آراءسياسةعاجلمجتمع

المغرب.. إنطلاق حملة “الأيادي النظيفة” ثورة على الفساد والمفسدين

حملة الأيادي النظيفة المغربية ستعمم في جميع القطاعات

أولا، قبل كل شيء، يجب أن نعترف بأن المغرب يعرف تحسناً كبيراً جداً، على عدة أصعدة وفي مجموعة من القطاعات، برئاسة الملك محمد السادس، وتطور إيجابي ملحوظ، خصوصا خلال خمس سنوات الأخيرة، حيث اصبحت جل البلدان العالمية منبهرة بالمملكة المغربية وانجازتها.

هذه الإنجازات والمشاريع والأوراش الكبرى التي حققتها المملكة المغربية، هي مكتسبات حقيقية وملموسة، يجب الحفاظ عليها والاستمرار في تطويرها.

هذا التحدي الكبير شكل نقطة مفصلية في سياسة الدول المغربية، وقررت الدولة تبني عملية “الأيادي النظيفة”، ومحاسبة الفساد والمفسدين، وكل من تحلق فوق رؤوسهم شبهات الفساد، وخصوصا أصحاب النفوذ السياسية والمناصب العليا.

كما كشفت دراسة ميدانية للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها عن أرقام صادمة لانتشار الفساد في مجموعة من مؤسسات الدولة.

وللإشارة، هذه المؤسسة الدستورية، التي أنجزت الدراسة الميدانية، تعتبر مؤسسة شبه قضائية، ويتوفر أعضاؤها على الصفة الضبطية.

فالدراسة كشفت عن أرقام مخيفة، وأكدت أن الفساد شائع بنسبة 75 بالمئة بوزارة الصحة و70 بالمئة بالأحزاب و63 بالمئة في الحكومة والبرلمان و58 بالمئة في النقابات و55 بالمئة في قطاع الإسكان والتعمير والعقار و48 بالمئة بالقضاء.

مؤكدة، بأن الفساد ينتشر، وفق المعطيات ذاتها، بنسبة 45 بالمئة بالجماعات الترابية و42 بالمائة بالصحافة والإعلام والنسبة نفسها بالإدارات الترابية وبإدارة الضرائب و40 بالمئة بقطاع التعليم و24 بالمئة بالضمان الاجتماعي و17 بالمائة بالمؤسسات الدينية.

وكذلك، قامت عدة جمعيات المجتمع المدني، التي هدفها محاربة تبديد المال العام، والترافع في قضايا الفساد، بالتبليغ عن عدد من المشبوهين، وعلاقتهم بتدبير الشأن العام، وما أكثرهم.

عملية الأيادي النظيفة

يبدو أن حملة “الأيادي النظيفة” إنطلقت فعليا في المغرب، هدفها مكافحة الفساد بطريقة فريدة من نوعها، على مستوى الدولي، وهناك عدة تجارب، مثلها خاضتها مجموعة من الدول على سبيل المثال إيطاليا وروسيا..

التجربة الإيطالية، “ماني بوليتي Mani pulite” أو الأيدي النظيفة، كانت جد متميزة، أدت إلى إنشاء ايطاليا متطورة ومستقرة، كان تحقيقاً قضائياً إيطالياً على الصعيد الوطني، حول الفساد السياسي أجري في التسعينات من القرن الماضي.

وأدى ذلك إلى اختفاء العديد من الأطراف الفاسدة، خلال هذه الحملة غير المسبوقة، كما انتحر بعض السياسيين وقادة الصناعة بعد كشف جرائمهم، أما الرأي العام.

كانت عملية الأيادي النظيفة، التي نُفذت في إيطاليا، أشهر حملة لمكافحة الفساد في العالم، وهي عملية قضائية وأمنية، تم التحقيق مع ما يقرب من 20 ألف مشتبه بهم من ساسة ونخب ومسئولين كبار في الحكومة وموظفين في الأمن ورؤساء شركات الكبرى.

رغم أن الفساد لم يختفي من إيطاليا تماما، لكن المواقف تغيرت بشكل كبير، أغلب الايطاليين يعتبرون اليوم الفساد جريمة، وقبل ذلك كانوا يعتبرونه معيارًا للحياة.

أما التجربة المغربية، مؤخرا، تفجرت ملفات فساد كبرى وتبديد أموال عمومية، أبرزها ملف “إسكوبار الصحراء” حيث أعلن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أن قاضي التحقيق، قرر إيداع 20 شخصا السجن، بعد استنطاقهم ابتدائيا، مع إخضاع شخص واحد للمراقبة القضائية، من أصل 25 شخصا في قضية تتعلق بالاتجار الدولي للمخدرات.

ومن بينهم من يتولى مهام نيابية أو مسؤولية جماعات ترابية أو مكلف بإنفاذ القانون بالإضافة إلى أشخاص آخرين يشتبه تورطهم مع أحد المعتقلين من جنسية أجنبية توبع في إطار قضية تتعلق بالاتجار الدولي في المخدرات ويقضي حاليا عقوبته في السجن.

بالإضافة، إلى ملفات أخرى، حيث تم المثول عدد من المسؤولين وبرلمانيين، وشخصيات معروفة أمام النيابة العامة في عدة مدن، مما خلف ارتياح كبير وسط المجتمع المغربي، وتنويه لاستقلالية القضاء.

عملية الأيادي النظيفة المغربية، تخدم مصالح المجتمع، وتعزز الثقة في القانون وفي الدولة، رغم تأخرها تعتبر مهمة، وحان وقتها، كانت تحتاج فقط للعزيمة والصبر، والإيمان بالاصلاح والشرفاء في القضاء وسلطات إنفاذ القانون، بالإضافة إلى صحافة مستقلة تواكب المرحلة المفصلية.

وحسب عدة معطيات، تفيد بأن المغرب يعيش فترة استثنائية حاسمة، عكس عدة دول إقليمية، لا تستطيع التخلص من الفساد والمفسدين، المغرب قرر أن يحمل مشعل مكافحة الفساد، ومحاسبة كل من سولت له نفسه المتاجرة بمصالح المملكة المغربية والمس بسمعة البلاد.

أوراش كبرى تواجه المغرب، وطفرة مهمة يعرفها، سياسيا ودبلوماسيا واقتصاديا، ورياضيا..، كما أن حملة الأيادي النظيفة، ستعمم في جميع القطاعات.

https://anbaaexpress.ma/ljjug

عثمان بنطالب

ناشط حقوقي دولي وإعلامي، خبير في الشأن المغاربي، مدير عام مؤسسة أنباء إكسبريس.

‫2 تعليقات

  1. اسي الكاتب مع احترامي لرأيك وصحيح أن هناك تحسن لكن نحن مغاربة ونعرف جيدا الفساد المستشري في بلادنا الأمر أعمق من الصورة التي نراها. فقط حملة وستمر على غرار باقي الحملات السابقة ولابد من تقسيم الثروة المنهوبة على كل الشعب ومحاسبة الكبير قبل الصغير لابد من إصلاح شامل نحس فيه أننا بشر مواطنون ولسنا رعايا
    احمد الله أني خرجت وهاجرت بعد سنين من العذاب في بلادي رغم اني درست لسنوات وحاصل على دكتوراه وناضلت بكل قوة للحصول على وظيفة تليق بي وضيعت سنين عمري فيى الانتظار والوعود الكذابة لكن لايوجد إلا بك صاحبي والرشاوي
    نصيحة لكل الشباب خاصة المتعلمين بكل أصنافهم لاتضيعو أعماركم في بلد لايقدر العقول هاجروا إذا استطعتم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى