جلس صاحبنا في المقهى و بعد أن أخذ مكانه جاءته سيدة على إستحياء وبأدب موجهة التحية و تنتظر الطلب، و بما أن صديقنا لا يعرف الألمانية، خاطبها بأدب هل تعرف الحديث بالفرنسية و بابتسامة أجابت نعم قليل من الفرنسية.
فطلب كوب قهوة و مضت و بعد لحظات جاءت بالكوب وبيسكوي صغير ودائما مع الابتسامة، وبعدها فتح روايته و شرع في إلتهام صفحاتها والعيش مع أحداثها و بين الفينة والأخرى، يراقب ما حوله من جالسين و هم في هدوء و حديث مع بعضهم.
و من يجلس وحيدا، إما في تأمل ما أمامه من مناظر طبيعية خلابة أو قراءة كتاب أو تفحص هاتفه بسرعة المكان جميل قرب الطقس، مركز تجاري معروف يسمى ميكرو أمامه ورود وقرب ملتقى الطرق حيث تمر السيارات والباصات وفي لحظة تغير من مشمس إلى بارد مع سماء بدأت تأخذ اللون الرمادي و لوحات جميلة و لا أحد مكفهر الوجه أو يبدو عليه قلق..
المطاعم بدأت تستعد لاستقبال زبنائها من أجل تناول وجبة الغذاء، وصاحبنا بدوره سرق لحظات ليخط ما يشاهد و هو كله شوق للعودة لروايته و دون أن يغفل تدوين ما يثير انتباهه..
أما السيدة النادلة فهي ليست شابة كما هو الحال عندنا، بل عمرها يقارب السبعين وتشتغل بحيوية و بتفان، و أخرى في سن العشرين، وجلس بجانب صاحبنا رجل مسن و كانت الابتسامة و كان السؤال بلغة ألمانية مما جعل صاحبنا يخاطبه بالفرنسية.
و كان التجاوب و بعدها دخلا معا في حديث من أي بلد، انت من المغرب، و بدأ يتحدث عن صديقه المغربي و عن زيارته و مقامه بفرنسا لمدة سنتين في إطار مهمة و هي البناء مبعوث من طرف شركته و بعدها جاء صديق له و جلسا معا، و دخلا في حديث مطول ويبدو أنهما متقاعدين و نفس الشيء، بين نساء جالسات ويتحدثن ويتبادلن الابتسامات و منهن من تجلس لشرب كوب من القهوة أو عصير، وبعدها يتوجهن للمركز التجاري لشراء أغراضهن.
أما الرجال فيشربون البيرة، بالفعل هم أناس لا وقت لهم في الاهتمام بما لا يعنيهم هي مجرد ملاحظات عابر سبيل الأربعاء رابع و عشرون أبريل عام تسعة عشر و ألفان.