أفريقياثقافة

حفل توقيع كتاب ذ محمد الحبيب البدرة.. فهم القرآن الكريم بين ترتيب النزول وترتيب المصحف

عبد المجيد بن شاوية

بمقهى الشاعر بدوار البرويكة، الخنيشات، إقليم سيدي قاسم، نظمت” جمعية رحاب الكشفية بالخنيشات ” بشراكة مع ” شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب ” يوم الأحد 12/ 03/ 2023، حفل توقيع كتاب “فهم القرأن الكريم بين ترتيب النزول وترتيب المصحف” للأستاذ محمد الحبيب البدرة، على اعتبار المقهى فضاء يختزل كل دلالات ومعاني الثقافي والاجتماعي وغيرها، وذلك بحضور الأستاذ نور الدين أقشاني رئيس شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب.

ورئيس جمعية رحاب الكشفية السيد محمد لغريبي بمعية أعضاء مكتبها المسير، وقد أشرف على التقديم الأستاذ محمد علي بنعيسى، الذي توجه بكلمته الافتتاحية إلى كل من رئيس جمعية رحاب الكشفية بالخنيشات وإلى رئيس شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب، مثمنا لمبادرتهما المحمودة هذه وشاكرا لهما على جميل معروفهما الثقافي بفضاء جغرافي قروي، وإلى الأستاذ محمد الحبيب البدرة.

مقدرا له على قبول الدعوة والمشاركة في هذا الحفل الثقافي وذلك بتقديم قراءة وتوقيع كتابه المشار إلى عنوانه أعلاه، ممتنا أيضا للحضور الذي قبل الدعوة للمشاركة في هذا الحفل الثقافي المميز والهادف في الآن نفسه، وبعدها تليت آيات من الذكر الحكيم، ليعطي الكلمة إلى السيد رئيس جمعية رحاب الكشفية بالخنيشات، متبوعة بكلمة لرئيس شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب.

مقدرا فيها المجهود الذي يبذل من طرف المهتمين بالشأن الثقافي، خاصة بالفضاءات القروية وبالمناطق النائية، مستعرضا منجزات الشبكة التواصلية الثقافية في كل جهات المغرب، مشيرا إلى أنه يجب تفعيل آليات العمل الثقافي في كل ربوع البلاد، والأمل في أن تعمم مثل هذه المبادرات الثقافية لأجل الرفع من منسوب القراءة والارتقاء بالعمل الثقافي في كل الفضاءات في أفق بناء مجتمع معرفي بأسس علمية وفكرية وثقافية، مختتما كلمته بتثمين هذه المبادرة وشاكرا القيمين عليها في رحاب هذا الفضاء القروي بجماعة الخنيشات.

وبعدها أعطيت الكلمة للأستاذ محمد الحبيب البدرة للحديث في مداخلته عن منجزه الفكري الموسوم بعنوان “فهم القرآن الكريم بين ترتيب النزول وترتيب المصحف”.

متحدثا، بدءا، عن مسار تأسيس تجربة النهضة العلمية الأوربية، مشيرا إلى منجز علمي عظيم غير بوصلة التفكير الأوربي، وحدث زلزلة في التصورات والتمثلات الذهنية والفكرية والثقافية بأوساط الشعوب الأوربية، وكان بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير، وهو ما عرف بنظرية كوبرنيك حول دوران الأرض، والتي حوكم على أساسها من طرف الكنيسة وأدى ثمنها شنقا.

وفي السياق ذاته أشار الأستاذ الحبيب إلى أهمية النقد الممكن ممارسته على كل تراثنا وثقافتنا وفكرنا وكل منجزاتنا على اختلافها، والذي يمكن أن يطال كل متوننا المتداولة تاريخيا وثقافيا وفكريا .. ولا خوف من خوض غمار النقد في كل ما يشكل حيواتنا، ولما لا كما أشار قد يكون كل النقد إيجابيا في جوانب كثيرة في علاقاتنا بنصوصنا الموروث منها والمعطى حاضرا أيضا، على خلاف ما نتمثله دوما من سلبية في ممارسته، ليستحضر، في السياق ذاته، القراءة والدراسة، والنقد الذي مورس على القرآن الكريم من قبل المشتغلين والمهتمين والباحثين في الشأن الديني، و الفلسفي، والفكري، والتاريخي، والثقافي … أكانوا منتسبين للدائرة العربية الإسلامية أو غيرهم من مستشرقين وباحثين منتمين إلى ثقافات وحضارات أخرى، قديما وحديثا، كنص خاضع بدوره للدراسة والبحث والنقد مثله مثل النصوص الأخرى المتداولة فكريا وثقافيا، الموروث منها أو المستحدثة.

لينتقل إلى الحديث عن مخاض كتابة منجزه هذا الموسوم بالعنوان أعلاه، وعن منهاجه وطرق البحث والخوض فيها لإخراجه إلى الوجود، من داخل اهتمامه وانشغاله الفكري والثقافي والعلمي، ورغبته في الكشف عن وجهة نظره في فهم القرآن الكريم، وقد تأتى له أن يستعرض كيفيات البحث في هذا الشأن التي تناول بها مثقفون ومفكرون النص القرآني الكريم، بين من قالوا بوجوب فهمه على ضوء ترتيب أسباب النزول وبين من عرضوا وجهة نظرهم في فهمه على أساس الترتيب المصحفي المسطر بحسب النص كما هو معطى في بناء آياته وسوره في كليتها وشموليتها،آية آية، سورة سورة، بدءا، من أول سورة إلى آخرها في القرآن الكريم.

بالنسبة لوجهة النظر الأولى والداعية إلى فهم القرآن الكريم على أساس ترتيبه النزولي، استعرض الأستاذ أعمال ثلاثة أعلام من أبرز من دافعوا عليها وهم، الإمام الشاطبي ومحمد عزة دروز ومحمد عابد الجابري، وهو الرأي الذي يجد قوته ومعقوليته في كونه ترتيب تدعمه السيرة النبوية كما به انبنت الدولة الإسلامية الأولى في سياق نفس المسار الزمني، كما في المقابل استعرض بخصوص وجهة النظر الثانية والداعية إلى فهم القرآن الكريم على أساس ترتيبه ألمصحفي إسهام رواد ” نظرية النظم ” وعلى رأسهم الإمام عبد القاهر الجرجاني، ثم ” علم المناسبة ” ومن أبرز من تطرق إليها الإمام برهان الدين البقاعي وجلال الدين السيوطي، ثم نظرية ” الوحدة البنائية للقرآن المجيد” والتي حمل لواؤها أصحاب المعهد العالمي للفكر الإسلامي ونذكر من المغرب الدكتور محمد العبادي.

وبعد أن أجرى الأستاذ محمد الحبيب البدرة مقارنة بين دعائم ودلائل وجهتي النظر المتناولتين، ذهب به الترجيح إلى غلبة الرأي الأول، لكنه سرعان ما انعطف – وهو بحثه في الفصل الثالث من الكتاب – إلى أنه يميل إلى ترجيح الرأي الثاني وذلك لسبب واحد، وهو أن هذا الترتيب كان توقيفيا، ومن ثمة فهو – برأيه – لا يخلو من حكمة ورسالة، والتي إذا كانت تتغيى شيئا فلن تخلو من غاية الإفادة في التوجيه والتربية والبناء، وهنا استعرض الأستاذ عددا من الأدلة التي يراها قطعية في توقيفية ترتيب المصحف، وليختم كلمته في الأخير بأمله فيأن يجتهد علماء الأمة في الكشف عن الحكمة وراء هذا الترتيب، في أفق فهم القرآن الكريم على أساس ترتيبه ألمصحفي.

وفي الأخير، بعد أن اختتم الأستاذ محمد الحبيب البدرة مداخلته، أعطيت الكلمة للحضور لمناقشة ما جاء في المحاضرة من أفكار وأطروحات، متفاعلا معها بإيجابية، لكونها نواة للعديد من التصورات والتمثلات لدى الخاص والعام سواء كانوا مسلمين أو آخرين، لاعتبار الدين هو الحقل الأكثر جاذبية في الحياة عموما، في علاقاته بكل حقول الاجتماع الإنساني، نفسيا، اجتماعيا، ثقافيا، علميا، تاريخيا وحضاريا.

https://anbaaexpress.ma/6jvpo

تعليق واحد

  1. شكري وتقديري لكل من أسهم في إنجاح هذا الحفل، وشكر خاص للأخ نور الدين أقشاني رئيس شبة المقاهي الثقافية بالمغرب الذي تجشم عناء السفر لحضور الحفل، وكذا الأستاذ القدير عبد بن الشاوية الذي حرر هذا المقال، وكذا كل من الأخ محمد لغريبي ومحمد عليبنعيسى اللذان نجحا في تسيير الحفل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى