كشفت تقارير إعلامية إسرائيلية عن تصاعد القلق في الأوساط العسكرية والسياسية بتل أبيب إزاء التحديث المتسارع في القدرات الجوية المصرية، وخاصة فيما يتعلق بصفقات مقاتلات أوروبية متقدمة وصواريخ “جو–جو” بعيدة المدى، على رأسها صواريخ ميتيور الأوروبية التي باتت في حوزة مصر ضمن تسليح مقاتلات رافال الفرنسية.
ووفقًا لموقع “نتسيف نت” الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العسكرية، فإن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تتابع “بقلق بالغ” سعي القاهرة لتحديث سلاحها الجوي، وخصوصًا احتمالية حصولها على مقاتلات يوروفايتر تايفون المزودة بصواريخ ميتيور، والتي تعتبر من أخطر أنظمة الصواريخ جو–جو عالميًا بفضل مداها البعيد ومنطقة “اللا هروب” التي تُغلق عمليًا مجال المناورة أمام أي هدف جوي بعد إطلاقها.
القلق الإسرائيلي، بحسب التقرير، لا يتعلق فقط بنوع الطائرات، بل يتمحور بشكل أعمق حول نوع التسليح المصاحب لها، خاصة تلك الأنظمة التي يمكن أن تُقيد حرية الحركة الجوية لسلاح الجو الإسرائيلي وتحد من تفوقه النوعي الذي يُعدّ أحد أعمدة العقيدة الأمنية للدولة العبرية.
وعلى الرغم من أن الصفقة المحتملة لا تزال في مراحلها الأولى، تشير المعطيات إلى أن مصر تتبنى سياسة ممنهجة لتجاوز الهيمنة الأميركية على قرارات تسليحها، خاصة بعد حرمانها من الحصول على مقاتلات F-35. في هذا السياق، اتجهت القاهرة لتنويع مصادر تسليحها عبر صفقات مع فرنسا، وألمانيا، وروسيا، والصين، في ما يُعرف داخل التحليل الإسرائيلي بمرحلة “التنويع الذكي” التي بدأت بعد عام 2014.
وفي مواجهة هذا المسار، تحاول إسرائيل منذ سنوات التحرك دبلوماسيًا لإفشال صفقات التسليح النوعي بين مصر والدول الأوروبية، دون أن تنجح فعليًا في وقفها. فحتى الآن، تسلّمت القاهرة أكثر من 50 طائرة رافال فرنسية، مزودة بأنظمة هجومية متطورة، وتستعد لتوسيع قدراتها بمزيد من الصفقات الدفاعية المتقدمة.
ويقرأ مراقبون هذه الديناميكية كتحول استراتيجي في توازن القوى الإقليمي، خصوصًا في ظل تضاؤل النفوذ الأميركي في المنطقة، وارتباك صورة إسرائيل دوليًا على خلفية تداعيات الحرب على غزة، ما يفسح المجال لمصر لتعزيز استقلالها العسكري وتثبيت مكانتها الإقليمية.
تحذيرات غير مباشرة وردت في ختام التقرير الإسرائيلي، مشيرة إلى أن استمرار تحديث القوات الجوية المصرية قد يعيد تشكيل المعادلة الاستراتيجية في الشرق الأوسط، بما يعيد إلى الأذهان دور سلاح الجو المصري في حرب أكتوبر 1973 حين كسرت القاهرة قواعد اللعبة الجوية باستخدام أنظمة دفاعية متطورة آنذاك.
وتختم تل أبيب تقاريرها اليوم بقلق بالغ: “مصر اليوم ليست فقط جارة جنوبية، بل لاعب عسكري صاعد بامتياز“.
تعليق واحد