أنباء تيفيعاجلمجتمع

لقاء خاص وحصري مع المختطفة الصحراوية محمودة أحميدة سعيد بمخيمات تندوف

محمودة أحميدة سعيد، واحدة من اللواتي كن وما زلن عرضت للتنكيل والاختطاف والتعذيب والتضييق على سبل عيشها، كي لا تنعم باستقلالية مشروطة ومقيدة لضمان معيشها اليومي بمعية ذويها..

لقاء حصري وخاص تنفرد به جريدة أنباء إكسبريس مع المختطفة الصحراوية محمودة أحميدة سعيد بمخيمات تندوف، التي عانت الويلات من طرف البوليساريو.

لم تنشد جبهة البوليساريو يوما منذ نشأتها مبادئ الحرية والمساواة والعدالة والكرامة الإنسانية، على الرغم من سعيها الدؤوب للترويج لتلك القيم في أي مناسبة تتغيى من ورائها إستمرار سيطرتها على الوعي الجماعي الصحراوي، وفرض سيمفونيات شنفت مسامعنا بها منذ الصغر من قبيل البوليساريو ممثل شرعي ووحيد للصحراويين، والصحراويات ماجدات، لم ولن يتعرضن للسوء داخل المخيمات، والمبادئ التي تكلست فوق صحراء لحمادة دون ترجمتها على أرض الواقع.

واقع قاسى من مرارته الرجال والنساء والأطفال في بيئة لافظة لأدنى شروط العيش الكريم، وفي سياق اللاقانون والقمع والتضييق وخنق الحريات وقضم الحقوق، ومعاقبة كل صوت تواق إلى البوح بآلامه وأحلامه وتطلعاته ببزوغ فجر أفضل إطلالة من ماضي وواقع الصحراويات والصحراويات على أرض تندوف.

فالسياق السياسي والعسكري والأمني بمنطقة تندوف، بما يشمل مخيمات الصحراويين على التراب الجزائري، ظلت بعيدة عن أي حماية دولية، تمكن هؤلاء الأشخاص من ولوج امن لحقوقهم وحرياتهم، بل وتركتهم السلطات الجزائرية وهيئات الأمم المتحدة المتخصصة دون إحصاء عبر آلية الحوار أو تحديد حقيقي لحاجياتهم الإنسانية للاضطلاع بها، وأصبحوا في حكم عديمي الجنسية، منقادين قسريا لطوع تنظيم عسكري لا يحسن سوى قتل وإختطاف وجلد وتعذيب وسوء معاملة حرائر وأحرار الصحراء، كلما إشتد توقهم إلى الانعتاق من قفص البوليساريو المحكم الإغلاق.

في مخيمات الصحراويين، لا مكان آمن من بطش قيادة البوليساريو وعناصر آمنها، بل وتحامل تنظيماتها الموازية، بما في ذلك جمعيات المجتمع المدني التي تحوم في فلك التنظيم.

إنتهاكات جسيمة بالجملة إرتكبت دون أن ينبس الكثيرون ببنت شفة، لا لشيء سوى للاستمرار في خدمة المشروع بأي وسيلة كانت، حتى إن إنتهكت حرمات وإقتلعت أضراس وكسرت أضلاع وعذبت نساء وإحتجزت فتيات في مقتبل العمر، وأحرقت أجساد كانت تحفر الأديم بحثا عن لقمة عيش تسد بها رمق ذويها.

محمودة أحميدة سعيد، واحدة من اللواتي كن وما زلن عرضت للتنكيل والاختطاف والتعذيب والتضييق على سبل عيشها، كي لا تنعم باستقلالية مشروطة ومقيدة لضمان معيشها اليومي بمعية ذويها.

إمرأة قررت أن تعلن بصوت جهوري، رغبتها في التخلي عن كلما يمنحه البوليساريو للصحراويين بالمخيمات، وركبت غمار المجهول لبناء ذاتها بوسائل ذاتية، غير آبهة بما ينتظرها من إكراهات مرتبطة بعقلية الجور والصيال والظلم، من قبل قيادة فاسدة داعمة لعصابات من ذويها، لا تحسن سوى السلب والنهب.

صرحت السيدة محمودة احميدة سعيد في هذا اللقاء الخاص والحصري لنائب رئيسة تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية المكون من منظمة أفريكا ووتش ومنظمة مدافعون من أجل حقوق الإنسان والشبكة الدولية لحقوق الإنسان والتنمية، السيد عبد الوهاب الكاين، بتفاصيل قصتها الحزينة، والتي لا تبدو مقتربة من نهايتها، لأنها كلما ألحت هذه المرأة الصحراوية على طلب حقوقها وإنصافها، ازدادت معاناتها مع مختلف مسؤولي البوليساريو، ومشايعيهم من أصحاب المال والنفوذ، إذا كان ذا طبيعة قبلية أو سلطوية أو مالية، حيث يتعاظم التضييق والقمع والاختطاف والتعذيب والتضييق في الرزق في وجهها، ولم تسلم من صمت وتحامل بني جلدتها ممن صادر تنظيم البوليساريو أدميتهم وتسفيه فاعلين مدنيين محليين بالمخيمات لنضالاتها بحجة تعارضها مع سياسات قادة الجبهة.

أجابت السيدة محمودة احميدة سعيد بحرقة على أسئلة الصحفي، وكأنها تتفقد ذكريات الالتحاق بالمخيمات في سبعينيات القرن الماضي وأحلام الكثيرين من جيلها بالرجوع إلى أرضهم في أسبوع على أبعد تقدير، حسبما ما صورته لهم قيادة البوليساريو الخالدة، بالإضافة إلى شحن البشر والحجر في تندوف بمشاعر الحقد والكراهية في وجه كل من لا يتوافق مع التنظيم.

أضافت متحسرة على ما ضاع من عمرها، أنها تعرضت للاختطاف والاعتقال خمس مرات لنفس السبب، وتحت مسؤولية نفس الأشخاص الذين يتبادلون الأدوار لحماية مصالحهم الشخصية ومصالح ذويهم وأولئك الذين يخضعون لحمايتهم.

وأوضحت الضحية المفرج عنها، ألا أمل في الولوج لآليات إنصاف وطنية جزائرية لحماية الأشخاص المحتجزين بمخيمات تندوف الواقعة على التراب الوطني الجزائري، لأن الجزائريين لا يعتبرون شؤون المخيمات من مسؤولياتهم، ويترك أمرهم لقيادة البوليساريو، باعتبارها الجهة المخولة لتدبير الشؤون الأمنية والقضائية والحياتية لقاطني المخيمات، دون أدني مراقبة من الدولة المضيفة أو تتبع واستفحاص من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، إلا بالقدر الذي سيلمع صورة الجزائر كحاضنة لمخيمات للاجئين تستدعي المزيد من الدعم المالي واللوجستي، في إطار تدافع بين الجزائر والمغرب على الريادة إقليميا ودوليا.

وأشارت السيدة محمودة احميدة سعيد، أن صوتها لم يكن ليصل إلى العالم، لولا مبادرة تحالف المنظمات غير الحكومية الصحراوية ومرافقته لها في محنتها بمعية اخرين، عكس لجنة لحقوق الإنسان بالمخيمات، لا تنجز من أعمال سوى مرافقة أمين البوليساريو والدعوة له بتجديد العهدة لاستمرار الانتهاكات الجسيمة ضد صحراويي المخيمات والتنكيل بهم، حتى ان تعلق بالاحتجاج على الحيف والنهب والسلب الذي يتعرضون له، بحضور تلك اللجنة اليتيمة.

أماطت السيدة محمودة اللثام عن وجه البوليساريو القبيح، الذي يخفي كذبة كبرى حول فكرة الاستقلال التي زرعتها في أذهان الالاف، دون تملك الشجاعة الكافية لمصارحة الصحراويين بسراب الحلم الذي لن يتحقق سوى في هرولتهم لتكديس الأموال والمكاسب وتأهيل أبناء القيادة وضمان شروط رغد العيش لهم في الخارج، وتفقير الفقراء بالطبيعة وبالمكوث بالمخيمات لضمان تبعيتهم وصمتهم على معاناتهم ومقاساتهم لظروف شديدة التعقيد.

يضاف إلى ذلك بطش قيادة لا تراهم فيهم سوى أرقاما إحصائية  لاستدرار المزيد من المساعدات ومحاولة التنفيس عن فشل الحليف في مواجهة مشاكله الداخلية المستعصية، بخوض معارك دونكيشوتية متخيلة، لشجاعة ومرؤة  متخيلتين لنظام يرى في نفسه مخلصا لشعوب العالم من الشرور، غير أنه لم يرى العدو إلا في سماحة وعظمة جاره الشمالي، فأخذ يتوهم أن إنجازات المغرب، مقدمة لأعمال عدوانية تستهدف أمنه القومي، بينما يرى العالم أجمع أن الأمر يتعلق بصراع لدون كيشوت المرادية مع طواحين هواء أقاليم المغرب الجنوبية، يتخيل فيه غرس رمحه فيها باحتضان تنظيم البوليساريو، لكنه علق بها، فخسر القدرة على الاستجابة لتطلعات وحاجيات الشعب الجزائري في التقدم والتعليم ذا جودة والصحة والتربية على المواطنة وحقوق الإنسان والحريات، لصالح معاكسة مصالح المغرب ومحاولة تلطيخ سمعته إقليميا ودوليا، وممارسة نفاق سياسي اتجاه المغاربة بعدم تدخله في قضية الصحراء، بينما يكاد المرء يجزم أن أي حركة أو سكون لصحراوي فعلها بالمخيمات يقابله مراقبة لصيقة لضابط جزائري، وأن التجمعات المشكلة للمخيمات لا يربطها أي نوع من أنواع التنسيق مع خارجية وداخلية الدولة المضيفة، بل تعتبر ملحقة خالصة لمكتب التنسيق العسكري بتندوف التابع للناحية العسكرية الثالثة ببشار.

في ختام اللقاء عبرت السيدة محمودة احميدة سعيد عن استيائها العميق من صمت مكونات المجتمع المدني الصحراوي المريب عن ارتكاب انتهاكات جسيمة ضد صحراويي المخيمات، وأضافت أن كلما استمر الفاعلين المدنيين، تقوت شوكة قيادة البوليساريو وبسطت قمعها على مدنيين عزل، لا يبحثون سوى عن سبل عيش كريم، ومخرج لصراع طال أمده للرجوع الى أرضهم والعيش وسط حاضنتهم الاجتماعية في سلام.

https://anbaaexpress.ma/274q5

عبد الوهاب الكاين

رئيس منظمة أفريكا ووتش Africa Watch كاتب صحفي وباحث في حقوق الإنسان.

‫2 تعليقات

  1. ماذا يمنع منت احميدة من الروجوع حسب ماكتبتم الي ارضها والعيش في وسط حاضنتها الاجتماعية حسب اعتقادكم؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى