أفريقياسياسةمجتمع

حوار حصري من داخل المخيمات مع أبطال المحبس

في هذا الحوار سنكشف الستار عن حقيقة الاصطدامات القبلية بالمخيمات، التلاعب بالمساعدات الإنسانية وبيعها في السوق السوداء، معسكر تجنيد الأطفال و النساء” مدرسة الأشبال” و حكايات من سجني الرشيد و الذهيبية.

السؤال الأول: كيف هي الأوضاع حاليا بتندوف، خاصة بعد الاصطدامات ذات الطابع القبلي التي عرفتها بعض المخيمات كمخيم أوسرد، السمارة، الداخلة ؟

في البداية نحن فرقة أبطال المحبس بمخيمات تندوف نوجه الشكر الجزيل وجميل الإمتنان الى جميع أفراد وكالة: أنباء اكسبريس على هذه الإلتفاتة و الحوار المثمر الذي يسلط مزيدا من الأضواء على معاناة المحتجزين بمخيمات الحمادة قرب تندوف.

في سياق سؤالكم الأول و كما تعلمون ويعلم الجميع أن مخيمات المحتجزين عبارة عن بقعة جغرافية مغلقة و غير مفتوحة على بقية العالم ثقافيا و حتى إعلاميا قامت الجزائر بداية سبعينات القرن الماضي بتكديس داخلها مجموعة من المكونات القبلية الصحراوية القادمة من الصحراء المغربية و جنوب الجزائر و الشمال الموريتاني و كذلك مناطق أزواد شمال مالي كل هذه المجموعات البشرية تجمعها تقريبا نفس الثقافة لكن تبقى هناك خصوصيات واختلافات وتباعدات تفصل كل مجموعة عن الأخرى، مما تسبب في صعوبة التعايش و الإندماج في ما بينها و محاولة أحد المكونات فرض وبسط السيطرة الكاملة على الساكنة، بل أكثر من ذلك تعمدت قيادة حركة البوليساريو في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي القيام بعمليات إبادة جماعية ممنهجة و منتظمة في حق عدة مكونات صحراوية قادمة من الصحراء المغربية كقبائل “الساحل” و قبائل “تكنة” وموريتانيا بتنسيق و مباركة طبعا من الدولة الجزائرية حيث خصصت البوليساريو لذلك سجن رهيب سمي بسجن “الرشيد” شهد أبشع و أقبح عمليات التعذيب و القتل و تقطيع الأطراف و عمليات الإخصاء كرم الله وجهكم يعد ضحاياه بالمئات بعيدا عن أعين العالم والمنظمات الحقوقية و وسائل الإعلام تحت قيادة ما يسمى انذاك “اللجنة التنفيذية” نذكر من قائمتها الزعيم الحالي لحركة البوليساريو ابراهيم غالي و شقيق المؤسس الأول المسمى” البشير مصطفى السيد” و “سيد أحمد البطل” و “بيد الله” (گريگاو)…

مما أدى إلى ترسيخ المفاهيم الطائفية وسيادة المعطى القبلي في الذاكرة الجماعية لساكنة مخيمات المحتجزين، الأمر الذي أصبحنا نشاهده بشكل يومي في صعوبة تعايش هذه المكونات في ما بينها و التطاحنات الدموية المسلحة التي هي بمثابة فصائل مسلحة بزي مدني تابعة لبعض القياديين من الصف الأول و الثاني في البوليساريو لكل منهم هدفه في اكتساح السيطرة في مجال تجارة المخدرات و البقاء الأبدي في السلطة هو و عشيرته،
فالباحث و المتمعن في رفوف وصفحات مشروع الرابوني الفاشل يلاحظ أن جميع المناصب الحساسة في البوليساريو منذ البداية كالرئاسة و الجيش.. ظلت ولا تزال محصورة فقط على أحد المكونات دون الأخرى مما يمكن أن نستنتج بأن هيمنة عقلية و إديولوجية (الفرگان) هي السائدة والمسيطرة في البولساريو و هذا ما جعلها ما يقارب نصف قرن من الزمن تدور في نفس الحلقة دون التقدم خطوة واحدة إلى الأمام بالعكس امتعاض الساكنة و المجتمع الدولي من هكذا عقليات و حروب داخلية مسلحة أكثر بشاعة مما كان يقع بين المسلمين والكفار ضواحي مكة المكرمة و المدينة في الجزيرة العربية، إجمالا فالصراعات والنزعة القبلية هنا هي بمثابة أمانة متوارثة من الأباء و الأجداد في يد الأحفاد.

السؤال الثاني: ماذا تخطط له قيادة البوليساريو في ظل العزلة الدولية التي تعيشها الجزائر و الازمات التي يتخبط فيها الجنرالات هناك بقصر المرادية؟ و ما تأثير الصراع بين قيادة العسكر و انعكاسات ذلك على الأوضاع في الرابوني؟

في الحقيقة فشل قيادة البوليساريو ليس وليد اليوم بل هو نتيجة لتراكمات سياسة شوڤينية متهالكة و إديولوجية كما قلنا متعفنة لأن المشروع أصلا من بدايته مبني على أسس قبلية صرفة له أركان و زوايا مظلمة من القهر والقتل و التعذيب جعلت الكثير من الساكنة تتخلى عن مؤسسات و مفاصل الحركة و هرب الكثير منهم نحو دول الخارج و موريتانيا و منهم من استقر بشكل دائم في الجزائر حتى الدفعات العسكرية التي يتم تدريب دفعتان عسكريتان في السنة منذ سنة 1981 إلى الآن قد تبخرت هذه الأعداد الكبيرة من المقاتلين فضلا عن من تم ارسالهم في فترات متفاوتة للتدريب في دول الخارج كدولة كوبا و الجزائر و يوغوزلافيا وغيرهم، وهذا ما ظهر جليا في الإستفزازات المسلحة الأخيرة للبوليساريو لأن الحرب المعلنة من جانب واحد لم تكن مدروسة قبل ذلك فبحكم تجربة بعض افراد فرقة ابطال المحبس داخل الفترات العسكرية و زيارة النواحي العسكرية لملشيات البوليساريو وجدوا أن ترسانة السلاح متهالكة وقديمة جدا بل أصبحت متجاوزة لدى معظم الجيوش الغير نظامية فما بالك بالجيوش النظامية و هذا ما جعل قيادة البوليساريو تفشل بشكل واضح في جميع الميادين سواء منها الدبلوماسي الذي اصطدم بقوة الدبلوماسية المغربية وحنكتها وسواء منها العسكري حيث فشلت في تعبئة الشباب عن طريق الخطابات الفضفاضة و المفخخة بمفاهيم القومية الكاذبة من أجل الدفع بهم تحت رحمة الطيران المسير المغربي داخل المناطق العازلة.

قيادة البوليساريو حاليا لا تخطط لأي شيئ نتيجة الصدمة الغير متوقعة و موازين القوة الغير متعادلة بينها وبين الجيش الملكي المغربي فحتى الجزائر تفطنت لضعف العقيدة العسكرية للبوليساريو لذلك لم تقدم لها الى حد الساعة اي سلاح نوعي يخلق الفارق في ميدان المعركة ونظرا أيضا لعدم كفاءة مقاتلي البوليساريو العلمية و العملية لإستعمال الأسلحة الحديثة و المعقدة، من جهة أخرى فالمعسكر الشرقي منذ بداية فترة حكم الرئيس الجديد عبد المجيد تبون أصبح يعرف عدم استقرار كبير نتيجة المشاكل الداخلية و صراع الأجنحة العسكرية المتناحرة في ما بينها حيث يوجد ما يقارب 40 جنرالا داخل السجون كما اننا لا نستبعد ان يكون حادث سقوط طائرة الهيليكوبتر الأخير التي على متنها ضباط عمل مدبر من جناح وزير الدفاع الحالي شنقريحة.

السؤال الثالث: يوما بعد يوم ترتفع أصوات بعض الأحرار من داخل المخيمات رافضة السياسة التي تنهجها القيادة القبلية بالبوليزاريو، ما مآل من تم اعتقالهم و اختطافهم على خلفية هاته الاحتجاجات ؟

نعم اخي الكريم بطبيعة الحال ما شاهدناه في السنوات الأخيرة يبعث على الارتياح حيث أننا بشكل شبه يومي نسمع أصوات رافضة لسياسة قيادة البوليساريو القبلية و إن كانت هاته الأصوات لا تزال محتشمة بعض الشيئ لكن هذا يبشر بالخير.

فمنذ فتح ملف ضحايا سجن الرشيد على وسائل التواصل الإجتماعي تعالت أصوات العديد من الضحايا الناجين من هذه المجزرة مطالبة بالقصاص والمحاكمة للجلادين و المجرمين الذين ارتكبوا هكذا عمليات تعذيب و قتل و ابادة ممنهجة حيث لا يزال بعض أولئك القتلة هنا بالمخيمات يتقلد مناصب هامة و حساسة في البوليساريو فما شاهدناه مؤخرا من محاكمة زعيم البوليساريو المسمى ابراهيم غالي باسبانيا وتحرير محاضر بحث قضائية في حق آخرين من مجموعته هو بداية لبزوغ فجر جديد للديمقراطية والقصاص للضحايا بالرغم من أن مئات الضحايا بقي مصيرهم مجهولا إلى حدود إجراء هذا الحوار ولا يعلم عنهم أهلهم و ذويهم أي شيئ، فمنهم من تم تعذيبه حتى استشهد تحت التعذيب و منهم من قطعت أطرافه و يداه وتم التصفيق بها و منهم من تم دفنهم احياء بموقع گويرة بيلة و منهم من سلخ رأسه حيا و منهم من تم تكبيله بالحبال وجره بالسيارات حتى تلاشى و منهم من تم تكبيله بالحبال في عز فصل الشتاء عاريا حتى مات بالجوع و منهم من تم حرقه حيا و اخرون نزع منهم اللحم احياء يصرخون و نتذكر جيدا أحداث انتفاضة 1988 المناهضة للقيادة انذاك هنا بالمخيمات بعد أن حاولت قيادة البوليساريو القيام بإعدام 24 قياديا لأنهم فقط من قبائل الساحل و تكنة في صورة متكاملة و واضحة التفاصيل على أن البوليساريو تم بنائها على مقاس قبيلة واحدة فقط لا غير و هذا من أسباب فشلها إلى اليوم. كما أن مخيمات تندوف حاليا تتوفر على سجن سيئ وكارثي يسمى (الذهيبية) لا يقل درجة عن سجن الرشيد يتم ممارسة التعذيب في غرفه بعيدا عن زيارة المنظمات و الهيئات الحقوقية الدولية ومن خلال هذا الحوار مع جريدتكم المحترمة ندعوا نحن فرقة أبطال المحبس كافة المنظمات الحقوقية لزيارة اوضاع المحتجزين وهكذا سجون بمخيمات تندوف.

السؤال الرابع : تجنيد الأطفال، تجنيد النساء ، سلب حرية التعبير والتنقل، تكميم الافواه.. كلها ممارسات غير مقبولة و استغلال للصحراويين المحتجزين بالمخيمات حدثنا عن هذا الموضوع؟

سؤال جيد و وجيه..
بخصوص مسألة تجنيد الأطفال من طرف قيادة البوليساريو اصبح أمرا عاديا إذ لم نقول سنة مؤكدة سالبة لحق الطفل في الدراسة والتحصيل العلمي بعيدا عن صوت الرصاص و ذخيرة المدافع، إن المتتبع لهذا الشأن من داخل المراكز التدريبية يصدم بوجود أطفال بعضهم لا يتجاوز 14 ربيعا يرتدي الزي العسكري و يتدرب على الرماية بالأسلحة الخفيفة و المتوسطة كما نلفت انتباه الجميع بوجود مركز خاص بتدريب الأطفال تحت مسمى (مدرسة الأشبال).

فالبوليساريو يتخذ من العشوائية العسكرية مرتعا خصبا لدخول الشخص مجال التجنيد العسكري بحيث لا يعتمد على أي شرط سواء من حيث السن أو السلامة الجسدية أو العقلية حتى الأجانب و من لايتوفر على بطاقة صحراوية فكل من هب و دب يدخل مجال العسكرية الأمر الذي جعل مخيمات تندوف ساحة و وسط ملائم لنمو التطرف المسلح الذي أصبح يمتد في شمال إفريقيا و دول الساحل و الصحراء.

أما بخصوص تجنيد النساء فحدث ولا حرج توجد مدرسة عسكرية خاصة بالبنات هن الأخريات يتم تدريبهن على حمل السلاح و الرماية به، أخي الكريم تسأل عن حرية التعبير و التنقل كأننا في دولة متقدمة او ديمقراطية هنا لا وجود لشيئ اسمه حرية بجميع أصنافها و لا رأي مخالف لرأي القيادة الفاسدة والقبلية و كل من عارضها يتم نعته بالمندس الذي يريد تخريب المشروع و قد يصلك بك الوضع إلى أن تتعفن خلف القضبان و تتم تصفيتك ثم يخرج النظام بأكذوبة أنه مات منتحرا في السجن.

السؤال الخامس: تقارير إعلامية و تحقيقات أشرفت عليها منظمات حقوقية دولية، تتحدث عن التلاعب بالمساعدات الإنسانية التي تصل إلى تندوف وبيعها في السوق السوداء و إعطاء البعض منها للموالين للقيادة فقط، ما حقيقة طريقة توزيعها وهل فعلا يستفيد منها من يستحقها؟

بطبيعة الحال اخي الكريم هناك مئات الأطنان من المساعدات التي تصل هنا مخيمات المحتجزين منها ما هو غذائي ومنها ماهو عبارة عن سيارات وشاحنات وحافلات وملابس وحتى الأدوية والتجهيزات الطبية، لكن للأسف يتم تحويلها إلى الأسواق المجاورة وبيعها بالجملة داخل أسواق الزويرات و نواكشوط بموريتانيا فالزائر يكفي أن يقوم بزيارة عادية يوم الجمعة داخل السوق الأسبوعي لتندوف سيشاهد جميع أنواع المساعدات المقدمة خصيصا للمحتجزين معروضة للبيع دون حسيب أو رقيب، يتم بيعها من طرف قيادات في جبهة البوليساريو الأمر الذي أصبح بمثابة مورد مالي ضخم و كبير لهولاء القياديين بملايين الدولارات ليس هذا فقط أخي بل حتى تأشيرات السفر تعتبر منبع و مورد مالي مهم حيث يتم بيع التأشيرة الواحد بمبلغ 5000 يورو.

فريق أبطال المحبس من داخل مخيمات تندوف يشكر جريدة أنباء اكسبريس والإعلامي الحسين أولودي على الاستضافة، تقبلوا فائق التقدير و الإحترام رفاقي.

https://anbaaexpress.ma/8rctq

الحسين أولودي

إعلامي باحث في الجغرافيا السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى