوبات، يستطيع هؤلاء الشباب العيش والعمل لإعالة أسرهم وأولادهم، حيث تتوفر لهم فرص عمل أكثر استقرارًا وتوفر لهم الدخل اللازم لتلبية احتياجاتهم الأساسية. ومع ذلك، فإنهم يواجهون تحديات كبيرة في التأقلم مع الحياة الحضرية، ويعانون من الاكتئاب والوحدة والشعور بالغربة.
يجب على المسؤولين والمنتخبين أن يأخذوا في الاعتبار سلبيات هذه الظاهرة، وأن يعملوا على توفير الفرص الاقتصادية والاجتماعية للسكان في المناطق القروية. يجب أن يتم الاستثمار في البنية التحتية والخدمات في المناطق القروية، وتوفير فرص العمل والتدريب للشباب، حتى لا يبقى الشباب مجبرين على الهجرة إلى المدن الكبرى بحثًا عن العمل والاستقرار.
كما يجب على المجتمع المدني والجمعيات الخيرية أن يلعبوا دورًا في دعم الأسر المهاجرة وتقديم المساعدة لهم في التأقلم مع الحياة الجديدة. يمكن أن يتم ذلك من خلال تقديم الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي للأسر المهاجرة.
في النهاية، يمكن أن تؤدي الجهود المبذولة لتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي في المناطق القروية إلى تقليل الهجرة إلى المدن الكبرى وتحسين مستوى المعيشة للجميع. يجب أن يعمل الجميع على تحسين واقع الحياة في المناطق القروية، حتى يتمكن الشباب من العيش بكرامة واستقرار في ديارهم.
تعليق واحد