الشأن الإسبانيثقافةمنوعات

حوار مع الروائي المغربي يوسف الميموني عن رواية عندما تمشي الجبال

الرواية تلقي الضوء على الزوايا المعتمة من التاريخ الكولونيالي الإسباني في المغرب وحقبة الحرب الأهلية الإسبانية

حاوره عبدالحي كريط 

كاتب وروائي مغربي شاب من مواليد مدينة القصر الكبير الواقعة بالشمال الغربي للمملكة المغربية عند عند ضفاف نهر ليكوس بعد شهر من ولادته ، استقرت أسرته في بلدة صغيرة بساحل تاراغونا باسبانيا حاصل على شهادة في فقه اللغة العربية وماستر الوساطة في النزاعات في حياته المهنية ولد اهتمامه بالأدب عندما أعاره مدرس اللغة الكاتالونية كتاب الخبز الحافي لمؤلفه محمد شكري ومن هنا انطلقت قريحته الأدبية،ركز على التعليم الاجتماعي في مشاريع للشباب ويجمع حاليًا بين الكتابة والتعليم في مدينة برشلونة عاصمة إقليم كتالونيا،منذ عام 2009 كاتب رئيسي في عمود خاص بمجلة Masala

ضيف هذا الحوار هو الكاتب والروائي المغربي الشاب يوسف الميموني للتحدث لنا عن إصداره الأدبي القيم والمكتوب باللغة الإسبانية
Cuando los montes caminen
“عندما تمشي الجبال”، وهو عمل روائي ذو صبغة تاريخية يتناول فترة مفصلية وحساسة من التاريخ المشترك بين المغرب وإسبانيا الكولونيالية خاصة في فترة الحرب الأهلية الإسبانية .

وتحكي قصة يوسف ذو الخمس عشرة سنة والذي كان يعيش في قرية على مقربة من مدينة تطوان وكانت القرية تعاني من القحط والجوع في ظل الاستعمار الأسباني وعندما إندلعت الحرب الأهلية الإسبانية في ثلاثينيات القرن الماضي سمع يوسف في صيف عام 1936 دعاية الآلة الإعلامية الإسبانية للانخراط في الجيش الإسباني من أجل إنقاذ إسبانيا من “الكفار الشيوعيبن ” حسب توصيف الدعاية الإسبانية انذاك بسبب الصراع الدائر بين الجمهوريين والوطنيين ،وهو ماسيمكن بطل القصة يوسف من تلقي أجرا يستطيع به توفير عيش جيد لعائلته هروبا من الفقر،تجند يوسف بالفعل في الجيش الاسباني وبدأت مغامراته أملا في تحقيق طموحاته البسيطة وكانت هي فرصته الأولى ليكتشف العالم والسفر بالباخرة ومشاهدة البحر لكن المفاجأة التي كانت في انتظار يوسف أن المشرفين على المعسكر كانوا يحتقرون ويسيئون معاملة المجندين المغاربة بالجيش الاسباني.

عندما تمشي الجبال هي أولى إصداراتك الروائية،ماهي الأسباب التي دفعتكم إلى تأليف هذه الرواية التي تشكل ذاكرة مشتركة بين المغرب وإسبانيا الكولونيالية ؟

حسنا أرى أن الكتابة هي عبارة عن أداة للاتصال اللغوي من خلال نقل فكرة الكاتب للشخص القارئ أو السامع لطرح وجهة نظر مغايرة بعيدا عن النمطية وتوضيحها بألفاظ وبأسلوب محدد للقارئ وكذلك مع تلك الروايات التى لا أحبها ولكني علاوة على ذلك أنا لا أتحدث عن الأصالة ولا عن الأسلوب ، هذه الرواية تلقي الضوء على الزوايا المعتمة من التاريخ الكولونيالي الإسباني في المغرب وكذلك لتشريح الأسباب التي تم فيها تجريد الفيلق المغربي التي حاربت في إسبانيا من إنسانيتها بطريقة مبهمة للغاية وبخطاب إيديولوجي إقصائي عنصري ولا يعترف بالفروق الموضوعية الدقيقة في تلك الحقبة ، حقيقة لم أرغب في نشر أي شيء دون الاقتناع بأنه يمكن أن يظهر جوانب أخرى مختلفة من القصة ،في هذه الحالة ، يمكن اعتبار الأمر بسيطًا ، فهناك العشرات والمئات من الروايات التي تظهر “مغاربة فرانكو ” على أنهم متوحشون جاءوا من بلد متخلف والحقيقة أنهم كانوا وقودا للمعركة التي كانوا فيها ضحية لقد كانت حربا بين الجمهوريين الموالين للديمقراطية والجمهورية الاسبانية الثانية ذات الاتجاه اليساري والوطنيين وهي مجموعة فلانخية تحت قيادة الجنرل فرانكو وعلى الرغم من أنها صورت كصراع بين الديمقراطية والفاشية فاءن التاريخ يصفها بالضبط كصراع بين الثورة اليسارية والثورة المضادة اليمينية حسب العديد من المؤرخين والباحثين في حقبة الحرب الاهلية،ابرزهم المؤرخ الامريكي البارز stanley payne الذي وصف هذا الصراع على انه صراع ايديولوجي قبل ان يكون صراع سياسي بين الفريقين في كتابه falange a history spanich fascism الفلانخية تاريخ الفاشية الاسبانية الصادر عام 1961.

ماهي المحددات السردية الذي إعتمدته في تأليف الرواية؟

لا أعرف ما إذا كانت هنالك عوامل حاسمة في تحديد المحددات السردية للرواية ،بل إنني لا أهدف إلى عدم التصديق لكن من الواضح أن الخيال يسمح لك بتشكيل القصة والحبكة حسب الظروف الزمكانية أنت تفهم أن المشي في الجبال هي رواية ذات صبغة تاريخية ، لكنها رواية Bildungsroman ، وهي رواية التشكيل او رواية التعليم وهي نوع ادبي يركز على النضوج النفسي والاخلاقي لبطل القصة.

ماهي أبرز شخصيات الرواية؟ وماهي العلاقة الزمكانية التي تجمع مدينة تطوان بإسبانيا الكولونيالية؟

الشخصيات الرئيسية هما يوسف وعلي اللذان انخرطا في الحرب ، والدة يوسف وأسماء ، ابنة أخت الشخصية التاريخية بن ميزيان. لكني أدافع عن دادا وتوبو: أحدهما لإظهار قضية العبودية في المغرب ، والآخر غير قادر على قبول أصلها ،وخليط الدم المشترك الذي يجري في عروقه.
عند قراءة الرواية يمكن للمرء أن يفهم بسهولة أن شعار الرواية لا مكان له ،المدينة الوحيدة التي سميت باسمها هي تطوان وهذا سبب للمطالبة بمغرب المنطقة الخليفية دعونا لا ننسى أن الجمهورية كرست الاستعمار الأسباني مع الاستعمار الخيري. المواقع الأخرى في الرواية غير مسماة ، على الرغم من أن أي قارئ متمرس يمكنه التعرف على الأماكن بسهولة إلى حد ما.

ماهي أبرز الدلالات السيميائية والجمالية لعنوان روايتك؟

كنت مهتمًا بقوة الصورة الأدبية التي تثير حدثًا مستحيلًا ويعد تغيير الصورة الراسخة للمورو في إسبانيا أيضًا قضية يجدها الكثيرون مستحيلة ،هناك عقود عديدة و قرون من العنصرية العميقة.

قلت لي أن روايتك تناولت أحداث الحرب الأهلية الإسبانية من أي منظور إيديولوجي تناولت هذا الموضوع؟

إنها رواية مناهضة للحرب بغض النظر عن نظرتك إليها.

مامدى حضور الصورة النمطية للمغاربة بالمخيال الشعبي الإسباني في فترة الحرب الأهلية الإسبانية بالرواية؟

إنه حضور عميق ويستخدم الخطاب الكامل من صور العنف لتخويف السكان وهو خطاب قرسطوي، وبالتالي تسبب لهم بالاستسلام أو الفرار، الجمهوريون على اتصال وثيق مع الأساطير من وقت الأندلس لتجنيد المزيد من المتطوعين وقد تغذى مصطلح “المورو” من أحداث التاريخ، لعل من بينها هزائم الإسبان في حرب الريف وفي مواجهة “أسد الريف” محمد بن عبد الكريم الخطابي لتأتي من بعدها في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي مشاركة آلاف المغاربة إلى جانب “فرانكو” في حرب أهلية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، حيث تولد عن حضور المقاتلين المغاربة في تلك الحرب البشعة صورة سيئة ومخيفة، خصوصا بالنسبة إلى خصوم “فرانكو” من الجمهوريين، إضافة إلى الحضور الوازن والمرئي “للحرس الخاص لفرانكو” أو ما كان يطلق عليه “حرس المورو” والذي تكلف بحماية “فرانكو” لسنوات، ثم تداعيات “المسيرة الخضراء” وإجبار الإسبان على الخروج من سيدى إفني والصحراء.. كلها أحداث ووقائع ما زالت حاضرة في مخيال وذاكرة الكتابات الإسبانية.

تقييمكم لواقع الأدب التاريخي مابين ضفتي المضيق؟

لا أعتبر نفسي خبيرًا ولن أعلق كثيرًا حتى لا أتجاهل عمل الزملاء الخبراء في هذا المجال. في رأيي الشخصي الحقيقة هي أنه غير موجود فعليًا. عليك فقط التحقق من عدد الأعمال المترجمة من العربية إلى الإسبانية والعكس صحيح. وصحيح أيضًا أن تيارات أدبية جديدة تبني جسورًا ، لكنها في كثير من الحالات مقتصرة على البيئة الأكاديمية والمؤسساتية على أي حال هناك عدد كبير بشكل متزايد من الأصوات الجديدة على كل جانب من جوانب الضفتين التي تطالب بهويات متعددة من خلال الأدب .

https://anbaaexpress.ma/bnbvp

عبد الحي كريط

باحث وكاتب مغربي، مهتم بالشأن الإسباني، مدير نشر أنباء إكسبريس

تعليق واحد

  1. حوار رائع كعادتك متميز استاذ عبدالحي دمت ذخرا للفكر والتنوير ومواضيعك تعتبر مرجعا في البحث ولولا هذا الحوار ماعرفنا هذا الكتاب وصاحبه لابد من ترجمته إلى العربية لان فيه تفاصيل هامة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى