لقد أطلق صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده مبادرة متقدمة وطموحة الهدف منها مأسسة الدولة الإجتماعية عبر إعتماد مشروع للحماية الاجتماعية والذي يعد نموذجا فريدا في المنطقة.
هذا المشروع يرتكز بشكل أساسي على توفير التغطية الصحية بجودة عالية وبفعالية ونجاعة إحترافية تسهم في القطع مع الممارسات التمييزية التي كانت سائدة حيث هناك شرائح كبيرة من المجتمع غير قادرين على الولوج لخدمات الصحة بسبب إنعدام أو ضعف التغطية الصحية لديهم.
ومن بين عناصر نجاح هذا المشروع الوطني الكبير نجد ضرورة التوفر على هياكل تدبيرية قادرة على تحمل المسؤولية الجسيمة ونخص هنا بالذكر الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الذي من المفترض أن يقوم بتوحيد الإشراف على أنظمة التغطية الصحية للقطاعات كافة سواء منها القطاع الخاص أو القطاع العام، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الصندوق سيكون عليه التعامل مع جمعيات التعاون المتبادل أو التعاضديات الخاصة، وتعاضديات القطاع العام والتي سيكون عليها أن تلعب دورا محوريا في إنجاح أو إفشال منظومة التغطية الصحية ككل مادامت المنظومة ستصبح مندمجة في إطار تدبيري واحد.
وللحديث عن تعاضديات القطاع العام التي سنخص كلا منها بمقالات منفردة نظرا لاهمية ما تعيشه على إستقرار أو فشل المنظومة ككل سنختار لهذا المقال الأولى، التطرق “للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية“، كنموذج باعتبارها أكبر تعاضدية للقطاع العام وأكثرهم إثارة للجدل.
هذه التعاضدية تنفرد بتغطيتها لأزيد من نصف موظفي القطاع العام أي أكثر من أربعمائة ألف موظف عمومي وتصرف ميزانية سنوية إجمالية (القطاع التعاضدي والصندوق التكميلي عند الوفاة) تقترب من المليار درهم (حولي مائة مليار سنتيم) وهذه المؤسسة تعالج على الأقل مليون وخمس مائة ألف ملف مرض في السنة أي حوالي أربعين ألف ملف في الأسبوع يعني لها علاقة مباشرة كل أسبوع بحوالي أربعين ألف مريض وهو رقم مهول ويبعث على الرعب في حال إنهيار هذه المؤسسة.
وهذه المؤسسة كذلك تنفرد برئاسة الإتحاد الإفريقي للتعاضد و عدد آخر من المنظمات الجهوية والدولية وسنتطرق لاحقا للضرر الكبير الذي لحق صورة المملكة المغربية بسبب الفساد المستشري في هذه التعاضدية وبسبب ضعف ممثليها في هذه المنظمات ما أدى إلى تهريب جزئي لهياكل الإتحاد الافريقي للتعاضد إلى دولة لا تكن الخير لبلدنا.
حيث تم افتتاح مقر للإتحاد الإفريقي للتعاضد بتونس في نفس الأسبوع الذي استقبل فيه قيس سعيد زعيم مليشيا البوليساريو بتونس.
علما أن وثائق الإتحاد الافريقي لا تسمح باحداث فرع بهذا البلد ولا بشمال إفريقيا لأن التمثيلية بموجب اتفاقية المقر هي للمغرب.
هذه التعاضدية العامة كذلك هي الوحيدة التي طبق في حقها قرار حل الأجهزة المنتخبة مرتين متتاليتين خلال العشرين سنة الماضية وتعاقب على رئاستها أربعة رؤساء منهم ثلاثة منتخبون وواحد معين ومن بين الثلاثة رؤساء المنتخبين إثنين يواجهان عقوبات سجنية خطيرة وهما الفراع الذي كان قد حكم عليه بخمس سنوات سجنا نافذا ولا يزال ملف القضائي مفتوحا لم ينتهي بعد ورئيس آخر موجود بالسجن في إطار المتابعة القضائية في حالة اعتقال وهو عبد المولى عبد المومني، والرئيس الثالث أي الرئيس الحالي وهو السيد ابراهيم العثماني.
والذي سبق أن خضع للتحقيق في ملف الفراع لكونه كان مسؤولا إلى جانبه في تدبير شؤون التعاضدية آنذاك قبل أن يتولى حاليا رئاسة هذه المؤسسة الإجتماعية.
وجدير بالذكر، أمرت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط، في 22 مارس الماضي، باعتقال عبد المولى عبد المومني، الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وذلك على خلفية شبهة اختلالات، شابت صفقات التعاضدية.
حيث أوقفت عناصر أمن تابعة لولاية أمن الرباط الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، رفقة اثنين من المنتخبين في التعاضدية، بعدما قرر الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بالرباط متابعة المومني في حالة اعتقال، رفقة الآخرين، وذلك على خلفية اختلالات شابت صفقات التعاضدية.
إبراهيم العثماني.. الرئيس الحالي للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية
وحسب مصادرنا، يبدو أن الرئيس الحالي، منذ توليه رئاسة قام بحل الاشكالات وبتسويات ودية مع الشركات المتنازع معها، في إطار ملف الفراع.
بحيث سيتفاجئ المغاربة يوما ببراءة الفراع بعد كل هذا المجهود القضائي مع ما سيترتب عن ذلك من رد فعل اجتماعي ومن رسائل سلبية لكل من يحارب الفساد.
إن دراسة مسلسل الفساد في هذه المؤسسة خلال العشرين سنة الماضية لكفيل بأن يعطينا دروسا مهمة جدا عن مدى نجاعة الجهود الجبارة التي تبدلها الدولة المغربية لمكافحة الفساد المالي والإداري خاصة في هذا النوع من المؤسسات ذات الطابع الإجتماعي.
وهذا ما يجعلنا نتسائل ماهو العنصر المشترك في هذا المسلسل بأكمله بين الفراع وعبد المومني وعسو و العثماني أربعة رؤساء ما الذي يتغير حين تم استبدال الفراع بعبد المومني مثلا:
الجواب هو لا شيء فعبد المومني الذي كان عضوا في لجنة المراقبة أيام الفراع هو الوحيد الذي تغير خلفا للفراع بينما بقي أعضاء المجلس الإداري و المناديب وكل شيء على حاله لم يتغير شيء خاصة عراب الفساد الذي سبق أن حكم عليه بسنة سجنا نافدة والذي يعتبر في حالة فرار من إنفاد حكم قضائي والذي أطلق على نفسه بصانع رؤساء التعاضدية.
وتؤكد المصادر، بأن هذا الشخص يتحمل مسؤولية التسيير الفعلي للتعاضدية في عهد الرئيسين المتابعين أمام القضاء وهو نفسه الذي استغل قرابته بشخص في ديوان وزير التشغيل الأسبق ليدس من خلاله تقريرا أقل ما يقال عنه أنه مليئ بالأخطاء والمغالطات ومليئ بالحقد والرغبة في الانتقام ليتحول هذا التقرير بعد اعتماده من طرف وزير التشغيل السابق لتوظيفه في عملية تصفية حساباته السياسية تحول هذا التقرير الفضيحة إلى وثيقة ارشادية فرضت على هيئة مراقبة التأمينات التي اضطرت إلى إيفاد بعثة للمراقبة بعين المكان كان الهدف من ورائها تأكيد التفاهات الواردة في التقرير ما جعلها تمر بجانب الخروقات الحقيقية الادارية والمالية المقترفة في عهد عبد المومني واقتصرت على إصدار تقرير هزيل وضعيف بسبب الوثيقة التي كان ورائها عراب الفساد المحكوم قضائيا.
نفس الشخص الذي حارب الفراع وجاء بعبد المومني هو نفسه الذي إنقلب على عبد المومني وحاربه إلى أن تمت الاطاحة به وجاء بالعثماني خلفا له وها هو يعيد نفس السيناريو.
بل أن طريقة تنفيذ الفساد بهذه المؤسسة هو هو لم يتغير و نفس طريقة الاشتغال هي نفسها لم تتغير، رغم اختلاف الرؤساء وهو ما سبق لعدة منابر إعلامية ورقية والكترونية وتقارير أن تطرقت له.
وحسب معلوماتنا من مصادر جد مطلعة فهو يتقاضى شهريا مبلغ عشرة الاف درهم نقدا من الرئيس الحالي هو أحد اعوانه السابقين الذي كان يكتب بشكل يومي قدفا وسبا في عبد المومني ليسكت بشكل فجائي منذ أن خصصت له إتاوة تقدر بعشرة آلاف درهم يتقاضاها شهريا و نقذا كذلك بل وتم تكريمهما في المجلس الإداري للمؤسسة كأبطال دون التنبه إلى أنهما غير منخرطين بالتعاضدية العامة وأحدهما مبحوث عنه.
الا أن الذي تغير هو أن الرئيس الحالي قام بافراغ المدخرات القانونية للتعاضدية العامة في مخالفة واضحة للقانون وعهد بتسيير هذه المدخرات إلى شركة خاصة وفق مصادرنا الخاصة.
أما مسألة الصفقات فالمجال سيأخذ منا أزيد من مقال للاحاطة بجزء بسيط منها فعلى سبيل المثال تم صرف ما يناهز سبعة مائة مليون سنتيم من أجل احداث فواصل خشبية في عمارة التعاضدية، ولن نتحدث الان عن الشركات الوحيدة المكلفة بالمشتريات و تنظيم الرحلات و الأسفار و الاجتماعات و في ملكية من وكلفة كل منها حيث ستنفرد أنباء إكسبريس بنشر الوثائق الخاصة بها في المقالات المقبلة.
ولن نغفل المشروع الخطير الذي سيقضي على المؤسسة بشكل نهائي و المتمثل في إحداث تعاضدية صحية تابعة لتشغيل وحدات صحية تتميز بأن خدماتها مجانية أو شبه رمزية ما يعني جر المؤسسة للافلاس على غرار ما تعيشه تعاضديات القطاع العام التي تبنت هذه المنهجية.
تتمة..
المغرب ينخره الفساد في جميع القطاعات وهذا واقع بلادنا للأسف
شكرا لأنباء إكسبريس على تنوير الرأي العام، موقع يستحق التنويه وله صبغة دولية ومن أهم المنابر التي تدافع عن الوحدة الوطنية ويتصدى لاعداء الوطن وللفساد، يتميز بالمصداقية و دقة المعلومة، موقع مستقل له كتاب ومفكرين وفلاسفة وخبراء..، تساهم في النشر عبر موقع أنباء إكسبريس المحترم، الجريدة رقم 1 بدون منازع وهنيئا لكم بفتح فرع أنباء إكسبريس في مدريد
تدخلي سيكون مركزا على ما قلتموه عن التعاضدية الصحية بشأن احداث تعاضدية صحية وهذا ليس رغبة من التعاضديات او شركات للتامين الصحي بل قانون 65.00 في مادته 44 يمنع الجمع بين التامين الصحي و تقديم الخدمات الطبية. مما جعل التعاضديات تلتف على القانون بتخريجة تعاقدية صحية يبقى اعضاء محلسها هم نفس اعضاء تعاضدية التامين التكميلي. اعضاء بلا انتخابات من المنخرطين. و للعلم فإن التعاضدية العامة بامتناعها عن فصل مهنة التامين عن مهنة تقديم الخدمات الطبية جعلت نفسها خارج مواد قانون 65.00.