جعجعة الجزائر وطحين المغرب

وليد بهضاض

لاتكف الجزائر عن مهاجمة المغرب حتى أصبح الأمر مألوفا لدى العالم والمنتظم الدولي، فالجمهورية الجزائرية هي الداعم الأول والأساسي لجبهة البوليساريو وسبب رئيسي في النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية..

لعل مضايقات الجزائر المتواصلة للمغرب لها دوافعها الحقيقية، عكس ما يروج له العسكر الجزائري وذراعه الاعلامي من هلوسات، فقد اشتد التوتر بين البلدين حتى وصل الملاعب والمدرجات، النظام الجزائري وما يكيله للمغرب من اتهامات فارغة لا حجج ولا أدلة له عليها..

لعلها من أهم الأسباب التي جعلت حكام الجزائر يكنون للمغرب كرها وحقدا شديدين بصرف النظر عن حرب الرمال والنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية،انها الملكية واستمرارية العرش العلوي في فترات زمنية غاية في الخطورة،تحكمت فيها الثورات الشعبية والانقلابات العسكرية خصوصا في العالم العربي،ففي الوقت الذي سقطت جل الأنظمة الحاكمة صمدت الملكية المغربية، بل حتى الربيع العربي المدمر مر على المغرب بردا وسلاما..

يعادي النظام الجزائري المملكة المغربية لأنها تجذرت في عمق التاريخ،حضارتها تربط الماضي بالحاضر،مع تقدم ملحوظ على مستوى البنى التحتية،وجلب استثمارات اقتصادية، دبلوماسيته موفقة وحكيمة وخارجيته نشيطة، كما حصد المغرب أقوى الحلفاء وإلتزم الحياد تجاه الأزمة الروسية الأوكرانية في خطوة جد ذكية،فلا تريد الجزائر أن تستوعب أن الملكية المغربية ليست وليدة أمس، عقود وقرون مليئة بالعبر والحكم والتجارب والأخطاء والأمجاد،تاريخيا لامجال للمقارنة بين مملكة المغرب وجمهورية الجزائر والتي يسخر منها البعض بالقول ان زوجة الرئيس الفرنسي “ماكرون” أكبر منها سنا..

عداوة الجزائر للمغرب بلا سبب موضوعي ومقنع جعل منها مسخرة بين الامم،خصوصا بعد سعي المغرب لطي صفحة الخلاف، بل وخصص العاهل المغربي خطابا ساميا يدعو فيه حُكام الجزائر الى التعاون المشترك خدمة لمصالح الشعبين،كما عرض المغرب طائراته عند اندلاع النيران في منطقة القبايل وتجاهل قصر المرادية ذلك،ورفض العسكر جميع الوساطات العربية والأجنبية الهادفة الى تهدئة الأوضاع بينما تكلف ملك المغرب بإجلاء الطلبة الجزائريين العالقين في أوكرانيا جوا بعد فشل سفاراتهم،ويُداوم على إرسال برقيات التهاني والتعازي للحكومة الجزائرية في الافراح والأقراح.

حصد المغرب اعترافا دوليا بمغربية الصحراء ويملك احتياطيا هائلا من الفوسفاط وواجهتين بحريتين،وأعلن عن وجود الغاز الطبيعي والبترول وثروة طاقية هائلة في جبل بحري ضخم، كما عزز مكانته الخارجية بين الدول وصارع أقواها وأرضخ البعض منها،واستقطب الإستثمارات والقنصليات لتستقر بالمدن الصحراوية المغربية..

بالمقابل تستمر الجزائر في نهج سياسة العداء المتعمد ضد المغرب بلا سبب واضح، خسرت على اثره ملايير الدولارات من مال شعبها في تطعيم وتدريب وتسليح الانفصالية ضدا في جارتها الغربية، وكذا على أمل ايجاد منفذ للمرور الى الواجهة البحرية الاطلسية لأهداف اقتصادية،مخططات فاشلة لزعزعة الأوطان ترمي إلى تقسيم البلدان،فالطرف المعتدي مجهول الأصل، سفيه العقل،هش البنيان..

سلوكيات الجزائر كطفل يرغب في الهيمنة والسيطرة ولفت الانتباه وإثبات الحضور والذات، يحتج ويشاغب ويحرض، ويلعب بعنف، ويحاول اضرام النار كلما خسر، بينما المغرب كالرجل الحكيم الثابت يتجاهل ويترفع وينظر بعين الحكمة ويمضي نحو صناعة المجد، مراقبا في نفس الوقت تحركات الصبي المشاغب عن كثب، وكلما إفتعل المشاكس المشاكل تُنبه المملكة المغربية الأمم المتحدة ودولة فرنسا باعتبار الاخيرة من أنجبته..