يواجه قائد الجيش الباكستاني، عاصم منير، أحد أقوى الشخصيات العسكرية في البلاد منذ عقود، اختبارًا جديدًا لصلاحياته بعد تعيينه حديثًا، وسط ضغوط من الولايات المتحدة للمساهمة بقوات في قوة استقرار دولية في قطاع غزة.
وتأتي هذه الضغوط في وقت حساس سياسيًا وأمنيًا، إذ قد تؤدي أي مشاركة إلى ردود فعل داخلية قوية، خاصة من أحزاب إسلامية معارضة للسياسات الأميركية والإسرائيلية.
وتسعى واشنطن، من خلال خطة من 20 نقطة حول غزة، إلى تشكيل قوة من الدول الإسلامية للإشراف على مرحلة انتقالية لإعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي بعد حملة عسكرية إسرائيلية دامت نحو عامين.
لكن مهمة نزع سلاح حركة حماس تثير مخاوف كبيرة لدى الدول المشاركة المحتملة، لما قد تسببه من انزلاق نحو الصراع وإثارة الغضب الشعبي المؤيد للفلسطينيين.
رغم ذلك، بنى منير علاقة وثيقة مع الرئيس الأميركي، ما جعله يشارك في غداء خاص بالبيت الأبيض في يونيو الماضي، وهي المرة الأولى التي يستضيف فيها رئيس أميركي قائد جيش باكستان بمفرده دون حضور مسؤولين مدنيين.
ويبدو أن العلاقة مع واشنطن تمثل أولوية استراتيجية لإسلام آباد، نظرًا لأهمية تأمين الاستثمارات والمساعدات الأمنية الأميركية، وفق محللين مثل مايكل كوجلمان من المجلس الأطلسي.
جيش باكستان، الدولة الإسلامية الوحيدة الحائزة على أسلحة نووية، يمتلك خبرة واسعة في العمليات العسكرية التقليدية وحروب الحدود، كما أنه منخرط حاليًا في مواجهة مع متشددين في المناطق القريبة من أفغانستان.
هذا السياق العسكري يجعل منير أمام ضغط مزدوج إثبات قدرته القيادية داخليًا، مع تجنب أي تصعيد سياسي أو شعبي قد يضر بمكانة الجيش.
في الداخل، يبقى القلق الأكبر من أن أي مشاركة باكستانية في غزة قد تثير احتجاجات واسعة من الأحزاب الإسلامية الرافضة للتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وهو ما يعقد المشهد السياسي ويزيد من حساسية القرار.
وفي هذا الإطار، صرح وزير الخارجية الباكستاني مؤخرًا أن إسلام آباد قد تفكر في مهام حفظ السلام، لكن نزع سلاح حماس ليس ضمن مسؤولياتها.
تأتي هذه الضغوط في وقت عزز فيه منير سلطاته رسميًا، حيث تم تعيينه قائدًا لكافة القوات المسلحة، مع تمديد فترة ولايته حتى 2030، ومنحه حصانة قانونية مدى الحياة بموجب تعديلات دستورية حديثة.
وفي إطار التحضير لأي مشاركة محتملة، التقى منير مؤخرًا بعدد من القادة العسكريين والمدنيين من دول إسلامية مثل إندونيسيا وماليزيا والسعودية وتركيا والأردن ومصر وقطر، في ما بدا وكأنه مشاورات حول خطة غزة.
الملف الغزي وفق مراقبين يمثل اختبارًا دقيقًا لمنير، بين الحفاظ على تحالف استراتيجي مع واشنطن وضبط التوازن الداخلي لمنع اضطرابات شعبية وسياسية.
أي قرار بالمشاركة لن يكون مجرد خيار عسكري، بل موازنة معقدة بين الضغط الدولي، الديناميات الإقليمية، والحساسية الداخلية التي يمكن أن تعيد تشكيل المشهد السياسي الباكستاني.




