أفريقيامجتمع
أخر الأخبار

تشاد: حيث البراءة تلقى في القمامة.. سجل زمني لجريمة الصمت !

إعداد: الشيماء عبدالرحمن

في تشاد، لم يعد الحديث عن العنف ضد الأطفال مجرد إحصائيات باردة. بل هو سجلُ زمنيّ مؤلم ٌ لجثثٍ صغيرة ثُرمى كأنها لا شيء، وبراءة تُغتصب في وضح النهار.

هذه ليست حوادث معزولة؛ إنها سلسلة من المآسي التي تتكشف يوماً بعد يوم، لتُعلن عن انهيار قاسٍ للقيم في المجتمع كان يفترض به أن يكون حصناً للأمان والرحمة.

أنجمينا: صرخات صامتة وقصة براءة تُدفن

في قلب أنجمينا، عاصمة تشاد، تتكشف قصة مأساوية تتجاوز حدود الأرقام و الإحصائيات الباردة.

إنها حكاية صرخات صامتة لبراءة تُلقى في القمامة، وتُدفن تحت أغطية الصمت والتجاهل. ما بدأ كهمس خافت في عام 2021، سرعان ما تحول إلى صدى مدوٍ لأزمة إنسانية تتفاقم عاماً بعد عام، مُهددة بتحويل المدينة إلى مقبرة لأرواحٍ لم تعرف الحياة إلا لحظات.

بداية المأساة: إشارات تحذيرية لم يُصغ لها أحد(2021)

كانت أولى الإشارات الصامة في 20 أكتوبر 2021، عندما اهتزت أنجمينا على وقع محاولة قتل بشعة. ألقت امرأة بمولودها الجديد في مرحاض بحي “قوجي شرفة”، وكادت أن تختنق تلك الروح البرئية لو لا يقظة رجال الإطفاء الذين انتشلوها في اللحظة الأخيرة.

لم يكد يمر أسبوعان، حتى جاء خبر آخر في 2 نوفمبر 2021، ليُعثر على طفل حديث الولادة ملقى في الشارع خلف شركة المقاولون العرب،مرة أخرى بفضل تدخل الدفاع المدني.

هذه الحوادث المبكرة كانت بمثابة صرخات تحذيرية، لكن يبدو أن الرياح لم تحملها بعيداً لتصل إلى آذان المجتمع بما يكفي ليتخذ إجراءً حقيقياً.

التصاعد الوحشي: براءة مهملة في كل زاوية (2024 -2023)

لم تتوقف المأساة عند حدود عام 2021. مع دخولنا عامي 2023 و 2024، تصاعد وتيرة هذه الجرائم بشكل مقلق، وكأن المجتمع فقد حساسيته تجاه هذه الأرواح الهشة.

في25 مارس 2023، عُثر على جثة طفل في القمامة بحي سبنغالي، مشهد يدمي القلب ويكشف قسوة التعامل مع البراءة. بعد أقل من عام، وتحديداً في 4 أبريل 2024، وجدت السلطات طفلاً حديث الولادة ملقى على أحد المباني.

هذه الأرقام، على فظاعتها ليست سوى قمة جبل الجليد. يُعتقد أن العديد من هذه الجرائم البشع لا تُسجل أبداً، لتظل في طي النسيان، تاركة وراءها قصصاً مأساوية لأمهات يائسات وأطفال لا ذنب لهم سوى أنهم وُلدوا، في ظروف قاسية.

عام الدموع والدماء: عندما أصبح الموت روتناً (2025)

مع حلول عام 2025، تحولت المأساة إلى روتين شبه يومي. في 15 مايو 2025، عُثر على رضيع ملفوف بالبلاستيك في غولكول بموندنو، وكأن حياته لم تكن تستحق حتى كفناً.

بعد أقل من شهر، وتحديداً في 10 يونيو 2025، اكتشفت جثة مولود جديد في احدى أحواض تجمع المياه “بوطة” بحارة دقيل بالدائرة الثامنة في أنجمينا. أصبحت المياه، التي كانت رمزاً للحياة، شاهدة على موت براءة جديدة. هذه الإكتشافات المروعة تضاف إلى سجل المدينة الملىء بالآلالم، مؤكدة استمرار المأساة وتفاقمها.

صيف اليأس: الماء والتراب يتلوثان بالبراءة (صيف 2025)

استمرت دوامة الموت واليأس لتضرب أنجمينا في صيف 2025 بأرقام تفوق كل تصور. ففي 21 يونيو 2025، اكتُشفت جثة طفل متحللة في حوض احتجاز بمنطقة واليا نجومنا. جسد صغير، تحلل ببطء تحت أشعة الشمس الحارقة، يشير بوضوح إلى الإهمال الجسيم وغياب تام للرعاية الصحية. لقد أصبح الماء والتراب في أنجمينا يتلوثان ببراءة الأرواح التي تُلقى فيهما، وكأن لا قمة لها.

أنجمينا: صرخت أخيرة قبل أن تتحول إلى مقبرة للبراءة

هذه الوقائع ليست مجرد تقارير عبابرة، بل هي شهادات حية على عمق الأزمة وتدهور القيم في تشاد. إنها صرخات مكتومة لبراءة تُزهق قبل الأوان، وتُدفن في صمت رهيب يهز الوجدان. سؤالاً يطردنا الآن ليس “ماذا حدث” بل “متى سنستفيق من غفلتنا؟!” و”متى سنصرخ بصوت أعلى من صمت الضحايا؟”.

لأن مستقبل تشاد وأجيالها القادمة مرهون بقدرتنا على الاستجابة لهذه الصرخات، قبل أن تتحول البلاد بأكملها إلى مقبرة للبراءة لا تتوقف عن التوسع. فما الدور الذي يجب أن نلعبه جميعاً لوقف هذا النزيف البشري المروع وإنقاذ ما تبقى من البراءة في أنجمينا ؟

https://anbaaexpress.ma/xg7hz

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى