دوليسياسة

رويترز.. سلطة بوتين تتآكل بسبب الإخفاقات العسكرية في أوكرانيا وصراع داخل النخبة الروسية الحاكمة

يواجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخطر أزمة منذ 23 عاماً، بعد النزاع المتصاعد داخل دوائر النخبة الروسية حول المسؤول عن الهزائم الميدانية في أوكرانيا.

فمنذ أن تسلم مقاليد السلطة من بوريس يلتسين في آخر أيام 1999، عكف بوتين على إحاطة نفسه بنخبة موالية له تتكون في الأساس من رجال مخابرات سابقين، ورجال أعمال، ومسؤولين تنفيذيين اتفقوا على حل خلافاتهم خلف الأبواب المغلقة.

ولكن الهزائم المهينة لقوة عظمى سابقة على يد أوكرانيا، أضعفت سلطة بوتين، وعمقت إحساساً بالأزمة في موسكو لم تشهده منذ فوضى التسعينيات من القرن الماضي، التي تعهد هو نفسه بإنهائها.

وقال سيرغي رادشينكو، المؤرخ المتخصص في الحرب الباردة في جامعة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة: “تتآكل سلطة بوتين بسبب الإخفاقات العسكرية في أوكرانيا، وهناك شعور حقيقي بأن الخسارة في أوكرانيا ستقوض سلطته تماماً”، وأضاف “لم تمر روسيا في عهد بوتين بأزمة مثلها من قبل، لكن الآن هناك شعوراً بأزمة حادة لأن في كل يوم يسوء فيه موقف روسيا في ساحة المعركة، يتدهور فيه وضع بوتين”.

إندلاع الازمات
ومنذ 1999، تجاوز بوتين أزمات من غرق غواصة كورسك النووية في 2000، وأزمة الرهائن في مسرح موسكو في 2002، إلى الاحتجاجات المناهضة للحكومة في 2011 و2012، لكنه لم يعرف  أزمة تشكل تهديداً لوضع بوتين مثل الهزيمة المحتملة في أوكرانيا.

وبعد أكثر من 7 أشهر من إصداره أمر الغزو، وجد زعيم الكرملين أن الهزائم على بعد حوالي ألف كيلومتر من موسكو، ارتدت لتهدد سلطته شخصياً في الوقت الذي يحتفل فيه، بعيد ميلاده السبعين.

ولم يرد الكرملين على طلب للتعليق لكن بوتين يصف الحرب في أوكرانيا بصراع أوسع نطاقاً مع الغرب الذي يقول إنه عمل على إذلال روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991 ويخطط الآن لتقسيمها.

ومع ذلك، أجبرت الحرب بوتين على استنزاف كم هائل من الموارد المالية والسياسية والاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية، وسيعتمد الكثير الآن على قدرة روسيا‭‭ ‬‬على تحسين موقفها العسكري في الشتاء.

وقالت تاتيانا ستانوفايا رئيسة شركة آر.بوليتيك للاستشارات السياسية إن “بوتين أصبح رهينة للوضع العسكري، لكنه أصبح أضعف بكثير بعد 24 فبراير(شباط) الماضي”.

خلافات النخبة
وضعف بوتين أو يأسه قد يدشن مرحلة أكثر خطورة من الحرب بعد أن حذر الرئيس الروسي الغرب أن أي هجوم على الأراضي التي ضمتها روسيا قد يؤدي إلى رد نووي.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا للصحافيين أمس الخميس، إن موقف روسيا المتمثل في رفض خوض حرب نووية، لم يتغير.

وقال الرئيس جو بايدن في الأيام القليلة الماضية، إن تحذيرات بوتين النووية جعلت العالم أقرب إلى “معركة نهاية العالم” أكثر من أي وقت مضى، منذ أزمة الصواريخ الكوبية، حين اقترب الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة من مواجهة نووية.

ولكن في الداخل، يواجه بوتين خلافاً داخل النخبة التي أصابها بالصدمة بغزوه في 24 فبرير الماضي لأوكرانيا، ودعوته للتعبئة في 21 سبتمبر(أيلول) الماضي، الأولى منذ الحرب العالمية الثانية وقبل أقل من عام ونصف العام من انتخابات رئاسية في 2024.

وخسرت روسيا معقلها في ليمان ما يعرض الأجزاء الغربية من منطقة لوغانسك التي ضمتها، للخطر، وهذه الخسارة أغضبت حليفين مقربين بشدة من بوتين هما الزعيم الشيشاني رمضان قديروف، ومؤسس مجموعة فاغنر المرتزقة، يفغيني بريغوجين، الذين سخرا من كبار الجنرالات، قائلين إن المحاباة متفشية في الجيش، ويجب تجريد كبار الضباط من رتبهم وإرسالهم إلى الجبهة حفاة القدمين للتكفير عن خطاياهم.

وقال رادشينكو: “انتقادات قديروف تعكس على الأرجح صراعاً مستتراً على السلطة في موسكو نفسها، وليس وحده الذي يبث هذه الآراء”.

وزير الدفاع سيرغي شويغو
ويضع هذا الغضب العام الموجه لكبار الجنرالات، بمن فيهم وزير الدفاع سيرغي شويغو، بوتين أمام معضلة، هل يقيل كبار الضباط في منتصف الطريق خلال حرب، ويغامر بإثارة غضب الجيش، أم يخاطر بتحمل المسؤولية بنفسه؟.

وشويغو، أحد أقرب حلفاء بوتين وعين في منصبه 2012. وكان الرجلان يقضيان إجازاتهما بانتظام في غابات وجبال منطقة توفا، التي ينتمي إليها شويغو.

وانصبت انتقادات قديروف أيضاً على فاليري غيراسيموف، رئيس الأركان العامة لروسيا، وتوجيه ضربة نووية روسية يتطلب موافقة شويغو وغيراسيموف معاً أو من يحل محلهما في منصبيهما.

وقال عباس غالياموف، كاتب خطابات الكرملين السابق: “هناك تصدعات متزايدة في النخبة”، وأضاف “إذا تمكن الجيش من تحقيق استقرار في الجبهة، فقد يستغرق الأمر وقتاً أطول، لكن ستأتي نقطة لن يستطيع بوتين عندها إنهاء الحرب أو مواصلتها”.

https://anbaaexpress.ma/i3dud

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى