الشرق الأوسطدوليسياسة

نجاحات السياسة الخارجية الروسية في الشرق الأوسط: اليمن وسوريا مثالاً

الدول العربية ككل، على الرغم من الضغوط الشديدة من واشنطن، رفضت الانضمام إلى العقوبات المناهضة لروسيا. وتبذل السعودية والإمارات جهوداً جادة لإيجاد حلول سياسية للصراع الأوكراني

كتب بنيامين بوبوف، السفير الروسي المفوض وفوق العادة، ومحلل في معهد الدراسات الدولية ومركز دراسات الشرق الأوسط، مقالاً في موقع “المجلس الروسي للشؤون الدولية، تحدث فيه عن الدور الذي لعبته روسيا في تحقيق خطوات ملموسة لجهة تسوية ملفات معقدة في الشرق الأوسط، على رأسها الملفين اليمني والسوي. كما يشير إلى حصول تقارب كبير في المواقف بين موسكو وعدد من العواصم العربية في تناول الملفات الإقليمية والدولية وسبل حلها.

فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية:

بسبب السياسات الاستعمارية الجديدة للقوى الغربية، استمرت حالات الصراع لأكثر من 10 سنوات في دولتين عربيتين – اليمن وسوريا. لكن في الآونة الأخيرة، وبفضل جهود وزارة الخارجية الروسية، ظهرت اتجاهات مشجعة للغاية في عقدتي التوتر هاتين.

اليمن بلد يقع في جنوب شبه الجزيرة العربية. ولمعظم القرن العشرين، كان بلداً  قريباً من روسيا وتعاون بنشاط مع موسكو. ويكفي أن نقول إن أول معاهدة وقعها الاتحاد السوفياتي مع دولة عربية، أبرمت مع المملكة اليمنية عام 1928. ومنذ ذلك الحين تطورت العلاقات في مسار تصاعدي تقريباً حتى الإطاحة بنظام الرئيس علي عبد الله صالح.

خلال السنوات القليلة الماضية، تعيش البلاد، التي تمر بأزمة عميقة، بحالة فوضى مع استمرار الاشتباكات بين الحكومة اليمنية وجماعة أنصار الله التي تسيطر على العاصمة صنعاء. ولعدة سنوات، حظيت قوات الحكومة اليمنية بدعم نشط من المملكة العربية السعودية.

بموازاة ذلك، لم يتم تجديد الهدنة التي تم التوصل إليها في الربيع الماضي بين الجانبين، لكن المفاوضات التي جرت تحت رعاية الأمم المتحدة بين “أنصار الله” والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مستمرة، والآن قد يكون لديهم انفراجة. على وجه الخصوص، وتحديداً في 10 آذار/مارس 2023، أجريت اتصالات في جنيف بشأن تبادل أسرى الحرب.

وبحسب الصحافة المصرية، فإن فرص العودة إلى العملية السياسية تبدو أكثر واقعية من أي وقت مضى. إذ أدركت الأطراف المتحاربة أن النصر العسكري أمر مستحيل، وقبلت ضمنياً ما يعترف به معظم المراقبين، وهو أنه سيتعين على كلا الجانبين قبول الحقائق الموجودة على الأرض.

تدرك الحكومة اليمنية المدعومة من السعودية أنه من المستحيل هزيمة ” أنصار الله” أو استبعادهم من السياسة الداخلية للبلاد. في الوقت نفسه، لا تملك “أنصار الله”  الفرصة لتوسيع مناطق سيطرتهم العسكرية. في الواقع، وصل الطرفان إلى طريق مسدود بعد 8 سنوات من الحرب الأهلية.

وبحسب صحيفة الأهرام، فإن الخطوات الأخيرة التي اتخذتها روسيا يمكن أن تحسن آفاق السلام. ففي نهاية شباط/فبراير، زار نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، العاصمة العمانية مسقط لبحث التعاون الثنائي مع نظيره العماني، فضلاً عن الملف الأوكراني. فقد التقى بوغدانوف خلال إقامته في العاصمة العمانية برئيس الوفد التفاوضي ل”أنصار الله” محمد عبد السلام، لمناقشة جهود الوساطة في الصراع اليمني (تتوسط سلطنة عمان تقليدياً في تسوية العديد من حالات الصراع في المنطقة).

ومن الجدير بالذكر، أن موسكو تتمتع بعلاقات جيدة مع كل من الحكومة اليمنية و”أنصار الله”، وكذلك مع الرياض وطهران، التي تدعم بدورها حركة أنصار الله.

وبعد فترة وجيزة من زيارة بوغدانوف إلى مسقط، توجه وفد سعودي رفيع المستوى برئاسة سفير المملكة في اليمن محمد الجابر إلى موسكو للقاء بوغدانوف وعدد من المسؤولين الروس. وناقشت الزيارة الرؤية السعودية لحل سلمي للأزمة اليمنية وجهود التنمية التي بذلتها الرياض في اليمن.

يعتقد المراقبون العرب أن هذه المحادثات يمكن أن تقرب من حل النزاع. قبل أيام قليلة، أعرب لافروف خلال استقباله لنظيره السعودي فيصل بن فرحان في موسكو، عن تقديره الكبير لدور المملكة العربية السعودية في تسوية الصراع في اليمن.

الأزمة السورية

كما كان هناك انفراج في تحقيق تسوية سياسية للدراما السورية التي استمرت 12 عاماً. إذ يجري التحضير لاجتماع نواب وزراء خارجية كل من سوريا وتركيا وإيران في موسكو.

وكما هو معروف، كانت روسيا تسعى بشكل حثيث لإيجاد حل للمشكلة السورية منذ عدة سنوات في سياق مفاوضات مكثفة مع الولايات المتحدة.

لكن نظراً لمواقف واشنطن، لم تؤد هذه الاتصالات إلى نتائج إيجابية. وأطلقت 3 دول – روسيا وتركيا وإيران – عملية أستانة لإحراز تقدم في وقف الأعمال القتالية في سوريا وبدء المفاوضات بين حكومة سوريا والمعارضة.

بفضل جهود موسكو المستمرة، جرت اتصالات بين المسؤولين في كل من دمشق وأنقرة. وتساعد روسيا السلطات السورية في إقامة اتصالات مع الدول العربية، والإمارات رائدة في هذه العملية. مؤخراً، أجرى الرئيس المصري السيسي محادثة هاتفية مع نظيره السوري بشار الأسد، وذلك لأول مرة منذ 12 عاماً، وقام وزيرا الخارجية المصري والأردني بزيارات إلى دمشق، كما أن وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، صرح بأن عزل سوريا لا يجدي وبالتالي الحوار مطلوب.

يشار إلى أن تركيا كذلك، وعبر وزير خارجيتها مولود جاويش أوغلو، رحبت بانضمام إيران إلى المحادثات بين تركيا وسوريا وروسيا.

علاوة على ذلك، تعارض أنقرة الدور الأميركي في سوريا، واحتجت مؤخراً على الزيارة السرية لرئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال، مارك ميلي، إلى شرق سوريا.

ومن الجدير بالذكر أيضاً، أن الدول العربية ككل، على الرغم من الضغوط الشديدة من واشنطن، رفضت الانضمام إلى العقوبات المناهضة لروسيا. وتبذل السعودية والإمارات جهوداً جادة لإيجاد حلول سياسية للصراع الأوكراني. وعلى وجه الخصوص، قدمت كلتا الدولتين خدمات الوساطة في تبادل أسرى الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

https://anbaaexpress.ma/xcjs8

فهيم الصوراني

خبير في الشؤون الروسية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى