إقتصادتقاريرمجتمع
أخر الأخبار

البراق.. قطار فائق السرعة ينقل المغرب إلى عصر جديد من التنمية المستدامة

في خطوة استراتيجية جديدة تعكس الطموح الملكي في تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة، أشرف جلالة الملك محمد السادس، أمس الخميس، على إعطاء الانطلاقة الرسمية لأشغال إنجاز الخط السككي فائق السرعة (LGV) الرابط بين القنيطرة ومراكش، وذلك بمحطة الرباط-أكدال.

هذا المشروع العملاق الذي يمتد على طول 430 كيلومتراً، يأتي باستثمار إجمالي يفوق 96 مليار درهم، ويشكل امتداداً طبيعياً لمشروع “البُراق”، أول قطار فائق السرعة في القارة الإفريقية.

من طنجة إلى مراكش في أقل من ثلاث ساعات

يمثل هذا الخط الجديد نقلة نوعية في البنية التحتية للنقل السككي بالمغرب، حيث سيمكن من ربط مدينة طنجة بمراكش في أقل من ثلاث ساعات، وتوفير الربط بين العاصمة الرباط ومطار محمد الخامس الدولي في ظرف 35 دقيقة فقط، مما سيُعزز من اندماج المدن الكبرى ويُسهّل حركة المواطنين والسياح ورجال الأعمال على حد سواء.

كما سيواكب هذا المشروع شبكةً متطورة للنقل الحضري في الدار البيضاء والرباط ومراكش، ما يعكس تكاملاً بين النقل السككي والأنظمة الحضرية، في انسجام مع مقاربة مستدامة وشاملة.

البراق”: بداية التحول في مشهد النقل الوطني

منذ إطلاقه في نوفمبر 2018 تحت رعاية جلالة الملك، شكّل قطار “البُراق” نقطة تحول تاريخية في منظومة النقل الوطني، بوصفه أول قطار فائق السرعة في إفريقيا، ورمزًا للرؤية الاستراتيجية التي يقودها العاهل المغربي من أجل تحديث البنيات التحتية، وتعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

يربط “البُراق” بين الدار البيضاء وطنجة في وقت قياسي، معتمدًا على الطاقة النظيفة، ما يجعله نموذجًا رائدًا في التنقل المستدام. كما ساهم هذا القطار في تسهيل تنقل نحو 5.5 مليون مسافر خلال سنة 2024، وربط مركزين اقتصاديين حيويين: الدار البيضاء، القلب الصناعي والمالي للمملكة، وطنجة، المنصة الصناعية المتقدمة على أبواب أوروبا.

نحو شبكة وطنية مترابطة ومستدامة

المشروع الجديد بين القنيطرة ومراكش يأتي ليُكمل الرؤية الملكية الطموحة نحو بناء شبكة سككية فائقة السرعة متكاملة، تُعزز الربط بين الشمال والجنوب، وتربط المدن بالمطارات والمراكز الاقتصادية. هذا الخط، إلى جانب “البُراق”، سيُشكلان العمود الفقري لنظام نقل وطني حديث، قادر على الاستجابة للطلب المتزايد على التنقل، وتوفير بديل فعّال ومستدام للتنقل البري، مع تقليص كبير في الزمن والمسافة.

تأثيرات اقتصادية واجتماعية متنامية

إلى جانب دوره في تسهيل حركة التنقل، يشكل القطار فائق السرعة عاملًا محفزًا للاستثمار والتنمية الجهوية.

فربط المدن الكبرى سيُسهم في خلق توازن تنموي، ويُشجع على إعادة توزيع النشاط الاقتصادي، ويعزز من جاذبية المغرب كممر استراتيجي بين إفريقيا وأوروبا.

كما أن تحرير طاقات الشبكة السككية التقليدية بفضل هذا المشروع، سيفتح المجال أمام تطوير خطوط القرب داخل التجمعات الحضرية الكبرى، لا سيما في الرباط، الدار البيضاء، ومراكش، مما يُحسن من جودة الحياة ويوفر بدائل حديثة للنقل الحضري.

رؤية 2030: المغرب على سكة المستقبل

تمثل هذه المشاريع الكبرى جزءاً من رؤية المغرب الاستراتيجية في أفق 2030، والتي ترمي إلى تحديث البنيات التحتية، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وتحقيق العدالة المجالية، من خلال نقل عمومي حديث ومستدام. فالمملكة، عبر مشاريع مثل “البُراق” والخط الجديد القنيطرة-مراكش، ترسم ملامح مغرب المستقبل: متصل، مندمج، وبيئي.

بهذه الرؤية المتكاملة، يتحول القطار فائق السرعة من مجرد وسيلة نقل، إلى أداة استراتيجية لإعادة رسم الخريطة التنموية للمملكة، وتعزيز مكانتها في محيطها الإقليمي والقاري. “البُراق” اليوم لم يعد فقط قطارًا، بل عنوانًا لمغرب يسابق الزمن نحو الريادة.

https://anbaaexpress.ma/hxxsf

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى