لو لم أولد يوما لأرى و ما سأرى و ما رأيت، نعم رأيت كما رآى غيري و رأيتم أنتم ، مصائب يندى لها الجبين، نعم سمعتم و سمعنا حكايات غريبة عن مآسي لم نكن نتصور يوما ما أنها حدثت و لا زالت تحدث، حكايات أسوقها لكم من واقعنا المعيش، حكايات لم يكن يتصور حدوثها من كانوا قبل جيلي و من جايلوني و من أتوا بعد جيلي، من بين كثرة الحكايات أسوق لكم بعضا منها:
“أستاذ يدرس طلبة في تخصص ما كان يقايض طالباته خلال السنة الدراسية و خاصة عند كل دورة بالجنس مقابل نقاط مؤهلة للنجاح، و مثله أساتذة يلزمون طلبتهم بشراء مقرر دراسي من تأليفهم و عليهم توقيعاتهم حتى يمكنهم الحصول على معدل في موادهم..”
“إعلاميون و صحفيون تركوا قضايا اجتماعية و سياسية ذات أهمية و أصبحوا يخوضون في أعراض بعضهم البعض، عوض التحليل للظواهر المعيبة و القضايا الآنية، ينزلون قذفا و تشهيراً وتنقيصا من زملائهم بل تعدى تجريحهم الخوض في أعراض أسر زملائهم باختلاق الكذب و البهتان..”
“شباب عوض ركوب مغامرة تسلق درجات العلم أصبحوا يركبون قوارب الموت، بحثا عن مستقبل كله أوهام و أحلام أكثرها لا يتحقق فيضيعون و تضيع معه أحلامهم، بل منهم من أصبح مسجونا أو مقتولا أو مدمنا خمر أو مخدرات..”
“نساء يبدون أنهن محترمات، تعاطين لمحتويات تافهة بل ماجنة بمسمى روتيني يومي بحثا عن جمع المال، و منهن بمباركة ازواجهن و منهن بمشاركة أزواجهن، و منهن من أقحمن حتى صغارهن..”
“رجال أعتبرهم ذكورا تخلوا عن والديهم في دور العجزة أو المتخلى عنهم وهم من ضحوا من أجلهم بالغالي و النفيس، و أصبحت لهم مراكز مهمة داخل المجتمع ، فتنكروا لهم و انتهى بهم المطاف فيما ذكرت..”
“أحزاب ونقابات عوض تأطير المنخرطين من الشباب وهم النسبة العظمى مالوا نحو المناصب وجمع المال، فتركوا فراغا و خلقوا جيلا من المصلحيين و المنتفعين..”
“أناس باسم العمل الخيري جمعوا أموالا عوض أن تنفق فيما جمعت له ادخروها لحسابهم الخاص، و ما أكثرهم و هم من يطلق عليهم تجار المآسي و تجار الدين الذين يستعملون الدين و الدين منهم براء..”
“أناس يأتون طالبين سلفات و بعد تمكنهم مما طلبوا انقلبوا على من ساعدهم و تنكروا لهم، مما خلق عدم الثقة و جعل الناس الشرفاء يكفون عن ذلك..”
“نساء حصلن على طلاقهن و ابتعد عنهن من واعدنهن بالزواج لسبب بسيط من تخون زوجها فهي لا تستحق ان تكون زوجة فتبخرت أحلامهن التي بنينهن بوعود كاذبة..”
“رجال أي ذكور بدأوا حياتهم مع زوجات مخلصات وفيات من درجة الصفر بعد أن فتحت الدنيا عليهم رزقا تنكروا لمن ضحون معهم و تركوهم بحفنة أولاد و تزوجوا صغيرات و ضيعوا زوجات و أولاد..”
هذا قليل من كثير، ماذا تغير ؟ و لم صرنا هكذا، أسئلة أصبحت متداولة بين من آلمهم هذه المشاهد و الوقائع التي غيرت من صورة مجتمع البساطة و الوفاء و التضامن إلى مجتمع الخيانة و الكراهية و الأنانية.