آراءثقافة

الأديب لحسن باكور.. ينبوع من الإبداع الأدبي المنهمر

عاشق القصة القصيرة ومعشوقه

المغاربة واجتياح الجوائز العالمية:

كتبت من قبل عن العديد من أدباء المغرب، وإن شاء المولى العلي القدير، “البقية تأتي”، كما يقولون. هؤلاء وأولئك، أدباء وأديبات بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، منهم على سبيل المثال لا الحصر، عمالقة، صاروا مع مرور الوقت، أصدقاء وإخوة، أحببتهم وأحبوني في الله، فالأدب والقلم وفنون الكلمة جمعتنا كلنّا في بوتقة واحدة، لن أنسى سعيد بودبوز، أمامة قزيز، عبد الباسط زخنيني، عبد العزيز كوكاس، د. سعيد يفلح العمراني، وغيرهم من عمالقة بلاد فاس كما يطلق عليها الأتراك، وسوف آتي إلى أعمالهم الثرة فيما بعد، مثال السعيد الخيز، وسلطان الرواية العرفانية عبد الإله بن عرفة، ودكتور سعيد يفلح العمراني، ابن تطوان، وأرجو ألا أکون قد نسيت من بينهم أحدًا. نعم، كتبت عنهم وعن مهاراتهم الخارقة للعادة في تطويع الكلمات، الأشخاص، المواقع والزمن على حد سواء، وأزعم أنني قد سردت الكثير الوفير عن تلك الأعمال وعمن سطروها وجعلوها واقعا يجب أن نقرأه في كل أنحاء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج، لأننا يا سادتي أمام إبداع فريد، فن متميز، ولوحات سحرية تتماهى بين الحاضر، الماضي والمستقبل، يا لها من ابداعات أدبية! وأنا أتأسف يا سادتي، لأنني مدرك أن أمامي سيبقى كمًا كبيرا لم أستطع أن أسطر عنه شيئا، وأعدكم أن أسعى في الأمر ما استطعت إليه سبيلا مستقبلًا، وهانذا أقدم لكم اليوم سيداتي سادتي أحد أعمدة الأدب المعاصر والقصة القصيرة، بمغرب الخير الذي نحبه، ونكنّ له كل التقدير والاحترام، أديب مراكشي، أمازينغيّ، مغربي وقبل هذا وذاك، إنسان، قاصّ وحكواتي، عاشق للقصة القصيرة إلى درجة الثمالة، هذا ملخص له، ذلك بكل الترجمات واللغات والألسنة، إنّه الأديب المتواضع تواضع الأدباء: لحسن باكور.

المغاربة وجوائز الأبداع الأدبي في الوطن العربي

أن يتربع المغاربة في السنوات الماضية ومنذ فترة ليست بالقصيرة كملوك وسلاطين عروش الرواية والقصص القصيرة، كما في الجوائز العربية المعروفة، جائزة الطيب صالح، البوكر، الشيخ زايد، الخ، فليس ذلك بمحض الصُّدَف. لقد عرفت عنهم الكثير، ذلك وقبل أن ألتقيهم. لقد وصلتني بعض الأخبار من سودان الخير، من صديق لي، يتابع جائزة الطيب صالح، اسمه أحمد فاروق، فكم حدثني هذا الأخير غير مرّة عن براعتهم في تطويع اليراع وملكاتهم في تكوين لوحاتهم التشكيليّة البديعة ومهارتهم في نظم الكلم فكانت سعادتي لا توصف بأن حظيت على أرقام هواتفهم الجوالة وشرعت لا ألوي على شيء إلا والتواصل معهم. منذ أول وهلة لم يقف البعد في حيز المكان والزمان حاجزا بيننا، فانطلقت القلوب والأقلام والرسائل الصوتية تسطر وتتحدث في أجواء تزملها المودة والمحبة دون انقطاع. لا سيما أنني بادرتهم محدثا إياهم بلسانهم المغربيّ المبين، فكانت دهشتم بيّنة وسعدوا بي وسعدت بهم وتجابدنا أطراف الحديث “نداكرو” عن حيواتهم في ديارهم و”سالينا الحوائج” وها أنتم ذا تقرؤون عنهم في مدائن المعرفة في طيّات هذا العدد عن أحد الفائزين بجائزة الطيب صالح للقصة القصيرة، ومن قبل كتبنا عن الفائزئن في الرواية، ومنهم عبد الباسط زخنيني، وقبله حاورنا المبدع مولاي السعيد الخيز، كما كتبنا عن غيرهم أيضا. والمغرب يا سادتي مدرسة أدبية بحد ذاتها، ينطوي ذلك ملكة أدباءه في استحضار التاريخ، تطويع أدواته، بناء الرواية والقصة القصيرة بكل حذافيرها. فلقد تم نشر أنثى بو كافر للمبدع سعيد بودبوز، وأمادير القربان المنفلت لأمامة قزيز، وذاكرة النسيان للإعلامي الفذ عبد العزيز كوكاس، وكتبت عن رواية ابن الخطيب في روضة طه، في مقال كتبه بعنوان: “المغرب … وحبّك مقرون بأنفاسي”.
اللهم احفظ المغرب وأهله من البلاء والغل والحسد ووطد أواصر صداقتنا معه ومع أهله، فأهل بلاد النيلين يُكنُّونَ لبلاد الأطلس من المحبة أوفرها ومن المودة أصدقها. والله على ما أقول شهيد.

التعريف بالأديب 

دعونا يا سادتي أن نعرف بالأديب في عجالة:
-لحسن باكور من مواليد مراكش عام 1977
-صدرت له حتى الآن خمسُ كتب بين القصة القصيرة والرواية، هي كالآتي:
• رجل الكراسي ــ قصص عام 2008
• البرزخ ــ رواية عام 2012
• الرقصة الأخيرة – قصص 2016
• الزرافة تظهر في غابة لإسمنت ــ قصص 2018
• أشجار بلا جذور ــ رواية 2019

قدر للقاء عجيب … قُدِّر له أن يكون بمراكش

أسافر دائما إلى المغرب بحكم عملي، صداقاتي وأيضا ولا أخفي عليكم بسبب عشقي لهذا البلد الذي ربما يعرفه الكل. سافرت ذات مرّة بالطائرة من مدينة زيورخ بسويسرا إلى مطار مراكش وكنت كالعادة تواق أن أرى معشوقتي: المدينة الحمراء بعد طول غياب. وصلت المطار وكما تعرفون يقف الناس أفواجًا أما أكشاك الشرطة لتقديم جواز السفر لأخذ التأشيرة للدخول إلى البلد كما هو متعارف عليه في كل البلدان والمطارات. كان في ذاك اليوم المطار مليئا بالبشر الذين أتوا إلى تلك المدينة الحمراء من كل صوب وحد. وقفنا وكان هناك آنسات رائعات، يقفن على النظام العام للمسافرين، يحددنا مسيرتنا ومسارنا لنقف أمام إحدى الأكشاك لعمل التأشيرة. فعندما أتيت، أشارت إلى إحداهنّ مومئة بأن أولي وجهي قبلة ترضاها هي، وكان كذلك. وقفت أنتظر دوري كالعادة في ذاك المطار الذي أعرفه عن ظهر قلب. وكان بالكشك الذي أمامي موظفين، أحدهما قابلني تماما والآخر ولّى وجهه جهة الشمال. ترجلت وأعطيت جواز سفري للذي بالشمال. ابتسم دون أن ينبس. قال لي من أي بلد، بما أن جواز السفر من ألمانيا، يقصد، ما هي أصولي. قلت له السودان. فإذا بأسارير وجهه تتفتح، تفصح عن أشياء كثيرة لم أدركها في تلك اللحظة وأنا كعادتي عند السفر، شديد التوتر عند نقاط الشرطة وفي المطارات، لا أعرف لماذا. على كل سألني بأدب: هل تعرف الطيب صالح. قلت له بالطبع ومن منّا لا يعرف هذا العملاق الجبار، شيطان الرواية بجدارة. واسترسلت أقص له بداية موسم الهجرة الذي حفظته عن ظهر قلب، لأنني أدرسه في الجامعة بألمانيا للطلاب الألمان المتقدمين بمادة الأدب واللغة العربية، سردت له: عدت إلى أهلي يا سادتي بعد غيبة طويلة … سبعة أعوام على وجه التحديد، كنت خلالها أتعلم بأروبا، تعلمت الكثير وغاب عني الكثير لكن تلك قصة أخرى. وفي كل تلك المدّة لم يختم الشرطي الذي أمامي (لحسن باكور) على جوازي. وأنا كنت دائم السؤال، لماذا يتأخرون في ختم جوازي أنا بالذات، فكنت أقارن نفسي مع من معي من البشر في الصفوف وأراهم يخلصون أمورهم بأسرع ما يكون. لكن في لقائنا الأخير بمراكش هذا العام: فسر لي سي لحسن باكور، ما وراء هذا السر، لماذا ينظر محمد بدوي مصطفى أكثر من الآخرين، وتلك قصة أخرى!

سألت سي لحسن باكور أن يسترسل في وصف عمله كأديب، فجاءت فقراته كالآتي:

في البدء كانت القراءة 

كلُّ كاتب هو قارئ شغوفٌ بالضرورة. وقد كانت القراءةُ معبري نحو الكتابة. كنتُ قارئا نهما أطالعُ كل ما تطاله يداي، ومنذُ يفاعتي كنتُ أُشاهَدُ، على الدوام، بصُحبة كتابٍ أو مجلة، حتى إني لم أُتقن الكثيرَ من ألعابِ الطفولة أسوةَ بأقراني، باستثناء كرة القدم، لأني كنتُ غالبا أفضلُ رفقة كتابٍ أو جريدة بدل الانخراط في اللعب مع رفاقي.
كنتُ غالبا ما أُكافأُ على تفوقي الدراسي بالكتب، فقرأتُ الكثيرَ من الحكايات والقصص العالمية، انضافت إلى رصيدي من الحكايات الأمازيغية التي تختزنها ذاكرتي، لأتورَّطَ أكثرَ في عشق القصص والحكايات.
وعندما كبرتُ قليلا قُيضَ لي أن أطلعَ على جملةٍ من أفضلِ الكتب القصصية العربية، فاكتشفتُ على نحو مبكر أنطون تشيخوف، محمد زفزاف، يوسف إدريس وتوفيق الحكيم.. هكذا أحكمَ الأدبَ شِراكَه من حولي، إلى أن وجدتني أكتبُ قصصي الأولى وأنشرها وأنا بعدُ تلميذ في المرحلة الثانوية.

إلى الآن لا زلتُ أحاولُ أن أجعلَ من القراءة طقسا يوميا لا غنى عنه، وإن غدَت فسحةُ الوقت أضيقَ من السابق.
تكاد حياتي لا تستقيم بدون أدب. إنه يجعلُ حياتي أكثر بهجةً وغنى، ويمدني برصيدٍ مُتجدد من الأمل في حياة أفضل للإنسان، ويشكلُ درعا واقيا ضد صدمات هذا الوجود القاسي، الذي صرنا نعاين بشكل متصاعد مظاهر موت الإنسانية فيه واضمحلال القيم، والنزول بالإنسان الذي كرمه الخالق إلى مجرد كائن مستهلك ومدمر للطبيعة والقيم.

القصة القصيرة … حبي الأول والأخير

أحاول المزاوجةَ في الكتابة بين القصة القصيرة والرواية، كما أن لديَّ اهتماما بأدب الأطفال الذي أنجزتُ فيه قصصا ومقالات نُشرت في منابر متفرقة، لكن القصة القصيرة تبقى عشقي الأول والأخير؛ أداومُ على قراءتها، وأكتبها بشغفٍ لا يُضاهي، مُحاولا أن أنجزَ فيها نصوصا تمنحُ تجربتي بصمةً خاصة. وهو هدفٌ قد لا أبلغه في النهاية، لكني أحبُّ أن أسعى إله باستمرار، لأنه يستدرجني إلى مزيد من الاصرار على تجاوز نفسي، ومزيد من تقصي المواضيع والتقنيات التي تخول لي كتابة قصص تنتمي إلى مجتمعي وتتبنى قضاياه الإنسانية التي تصب جميعا في خانة كرامةِ الفرد وحريته وحقه في حياة كريمة.
القصص القصيرة التي أكتبها هي حَجري الذي أقذفُ به في بركة الحياة، أملا في تحريك السطح الهادئ، والكشفِ عما تخفيه الأعماق.. هي إجاباتي على الأسئلة التي يطرحُها عليَّ الواقع من حولي باستمرار.. هي صرخاتي التي أُطهرُ بها دواخلي من الهواجس والمخاوف وال”بشاعات” التي يقذفُ بها الواقع في وجهي في كل حين..
أنا في حالةِ حوار متواصل مع الوجود من حولي، وتبعا لذلك فأنا في حالةِ كتابةٍ مستمرة، وإن كنتُ مُقلا نسبيا، وأتمنى لو كتبتُ قصصا أكثر، لكن الكتابة بالنسبة لي تجربةٌ مؤلمةٌ ومرهقة حقا، وكلُّ نص قصصي أكتبُه يرهقني وآخذه على محمل الجَد كما لو كان نصي الأخير.. أما نشوة وبهجة الكتابة فهي موجودة حقا، لكنها لا تأتي إلا بعد الإنجاز الفعلي للنصوص.

جائزة الطيب صالح: الجائزة المنعطف

سألت الأديب الرواي عبد الباسط زخنيني عن رأيه في جائزة الطيب صالح فجاء ردّه كالآتي:
جائزة الطيب صالح جائزة بنكهة خاصة لعدة أسباب. فهي جائزة عريقة. تحمل اسم قامة أدبية كبيرة غنية عن التعريف. تتسم بقدر كبير من النزاهة بسبب تنوع العناصر المشكلة للجنة تحكيمها وتفرقها على الأقطار العربية، كما أن التعامل في هذه الجائزة يكون مع النص فقط دون علم بهوية صاحبه أو جنسه أو حتى جنسيته. كل هذا يجعل منها جائزة متميزة للغاية يحلم كل مبدع بشرف الحصول عليها.
كما وسألته عن كيف قضى الوقت بالسودان، وكان إجابته كالآتي:
قضينا أوقاتا ممتعة جدا في السودان، لكن أكثر شيء شد انتباهي هو طيبة الشعب السوداني، انبهرت بهذه الطيبة، أحسست طول الوقت كأني بين أهلي. كانت معاملة الشعب السوداني لنا في غاية اللطف وكأن رابطة قرابة تجمع بيننا.

وهاكم حديث الأديب لحسن باكور عن الجائزة:
شكل فوزي بجائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي، عن مجموعتي القصصية الزرافة تظهر في غابة الإسمنت، منعطفا مهما في تجربتي الأدبية المتواضعة. كما قلتُ في موضع آخر فإن القصة القصيرة تبقى عشقي الأول والأخير، لذلك فإن فوزي بالمرتبة الأولى لجائزة يقترنُ اسمها بكاتب أحبُّه وقرأته مبكرا جدا، وعن عملٍ قصصي بالذات، أمدني برصيد من السعادة لا ينضب.. وجعلني أصرُّ على الاستمرار في الرهان على القصة القصيرة، على الرغم من هذه الهجرة غير المسبوقة باتجاه أحضان الرواية المشرعة..
بعد تتويجي بتلك الجائزة انكببتُ على إنجاز مجموعة قصصية أخرى، أتمنى الانتهاءَ منها في القريب، وإن كنتُ أفضل الكتابةَ على مهل، تاركا للقصصِ ما يكفي لتختمرَ وتنضجَ وتصيرَ جاهزةً للقطف.

الكتابة جهد وعرق ولا مجال للإلهام

أنا ضد الكتابة المزاجية، أو الكتابة ” حسب التساهيل” كما يقال. صحيح أن اليوميَ لا يرحم ويضغطُ بمشاغله وإكراهاتِه وبقسوةٍ أحيانا، وصحيحٌ أن الكاتبَ يشعرُ أحيانا بأن الجميعَ يتواطأ ضدَّه، كي يصرفه عن الكتابة: الوظيفة والمجتمع والسياسة، وقوى أخرى ظاهرة وخفية، لكن الكتابة تحدٍّ ونزال.. أي على الكاتب أن يحوِّلَ، قدر استطاعته، تلك المثبطات والعوائق إلى قوى إيجابية دافعة تجعله أكثرَ تمسكا بالكتابة التي تصنعُ وجودَه وتمنحُ حياته المعنى والجدوى..
لا أؤمن بشيء اسمه الإلهام في الكتابة. الكتابة مكابدة ومعاناة وإصاخة للسمع باستمرار لنبض المجتمع وصراعاته بشتى أشكالها، ثم مواجهة للبياض لتفريغ الهواجس والاسئلة والتخلص من شحنات القلق الوجودي البناء.. قد أتقبلُ الإلهام فقط في حدود تلك الشرارة الأولى التي تهنقض على الكاتب، من حيثُ لا يدري أحيانا، لتستفزه وتستدرجه للكتابة.. وقد تكون صورة، أو مشهدا أو ذكرى أو جملة.. ما عدا ذلك فالكتابة جهد وعرق… نتعلمُ الكتابةُ ونحن نكتب.

خاتمة

سعدت بالحديث إليكم ومعكم وفي رحابكم يا أيها الأديب الأريب، مولاي باكور، أنت بحق وحقيقة سلطان القصة القصيرة المعاصرة، ذلك دون مغالاة أو تملق أو تصافق، كلمات أقولها وأعي تمامًا ما تعني بالنسبة لي كباحث في اللسانيات وعلوم الأدب. وقفت حقيقة عند قراءة ما سطره قلمكم من قصص، حكاوي، لوحات سردية، أقصوصات لونية، عدّة مرّات أتأمل في دهشة وتبجيل محتوى هذه الأعمال البديعة، ومن قبل استوحي في نفسي نفحات هذا اللقاء السلس الذي جاء تلقائيا بيننا. حقيقة إنه من اللقاءات الخالدة التي ستترك دون أدنى شك أثرا بالغا في دخيلتي الإنسانية والصحفية، ذلك على حدا سواء، لما احتواه من سلاسة في الوصف، دقة في التشخيص، حلاوة بالغة في التحليل العميق، سلاسة في التمحور في الشخصيات، وبالطبع لأهمية وماهيّة الرسالة السرديّة بالنسبة لكم سيدي، خاصة أو “الحكاية” على وجه التحديد أو القصة المحكية. أعجبتني فلسفتكم “الباكورية” ورؤاكم في “عشق القصة”، والعشق كما في أدب مولانا الرومي وباندياح روح شمس التبريزي هو من دعامات الإنسانية ومن أسس المحبة بين البشر، وهذا هو سر الخليقة.
عمق النصوص السردية وعمق القصص المحكية يذكرني بدراويش الصوفية في بلدي السودان، أو إن شئنا في كونيا، بلد المتصوفة وموقع الدرويش الدائر، فلك يا سي لحسن في الموضوعات بعالم “القصة”، انتقاء الرصين، الذي يسهل هضمه، اختزاله، خلقه وترجمته في ثوب مراكشي أو أمازيغي فريد، فأنت يا سيدي، كما تحكي أم كلثوم، „واثق الخطوة تمشي مرحاً”! والمدهش أكثر أنني الآن واثق ثقة راسخة أنني لو فتحت أيما قصة من قصصكم الجميلة وعندما استرسل بين جنباتها فسوف أتبين بإيمان وثقة أن هذا هو يراع باكوريّ مبين، وذاك قلم لحسن بجدارة، وتلك ريشة مراكشية دون شك، وذاك فسطاط الشرطي الأمازيغي بلا تدليس، وهذا الذي أمامي – لن أغباه – هو يراع حسني باكوريّ بامتياز ولسان أدبي مبين. فروحك يا سيدي بوقعها توقّع (إمضاء) وتنغّم (موسيقى) مسارها رموني النص. براڤو! في الختام أود أن أشركم يا سيدي ولي معكم – بإذن الله – كرّة أخرى.

https://anbaaexpress.ma/rjefn

محمد بدوي مصطفى

كاتب وباحث سوداني مقيم في ألمانيا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى