آراءسياسة

العلاقات المغربية الجزائرية من منظور المعارضة الجزائرية

لا بد من هذه المقدمة الطللية التي تفسر أو قد تشرح مقولة المغفور له الحسن الثاني: لا نريد من العالم أن يعترف بمغربية الصحراء، و لكن تريده ان يعرف مع من حشرنا الله معه في الجوار.

الجزائر هي الدولة الفريدة التي قتل نظامها من شعبها ربع مليون، بتواطؤ من مخابراتها و بتخطيط من وزير دفاعها آنذاك خالد نزار، و عندما سأله صحفي لماذا قتلتم الناس بالرصاص الحي بدم بارد أجابه بدم بارد: لاننا لا نتوفر على الرصاص المطاطي.

الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التي قتلت رئيسها بتخطيط مخابراتي، أمام أنظار العالم و شاشة التلفزيون الذي هو محمد بوضياف الذي كانت ذكرى وفاته بالأمس، وإاتهم فيها بومعرافي الذي كان مقربا من بوضياف،وهو بريء من هذه الجريمة.

لنعد الى الموضوع  و قبل الحديث عن المعارضة الجزائرية لا بد من تسجيل أحداث تاريخية أفرزت معارضات منذ قيام الدولة، و كلها تم تصفيتها من طرف بومدين أو تم نفيها أو إبعادها و هم من المجاهدين الحقيقيين الذين كانوا أساس الثورة الجزائرية.

تكلمنا في المقال السابق عن مجموعة لي داف أو كتيبة لاكوست، و هي مجموعة الجنرالات التي كونتها فرنسا في الجيش الفرنسي، وإلتحقوا بالثورة الجزائرية مباشرة بعد تسلم ديغول الحكم سنة 1959، و كان ذلك بتخطيط من هذا الأخير حتى تبقى فرنسا متحكمة في مقاليد الحكم بالجزائر.

بعد إنقلاب بومدين على بن بله و في مؤتمر جبهة التحرير الوطني الجزائري، دعا غالبية المجاهدين الى ضرورة التخلص من أفراد هذه الكتيبة،لكن بومدين دافع عنهم بل و مكنهم من مناصب في الجيش،و الحكومة والدبلوماسية و منهم كما ذكرنا التواتي و العربي بلخير الذي عمل في سنواته الأخيرة، كسفير للجزائر في المغرب و خالد نزار و غيرهم، هؤلاء شكلوا النواة الأساسية للحكم في الجزائر الى حدود الان، وأول ما قاموا به بمؤازرة من بومدين للحفاظ على منصبه هو تنحية و تصفية الأعضاء الحقيقيين لجبهة التحرير الوطني الجزائري ،الأوفياء لمبادىء بناء المغرب الكبير بجانب البناء الديموقراطي للدولة الجزائرية .

هنا سأعطي مثالين على أساس تقديم الأمثلة الاخرى فيما سيأتي، الأول هو محمد خيضر أحد الأركان الأساسية للثورة الجزائرية وأول من أدخل العلم الجزائري إلى بلاده ليرفع بعد أن خططه مصالي الحاج في فرنسا، و الذي عارض الإنقلاب البومدياني و عارض تحكم ضباط فرنسا في تسيير الشأن العام الجزائري، محمد خيضر لاحقه بومدين، و تمكن من تصفيته و رفض دفنه في الجزائر و دفن بالمغرب و قبره موجود قرب المقاوم المغربي محمد الزرقطوني بالدار البيضاء، الثاني هو حسين آيت احمد الذي تمرد كذلك على خطوات بومدين و أعلن المقاومة المسلحة ضد النظام القائم في الجزائر ،إنطلاقا من منطقة القبائل، لكن و بمجرد إندلاع حرب الرمال بين المغرب والجزائر، قرر الإنضمام إلى الجيش الجزائري ضد البلد الذي إحتضنه، و يعرف حق المعرفة الاتفاقيات المبرمة بين المغرب و الجزائر فيما يخص ترسيم الحدود.

لكن مع إنتهاء الحرب تم ملاحقته و القبض عليه من طرف النظام الجزائري، و تم نشر الخبر في التلفزيون الرسمي الجزائري: لقد تم القبض على الإرهابي حسين أيت احمد .

أنا أقدم لكم نماذج للمعارضة الجزائرية، قبلا و كيف تم التعامل معهم، لتاخذوا فكرة على نوعية بطش النظام الجزائري بمعارضيه، بل بأنباء جلدته الذين كان لهم الدور البارز في تحرير بلادهم و ما بالك بمعارضة الوقت الراهن و بالجيران.

المعارضة الجزائرية التي تحدثت عنها، و التي لديها مشروعية تاريخية في التاريخ الجزائري المعاصر، كلها تحترم المغرب و تعترف بدوره كما ليبيا و تونس في دعم المقاومة الجزائرية، بل منهم إختار النفي بالمغرب و على رأسهم بوضياف، فكيف هو الحال الآن ؟

حاليا المعارضة الجزائرية و عندما أقول المعارضة،لا بد من الفصل بين الأحزاب و التكتلات السياسية التي تنشط،ولها مشروع سياسي سواء معترف به أو غير ذلك كلها مطبوعة بالنهج البومدياني القائم على معاداة المغرب، بشكل كامل أو بشكل جزئي، المعارضة التي تعمل في الجزائر سواء منها الأحزاب المشاركة في الإنتخابات أو المقاطعة له تلتقي مع النظام في معاداة المغرب في وحدته الترابية.

الأحزاب السياسية الإسلامية و اليسارية، جميعها تغرد مع سرب النظام، رغم إعلان مواقفها المعارضة للنظام و ضرورة تأسيس دولة مدنية لا عسكرية، على الأقل كما قلنا فيما يخص مسألة الوحدة الترابية للمغرب و الموقف العام من بناء المغرب الكبير، و كلنا نلاحظ أحزاب الإخوان المسلمين، هناك في موقفهم من سياسات المغرب السيادية و مثال ذلك مواقف حزب مقرب و كذا حزب اليسار الذي يتزعمه غراس السجين السياسي الذي رفع اعلام البوليزاريو، في أخر نشاط له في مقره قبل إغلاق السلطات الجزائرية لجميع مقراته و منعه من التواصل الجماهيري .

نحن لا تتدخل في شؤونهم الداخلية،بقدر ما تلتقط رؤيتهم لتجاوز الانحباس الذي يقف في وجه تأسيس المغرب الكبير، الذي تم التأصيل له في مؤتمرات و لقاءات في الخمسينات من القرن الماضي، من طرف القوى الحية المغاربية، و أنا على يقين ان إرتماؤهم في أحضان النظام في ما يخص العلاقة مع المغرب ناتج عن إيمانهم و معرفتهم أن اللجوء إلى المعطيات التاريخ و الإتفاقيات المعقودة ،و الخروج عن منطق الإستعمار الفرنسي، كلها تؤدي إلى أن ان الجزائر ملزمة بأن تنسحب من منطقة يحتلونها في تونس، في قفصة، و أن عين اميناس التي تحوي آبار الغاز هي أراض ليبية، و أن بشار و تندوف و الصحراء الشرقية، هي أراض مغربية.

لهذا هم يقفون بجانب شعار تقرير المصير الذي يرفعه النظام لمناكفة الوحدة الترابية للمغرب، لكنهم يتجاهلون أن أول تقرير مصير فرطوا فيه هو تقرير مصير الشعب الجزائري.

هل هناك نقطة ضوء في المعارضة الجزائرية، تناقش العلاقات المغربية الجزائرية بشكل عقلاني ؟ نعم، ونقطة البدء كانت بمناسبة إنطلاق الحراك الشعبي في الجزائر، في 22 فبراير 2019 و هذا ما سيكون موضوع المقال المقبل.

يتبع 

https://anbaaexpress.ma/innes

علي بن الطالب

مناضل نقابي و جمعوي سابق و مهتم بالشان الثقافي و السياسي و العلاقات المغربية الجزائرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى