الشأن الإسبانيسياسة
أخر الأخبار

مناورات “أطلس 25” بإسبانيا.. اختبار شامل لدرع الدفاع الجوي في زمن الطائرات المسيّرة

تختتم المناورات يوم الجمعة 24 أكتوبر، تؤكد أوساط عسكرية أن دروس “أطلس 25” ستشكل ركيزة لتطوير منظومة الدفاع الإسبانية في السنوات المقبلة، ضمن رؤية استراتيجية تضع مواجهة الطائرات المسيّرة والحرب الإلكترونية في صدارة أولويات الدفاع الوطني..

في مشهد عسكري يترجم التحول الجذري في مفاهيم الأمن والدفاع، أطلق الجيش الإسباني مناورات “أطلس 25” بمدينة هويلفا جنوب البلاد، بمشاركة وحدات من القوات البرية والبحرية والجوية والفضائية، إلى جانب الحرس المدني والشرطة الوطنية، في تمرين يوصف بأنه الأوسع من نوعه خلال العقد الأخير.

وتهدف هذه المناورات، التي تجري تحت إشراف رئيس أركان الدفاع الإسباني الأميرال الجنرال تيوذورو إستيبان لوبيز كالديرون، إلى اختبار الجاهزية العملياتية للجيش في مواجهة التهديدات الجوية الحديثة، وعلى رأسها الطائرات المسيّرة، التي باتت تغير موازين القوى في النزاعات الراهنة من أوكرانيا إلى الشرق الأوسط.

التدريبات انطلقت يوم 20 وتختم في  24 أكتوبر الجاري، وتركز على محاكاة سيناريوهات هجومية معقدة تشمل طائرات مأهولة وصواريخ كروز وهجمات بطائرات من دون طيار، في محاولة لقياس فعالية منظومة الدفاع الإسبانية في مواجهة تهديدات متعددة المصادر.

وتشرف على العملية قيادة المدفعية الجوية، من خلال الفوج 71 للمدفعية المضادة للطائرات، الذي راكم خبرة ميدانية في عمليات الناتو شرق أوروبا، حيث أظهرت الحرب الأوكرانية هشاشة الدفاعات التقليدية أمام أسراب الطائرات المسيّرة الصغيرة والدقيقة.

وتُعد “أطلس 25” أكثر من مجرد تدريب ميداني؛ فهي مختبر تقني لاختبار أساليب “القتل الصلب” المتمثلة في الذخائر والصواريخ الموجهة، و”القتل الناعم” عبر التشويش الإلكتروني والتضليل السيبراني لتعطيل الأنظمة الجوية المعادية.

فإسبانيا تدرك، في ظل المتغيرات الجيوسياسية الراهنة، أن السيطرة على الفضاء الجوي لم تعد مرهونة بالقوة النارية وحدها، بل بالذكاء الصناعي والحرب الإلكترونية والقدرة على دمج المعلومات في الزمن الحقيقي.

كما تهدف المناورات إلى تعزيز القيادة المشتركة بين فروع الجيش وأجهزة الأمن الداخلي، من خلال تقوية قنوات التنسيق وتبادل البيانات الميدانية، بما يتيح سرعة اتخاذ القرار والرد الفوري على أي تهديد يطال المجال الجوي الإسباني أو القوات المنتشرة في الخارج.

وتؤكد مصادر الدفاع أن هذا النهج يدخل ضمن سياسة “القيادة المتكاملة” التي تتبناها مدريد لتقوية حضورها داخل منظومة الدفاع الأوروبية والأطلسية.

إلى جانب الجانب العسكري، حملت المناورات بعداً بحثياً وصناعياً لافتاً، إذ شاركت فيها جامعات ومراكز بحث وشركات دفاعية إسبانية متخصصة في تقنيات الرادارات المتقدمة والحرب الإلكترونية، بهدف تطوير أنظمة محلية قادرة على مواكبة التطورات التكنولوجية في ساحة القتال الحديثة.

فإسبانيا، كما توضح وزارة الدفاع، تسعى إلى بناء “استقلال تكنولوجي نسبي” في مجالات الدفاع الجوي والطائرات من دون طيار، تجنباً لارتباط مفرط بالموردين الخارجيين.

ويرى محللون عسكريون أن “أطلس 25” ليست مجرد استعراض للقوة، بل رسالة استراتيجية موجهة إلى الداخل والخارج، مفادها أن إسبانيا تعيد تعريف دورها الدفاعي في الجنوب الأوروبي في ظل التهديدات الجديدة، سواء تلك القادمة من المجال السيبراني أو من الأجواء غير النظامية التي أصبحت مفتوحة أمام طائرات صغيرة يمكن لأي جهة استخدامها لأغراض تجسسية أو إرهابية.

كما تعكس هذه المناورات وعياً متزايداً داخل المؤسسة العسكرية الإسبانية بأن التهديد الجوي لم يعد محصوراً في الهجمات التقليدية، بل أصبح يمتد إلى المجال المدني عبر الطائرات التجارية المعدلة أو الطائرات الانتحارية ذات التكلفة المنخفضة، ما يفرض تحديثاً عميقاً في العقيدة الدفاعية والتشريعات الأمنية.

وبينما تختتم المناورات يوم الجمعة 24 أكتوبر، تؤكد أوساط عسكرية أن دروس “أطلس 25” ستشكل ركيزة لتطوير منظومة الدفاع الإسبانية في السنوات المقبلة، ضمن رؤية استراتيجية تضع مواجهة الطائرات المسيّرة والحرب الإلكترونية في صدارة أولويات الدفاع الوطني.

فإسبانيا، مثل غيرها من الدول الأوروبية، باتت تدرك أن معارك المستقبل لن تُحسم في السماء فقط، بل في الصراع على البيانات، والإشارات، والسيطرة على الموجات الكهرومغناطيسية.

https://anbaaexpress.ma/yczgr

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى