تقاريرثقافة

من أجل الحداثة: ندوة تكريمية احتفاء بأعمال الفيلسوف الراحل محمد سبيلا

تغطية

شهد فضاء عبد الله العروي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية-بنمسيك بالدار البيضاء، أمس لقاء فلسفيا ضمّ عددا من الباحثين والأساتذة، احتفاء بأعمال الراحل المفكر المغربي د. محمد سبيلا. بإشراف عمادة الكلية في شخص د. عبد القادر كنكاي، ومنسق اللّقاء د. عبد الإله بلقزيز، الذي تعذّر عليه الحضور لمانع صحّي. حضر اللقاء كريمة المحتفى به الأستاذة إيناس سبيلا رفقة زوجها. كما شارك في هذا اللقاء عدد من الباحثين والأساتذة من أصدقاء الراحل، حيث جاءت المداخلات على مدى ثلاث جلسات تحت عنوان: من التراث إلى الحداثة: نقد التقليد، أسئلة الحداثة و الأيديولوجيا والحداثة.

بدأت أشغال اللقاء في العاشرة صباحا، تناول فيها الكلمة السيد عميد الكلية د. عبد القادر كنكاي، الذي توجه بالتحية للحضور إلى الأساتذة والطلبة والفنانين، كما توجه بالشكر لنجلة الراحل المحتفى به وكذا لمنسق ما سماه بالعرس الفكري، د. عبد الإله بلقزيز، حيث قال:” نلتقي اليوم حول رجل طبع جيلا من بلدنا المغرب بل أجيالا من العالم العربي، بأفكاره وأطروحاته، رجل بنى مشاريع متكاملة للحداثة وفتح أوراشا فكرية عدة للاحقين”. وتضمن النشاط عرضا لشريط مصور حول جانب من نشاط الراحل لا سيما حضوره داخل كلية الآداب والعلوم الإنسانية-بنمسيك.

وتناولت الكلمة بعد ذلك في الجلسة الافتتاحية نجلة المحتفى به، السيدة إيناس سبيلا، التي استعرضت جوانب من حياة والدها الإنسان، والتي وصفته بالمفرط في إنسانيته، وطريقة تعاطيه مع الشأن العائلي رغم انشغالاته، حيث تعرضت للحظات إنسانية في حياة أبيها، المفكر والفنان أيضا.

وتضمنت مداخلات الأساتذة عددا من الانطباعات والآراء وصفا وتحليلا لأهم آرائه، حيث تناول الكاتب المغربي د. صلاح بوسريف في مداخلة تحت عنوان : تفكير التحديث من منظور حداثي، تطرق فيها لإشكالية الحداثة لا سيما فيما يتعلق بأعراضها وآثارها وبين جوهرها، محللا بعض أشكال سوء الفهم فيما يتعلق بالمطلب الحداثي، وموقف محمد سبيلا من التراث. والأمر نفسه في مداخلة ذ. معزوز عبد العلي الذي جاءت مداخلته تحت عنوان: محمد سبيلا وهاجس الحداثة: جدلية الذات والمجتمع، حيث تناول القلق الذاتي الناجم عن الاستجابة لتحدي الحداثة كمطلب فكري، ينطلق من الذات إلى الكل الاجتماعي، مؤكدا على أن هذا الحضور الذاتي يقع في مستويات عديدة، منها المستوى النفسي بمرجعيته الفرويدية، والمستوى الظاهراتي بمرجعيته الهوسرلية، والمستوى الأنطلوجي ذي المرجعية الهيدغرية.

من جهته تناول د. نور الدين أفاية جوانب مهمة من سيرة المفكر وتحليل دقيق لبعض مواقفه وآرائه، متناولا أفضال الراحل على الفكر المغربي المعاصر وعلى الدرس الفلسفي في بلادنا. وهو في نظره من نخبة المجتهدين القلائل الذين لم ينجرفوا وراء تحريف واختراق شعبة الفلسفة، من خلال الانسياق لتاريخ العلوم وفلسفتها على أهميتها، مصرا على تقديم مساهمات نظرية في الفلسفة والعلوم الإنسانية بهدف تقعيد النظر المغربي والعربي إلى الذات والمجتمع والسياسة والعالم. مشيرا إلى أن الراحل لم يكتفي في عملية التواصل بالمحاضرة والتدريس، بل كان وسائطيا بامتياز، مستعملا الصحافة أيضا أسلوبا في تبليغ آرائه.

كما تناول د. محمد الشيكر سؤال الحداثة من خلال مداخلة مفصلة تحت عنوان: سؤال الحداثة وممانعات التقليد، مستويات تناول المشاريع الأيديولوجية المغربية لمشكلة الحداثة والتراث، مبرزا ميزة الأفكار التي تجاوز بها الراحل إشكالية القطيعة، مستقلا برؤية أكثر إيجابية للحداثة.

من جهته اعتبر د. محمد مزوز في مداخلته الموسومة بتوترات الحداثة بين ضلاع ثالوث النفس والنص والواقع، أنّ الراحل حسم في موضوع الحداثة، معتبرا أن ما بعد الحداثة ليست سوى الحداثة ناقدة نفسها. مشيرا إلى بعض الأبعاد في شخصية الراحل، الذي وصف نفسه بأنه رحّالة أكثر مما هو فيلسوف، فهو لم يربط نفسه بأيديولوجية أو مذهب فلسفي أو إطار.

أما د. عبد الواحد آيتا لزين، فقد تناول في مداخلته: في حيوية الحداثة عند محمد سبيلا، أهم الأفكار والمواقف التي عبر عنها الراحل في كتاباته، وذلك في عرض فلسفي وأدبي استحضر فيه أهم المحطّات والأفكار التي دافع عنها سبيلا.

تناول الأستاذ ادريس هاني في مداخلته المعنونة بالأيديولوجيا: الغواية والوظيفة، جانبا من أطروحة الراحل محمد سبيلا حول الأيديولوجيا، معتبرا أنّه ممن أدرك البعد الصيروري للحداثة، معلنا أن له الفضل عليه في ثنيه عن فكرة ما بعد الحداثة. واعتبر هاني أن سبيلا لم يكن ما-بعد حداثيا ولكنه كان بين-حداثيا. وتعرض إدريس هاني إلى عدد من المفاهيم المتعلقة بإشكالية الأيديولوجيا منذ دوتراسي حتى مانهايم وبول ريكور، معتبر أن الأيديولوجيا ليست فقط محددا أسمى بالمعنى الاجتماعي كما ذهب ألتوسير، بل هي تكاد تكون المحدد الأسمى للشكل الأنطولوجي للكائن. وتناول ادريس هاني عددا من الأفكار المفارقة، مثل كيف يكون الوهم أحيانا والأيديولوجيا بمعنى آخر في خدمة الواقع والعلم، وقدم بعضا من الأمثلة من العلم.

من جهته تناول د. محمد الشيخ في مداخلته: محمد سبيلا والتراث، عددا من الملاحظات، تتعلق بتصحيح بعض الآراء الشائعة، تتعلق باهتمام سبيلا وغيره من الحداثيين بالتراث تحقيقا وتوثيقا، وأعطى أمثلة عن العروي ومحمد سبيلا. كما تناول مستويات النظر إلى التراث، ما بين التجاوز والاستبعاد وما بين الاستثمار. واعتبر د. محمد الشيخ أن سبيلا يقع ما بين دعاة الفصل مع التراث وبين دعاة الوصل مع التراث. مستحضرا قولة الراحل محمد سبيلا حين وصف من يتحدث عن القطيعة النهائية مع التراث بالصلاة العدمية، كما اعتبر الاكتفاء بالتراث كالعيش مع الموتى، واعتبر سبيلا التراث ، فيما أشار إليه محمد الشيخ، هو اللفافة التي تلفنا وتلون لون العالم بالنسبة لنا وبالتالي فكل نهضة وحركة لا بد أن تمر عبر التراث.

تناوب على إدارة الجلسات أساتذة وباحثون، حيث أدار الجلسة الأولى الأستاذ محمد حفيظ، كما أدار الجلسة الثانية الأستاذ إبراهيم فدادي، في حين أدار الجلسة الثالثة الأستاذة ابتسام براج.

https://anbaaexpress.ma/Wno3N

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى