أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الأحد عن تنفيذ ضربات جوية في العمق اليمني، تزامناً مع سماع دوي انفجارات عنيفة هزّت العاصمة صنعاء. جماعة أنصار الله أكدت تعرض المدينة لـ”عدوان صهيوني أميركي”، بينما ركّزت وسائل الإعلام العبرية على أن الضربات جاءت رداً على استمرار إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة من الأراضي اليمنية باتجاه إسرائيل.
القناة 14 الإسرائيلية كشفت أن القصر الرئاسي في صنعاء كان هدفاً رئيسياً للهجمات، حيث جرى استهداف موقع عسكري داخل المجمع، إلى جانب مخازن وقود ومحطتي كهرباء.
القناة 13 بدورها تحدثت عن قصف قاعدة صواريخ قرب القصر الرئاسي، فيما أشارت تقارير يمنية إلى وقوع ثلاث غارات قرب منطقة عطان جنوب غربي العاصمة. هذه الضربات تمثل أول استهداف معلن من تل أبيب للأراضي اليمنية، ما يضع الحرب في مسار تصعيدي جديد.
التحول الأبرز جاء بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، أول أمس الجمعة، اعتراض صاروخ بعيد المدى أطلق من اليمن، ما اضطر السلطات إلى تعليق الملاحة في مطار بن غوريون مؤقتاً.
وسائل الإعلام العبرية وصفت الحادثة بالخطيرة، خصوصاً بعد أن كشف التحقيق العسكري أن الصاروخ كان مجهزاً برأس متفجر قابل للانشطار، ما يزيد من تعقيد المشهد الأمني ويجعل احتمالات الاختراق واردة رغم قوة الدفاعات الإسرائيلية.
الهجوم الصاروخي أدى إلى حالة هلع في الداخل الإسرائيلي، حيث أفادت خدمات الإسعاف بوقوع إصابات نتيجة التدافع نحو الملاجئ بعد دوي صافرات الإنذار، بينما تساقطت شظايا الاعتراض الصاروخي على إحدى البلدات.
غارات جوية إسرائيلية استهدفت مدينة صنعاء
وفي وقت لاحق، أعلن الجيش اعتراض طائرة مسيّرة أطلقت أيضاً من اليمن، ما أكد أن التهديد لم يعد مجرد حادثة معزولة بل بات خطراً متكرراً.
ما يحدث حسب مراقبين، يشي بأن اليمن بات لاعبا فعليا في معادلة المواجهة الإقليمية التي تفجرت عقب السابع من أكتوبر، إذ تتجاوز رسائل أنصار الله حدود التضامن الرمزي مع غزة، لتشكل ضغطاً عسكرياً مباشراً على إسرائيل.
من جهة أخرى، فإن رد تل أبيب على صنعاء يعكس قلقاً استراتيجياً من انفتاح جبهة جديدة جنوب الجزيرة العربية، بما قد يربك حساباتها العسكرية في ظل استمرار المواجهة في غزة وتنامي التوتر مع حزب الله في الشمال.
إن إدخال اليمن في معادلة الصراع يعيد للأذهان ديناميات الحرب الباردة الإقليمية، حيث تستخدم الجغرافيا العربية كساحات اشتباك بالوكالة، غير أن الجديد هذه المرة هو انتقال المواجهة إلى مستوى صواريخ عابرة للحدود ورؤوس متفجرة قابلة للانشطار، ما يفتح الباب أمام سباق تسلح أكثر خطورة في المنطقة.
في المحصلة، يمكن القول إن إسرائيل، بفتحها جبهة اليمن، قد تكون بصدد الدخول في مواجهة استنزاف إقليمية متعددة الاتجاهات، حيث لم يعد الصراع محصورا بين غزة وتل أبيب، بل تمدد ليشمل البحر الأحمر واليمن وشرق المتوسط.
وهذا التطور، إذا ما استمر، قد يعيد رسم خريطة التحالفات العسكرية في الشرق الأوسط ويدفع المنطقة إلى مرحلة أكثر تعقيدا من أي وقت مضى.