آراءثقافة

إحك يا شكيب.. ضيعة الحارس (1- 2)

شاب في الأربعينيات من عمره مغربي الأصل و فرنسي الجنسية، هاجر لدولة فرنسا تحقيقا لحلم راوده منذ الصغر، فانتهى به المطاف بباريس حلم شباب جيله، فزاول مهنا عديدة، وجد وإجتهد و كابد سنين ذوات العدد إلى أن إهتدى لمشروع تجاري بدأ بسيطا و بعده أصبح محلا تجاريا لابأس به لبيع المواد الغذائية، يجلب له كل ما لد و طاب و منها مواد يجلبها من دول مغاربية مثل المغرب و تونس و الجزائر.

فأصبح محجا لسكان الضواحي الباريسية و حتى الفرنسيين و في خضم كل ذلك كون أسرة و أصبح له ذرية، و كان أيضا من بين أحلامه و طموحاته إمتلاك عقارات داخل فرنسا ووطنه الأصل المغرب، و بالفعل حقق ذلك بأن أصبحت له شقة متوسطة بباريس و منزل بالمغرب مضاف إليهما ضيعة كبيرة بضواحي مدينة الرباط.

و كان من عادته أن يقضي عطلته السنوية بالمغرب التي مدتها شهر بالتمام و الكمال، و لم يكن يفته زيارة دول مجاورة خلال السنة، ولكن عطلته السنوية كانت مخصصة لبلده المغرب حيث يلتقي بالعائلة الكبيرة و تكون فرصة لصلة الرحم و السفر سوية لمدن ساحلية أو جبلية أو جنوب المغرب أو شرقه حسب الاتفاق، مرة و هو يقضي عطلته الصيفية بالمغرب دار حوار بينه و بين والدته حكاه لي كالآتي:

الأم: يا إبني الغالي و العزيز هل هذه ” الفيرمة” الضيعة التي نتواجد بها الآن هي لك ؟
الإبن: نعم يا أماه هي ضيعتي
الأم: هل هي ملك خاص و خالصة لك ؟
الإبن: نعم يا أماه
الأم: لا اعتقد يا بني
الإبن: و الله يا أماه هي ملك لي إشتريتها بمالي الخاص و هي في إسمي و لا أحد له معي فيها شيء و الوثائق معي تثبت ذلك.

الأم: أنا يا ابني أعرف كل هذا و لكن الحقيقة التي لا تعرف أنت و هي أن الضيعة لغيرك.

الإبن: يا أمي كلامك هذا أقلقني هل لك ان توضحي لي كثيرا بالفعل لم افهم مقصودك من هذا الكلام الذي حيرني؟

الأم: يا بني حسب ما أرى أنت تأتي للمغرب مرة كل سنة و لمدة شهر هل هذا صحيح يا بني ؟
الإبن: نعم يا أماه و أين المشكل يا والدتي ؟
الأم: و هل تقضي كل الشهر هنا ؟
الإبن: لا يا أماه، كما تعلمين نقضي عشرة أيام أو على أبعد تقدير أسبوعين.

الأم: و من يقيم كل أيام السنة هنا ؟
الابن: السيد الحارس و أسرته
الأم: يا بني ماذا يوجد بضيعتك؟
الإبن: زراعة حبوب و خضر وفواكه و حيوانات و طيور
الأم: و من يستفيد من كل هذا خلال أيام السنة ؟
الإبن: يا أماه لحد الان لم أفهم مقصودك جيدا
الأم: يا بني حسب ما أرى أن الحارس هو صاحب الضيعة فعليا لأنه هو من يستمتع بخيراتها طوال أيام السنة و أنت تأخذ فتات ما يبقى من مداخيلها و في كثير من الأحيان أنت من تنفق لتسديد مصاريفها، و تستفيد منها فقط لمدة أسبوعين على أبعد تقدير خلال كل سنة.
الإبن: نعم يا أماه كل ما قلته حق و صدق
الام: سؤالي سيكون واضحا فمن هو صاحب الضيعة يا بني ؟

الإبن: حسب كل ما تقدمت به فصاحب الضيعة يا أماه هو الحارس و أسرته ، أما أنا فمالك الضيعة بالوثائق فقط
الأم: إذن أنا كنت صادقة فيما قلته لك يا بني
الإبن: شكرا لك يا أماه على ما تفضلت به لي و الان سأفكر في شراء ضيعة هناك حيث أقيم واستمتع بها أنا و أسرتي الصغيرة و أسرتي الكبيرة التي أنت ضمنهم عندما تبادلوني الزيارة في المهجر.

( يتبع ) 

https://anbaaexpress.ma/86reo

شكيب مصبير

كاتب وفنان تشكيلي مغربي

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى