آراءثقافة

المفاهيم الأساسية السبعة في القرآن

سورة الفاتحة

كانت والدتي تحب سورة مريم فحفظتها إكراما لها. كنت يوما طالبا في المرحلة الإعدادية في الصف السابع. السورة لها جرس معين وجو روحاني خاص من زكريا ويحيا ثم مريم وعيسى. هنا نجد شيئا حتى الانجيل لم يذكره مع أن العهد الجديد حافل بالمعجزات في النسخ الأربعة من الأناجيل أعني متى ولوقا ومرقس ويوحنا عن نطق عيسى في المهد صبيا؟.

في الصف التاسع كان مطلوب منا حفظ سورة فصلت فلفت نظري فيها آية سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق؟ لكن السورة السباعية التي تتكرر في ركعات صلواتنا السبع عشرة علينا قراءتها مع فاتحة كل ركعة، وهكذا نقرأها في صلاة الفجر لترتفع إلى أربع مرات في كل من صلاة الظهر والعصر والعشاء إلى ثلاث مرات في صلاة المغرب.

طبعا هنا لولا السنة المتواترة ما عرفنا لا عدد الركعات ولا ما يقرأ فيها ، وهذه أحد إشكالات وسقطات من يقول علينا بالقرآن فقط، وهو أمر عملت عليه في قناتي التي تحمل عنوان رحلتي في عالم الطب والفكر خصصت حلقة بعنوان القرآنيين. والعنوان فيه قدر من التحمس أعني اعتماد القرآن فقط ولكنه يدخلنا إلى باب عريض حيث تدوين السنة وكيف انبرى علماؤنا من قديم في نفض وغربلة الأحاديث التي نقلت إلينا خاصة صحيح البخاري الذي صفاه إلى حوالي ألفي حديث ويزيد ولكنه كان خلاصة مئات الآلاف من الأحاديث.

وبالطبع فهناك بعض الأحاديث التي تحتاج بدورها إلى غربلة وهو ليس حديثنا هنا. سورة الفاتحة كتب عنها محمد عبده كتابا خاصا. وكتب المودودي في كتابه المصطلحات الأربعة في القرآن الكريم حيث حاول ان يحرر المفاهيم الأربعة الواردة في السورة (الإله ـ الرب ـ العبادة ـ الدين) وفعلا لو حاولنا تأمل السورة نرى الرقم سبعة؟

أولا مما يوحي كأنها السبع المثاني التي جاء ذكرها في سورة الحجر ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم.

حيث وقف العديد من المفسرين يحاولون استقراء النصوص لمعنى السبع المثاني والأمر لا يحتاج إلى كثير من التعقيد؟ فما هي المفاهيم السبع الأساسية التي أرادت هذه السورة السباعية أن توصلنا إليها؟

في قناعتي أن المفتاح الأول هو العالمية فالحمد والشكر والثناء والتسبيح كله يتم التوجه فيه إلى رب واحد يضم المخلوقات جميعا وهكذا يتم اختصار كل الوجود في كلمة واحدة الله رب العالمين الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى.

وفكرة العالمية حاولت الإمبراطوريات قديما أن تحققها بالقوة والسيف سواء مملكة جنكيزخان وتيمورلنك أم حديثا مدرعات هتلر في الاستيلاء على أوروبا أو حاليا 36 قاعدة لأمريكا تسيطر على العالم. هنا القرآن يقول أن الله هو رب العباد جميعا قوله الحق صدقا وعدلا.

ومنه ينبثق ميثاق الأمم المتحدة الحالية الذي وصلت إليه بتساوي البشر جميعا بغض النظر عن اللون والعرق والجنس، وهو ما أطلقه نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم بفاتحة القرآن؛ أن الحمد لله الذي هو رب الخلائق جميعا فهذا هو المفهوم أو المفتاح الأساسي الذي جاء من أجله الأنبياء جميعا عبر التاريخ. ومنه قال رسول الرحمة كلكم لآدم وآدم من تراب.

أما المفهوم الثاني فهو الرحمة وذكرت مرتين بلفظ رحمن ورحيم فهو الذي بني عليه الكون وهكذا تتدرج الرحمة درجات لتصل إلى سقف ما بعده علو من ألطاف الرحمة في كل خلق. وعلاقة رب العالمين مع الخلائق تقوم على اللطف والعناية وليس القسوة والغلظة. ومنه كان السلام من ينبوع الرحمة والحرب والنزاعات من لظى العذاب وزوال الرحمة.

وفي القرآن آية يخشع لها القلب حين يلزم الرب نفسه بالرحمة. فيقول كتب على نفسه الرحمة. وينقل عن غوستاف لوبون قوله لم يعرف التاريخ فاتحا أرحم من العرب كما ينقل عن روما أنها كانت قاهرا لا يرحم فهذا هو الفرق. وفي المسيحية أن الله هو المحبة وهي صنو الرحمة فمن عين الحب تتدفق الرحمة مثنى وثلاث ورباع.

ويأتي المفهوم الثالث أن الكون له نهاية وأن النهاية ليست عبثية بل تقوم بالعدل أولا وبالرحمة بعدها ومنه كان رسول الرحمة ص يقول لن يدخل الجنة بعمله فيسألوه ولا أنت فيقول إلا ان يتغمدني الله برحمته.

ويأتي المفهوم الرابع في تأكيد الرباعية التي ذكرناها (الرب ـ الإله ـ العبادة ـ الدين) فمالك يوم الدين هو الدينونة والحساب فلم يخلق الكون عبثا ولا الإنسان سدى. ومما يروى في تأكيد مفهوم الدين حين يدخل عدي بن حاتم المسجد وفي عنقه صليب ليسمع كلاما لم يفهمه ولا يرضيه عن الأحبار والرهبان ما نسميهم اليوم رجال الدين كان رسول الرحمة ص يقرأ قوله تعالى من سورة التوبة اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله.

هنا نرى اختلاط المفهوم السياسي والتيولوجي. مما أتذكر كيف كان بوطين يأخذ الفتوى من رجال الدين لهجومه على أوكرانيا أخذها من مفتي التتار من المسلمين وواعظ الارثوذكس. انتفض عدي وقال لا .. لا كيف نتخذهم أربابا؟

هدّاه نبي الرحمة بقوله ياعدي إنهم حرموا لهم الحلال وحلّلوا لهم الحرام فاتبعوهم فذلك عبادتهم إياهم.
ويأتي المفهوم الخامس عن الدعاء وفلسفته في الهداية بقوله اهدنا الصراط المستقيم وهو اقصر الطرق بين نقطتين في علم الرياضيات. وهو بحث سنفرد له مقالة خاصة.

ويأتي المفهوم السادس عن بناء مفهوم النعمة بالهداية الربانية. ويبقى العمود السابع في السورة فتختتم السورة بصنفين من الناس من لم يعرف الحق فهو من الضالين وأسوأ خلق الله الذين يعرفون الحق ويركبون رؤوسهم بحماقة فيخالفون فيدفعون الثمن خزيانا في الآخرة وخسارة في الدنيا.

https://anbaaexpress.ma/xygtn

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى