آراءمنوعات
أخر الأخبار

إحك يا شكيب..361 خروف يا للهول

أنا طبيب اهتماماتي طبية صرفة، مولع بالسفر و خاصة الأماكن ذات الطبيعة الجذابة، أشتغل في منطقة شبه بدوية ذات جبال عالية، تكسوها الثلوج البيضاء الناصعة في فصل الشتاء، مما يجعلني ألغي كل سفرياتي إلا ما هو ضروري منها، أستمتع برؤية الثلوج التي تكسو المنطقة، و لعلمكم أنني أمتلك بيتا واجهته تطل على سلسلة من الجبال التي في أسفلها هضاب فلا تكاد ترى العين سوى ذلك البياض الجذاب..

لي صديق حميم يقطن بجواري عادة عندما نجتمع في بيت أحدنا نجلس نستمتع بتلك المناظر الخلابة و نستمع للموسيقى الهادئة و نحتسي مشروبات ساخنة حسب المزاج، و ندخل في أحاديث متنوعة تكون من وحي الساعة.

ففي جلسة من تلك الجلسات فاتحني صديقي في مشروع قال أنه مدر للمال الكثير و كان متحمسا له لدرجة أنه إستطاع إقناعي به دون تردد، و أنا المعروف لدى الأصدقاء بعدم التسرع في اتخاذ القرارات، فأخبرني عن مشروع تربية الأغنام و بيعها بمناسبة عيد الأضحى و عدد لي مجموعة ممن نعرف أنهم مارسوها و هم الآن من أثرياء المنطقة، فقلت مع نفسي لم لا ؟.

و قررنا معا أن نخوض غمار هذه التجربة التي تبدو سهلة و متيسرة و لا تحتاج منا سوى لعاملين و إسطبل في ضيعة، و هذا كان متوفر لي لأني كنت أمتلك ضيعة قريبة من بيتي، و قلت مع نفسي فلم الخوف؟ و بما أن صديقي هو صاحب الفكرة فكان المشروع لديه جاهز، مكان شراء الأغنام و الأعلاف و التجهيزات، فانطلقنا بعد أن هيأنا ما يتطلبه المشروع من مال و شيكات، فكان الواجب أداؤه في المشروع سبعمائة الف درهم و هو نصف المبلغ الكلي، فاشترينا كل شيء و أودعت الشيكات عند من وفروا لنا القطيع و التجهيزات و الأعلاف..

و انطلقنا متوكلين على الله دون خوف و لا تردد، و مضت تلك الشهور القليلة رغم صعوبتها، و كلنا أمل أننا سنجني أرباحا كبيرة كنا نتخيلها عندما نجلس مستقبلين تلك الجبال و آثار الثلوج لم يبق منها سوى النزر القليل، دون الاستماع للموسيقى التي كانت تزين جلساتنا من قبل، و التي أصبحت مزعجة لحواراتنا ونحن نتحدث عن الأرباح.

ولما حان وقت بيع القطيع إنتقلنا للسوق الأسبوعي الذي أصبح يوميا فأدخلنا القطيع في مكان إكترياناه مقابل دراهم معدودة لكل خروف و كبش، هنا بدأ عداد المصاريف يتضاعف الشيء الذي لم نعره إهتماما و مع الأيام أصبح كابوسا أضف إلى ذلك أن الأغنام تحتاج لوجبات يومية مكلفة، فكلما دخلت للمحل المكترى يأتيني نفس الخروف و لسان حاله يقول لي نحتاج ما نسد به رمقنا، فيزداد حزني و تتضارب الحسابات في عقلي.

كنا نراها ستكون كبيرة فتبخرت تلك الأحلام و الأوهام مع واقع لم نعره إهتماما و شبح شيك بسبعمائة ألف درهم لم يبق على صرفه سوى أيام قلائل، فالنتيجة كانت هي ربح كبير بيعت الأغنام تسع وخمسون و ثلاثمائة 359 خروف و بقي “خروفين كبيرين أملحين”، خروف واحد هو نصيب كل واحد منا من الأرباح.

و لما جلسنا في مكاننا المعهود في بيت صديقي لم أشعر و أنا أنطق بهذه الجملة 361 خروف، يا للهول لم يمهلني صديقي لأكمل الجملة حتى ضحك بصوت مرتفع و قهقهات تسمع من بعيد وشاركته في الضحك ودخلنا معا في هستيريا من الضحك مرددين 361 خروف يا للهول، فقلنا معا و لسان حال كل واحد منا يقول مهبول أنا.

و النتيجة التي وصلنا إليها ما كل مشروع متاح لمن ليس من أهل الاختصاص كل واحد ميسر لما يتقنه و يجيده تجربة أفسدت علينا متعة ما كنا فيه من لحظات نستمتع بها من مشاهد و سماع موسيقى و إهتمام بجمالنا الذي نشتغل فيه.

https://anbaaexpress.ma/ufzy4

شكيب مصبير

كاتب وفنان تشكيلي مغربي

تعليق واحد

  1. ماشاء الله عليك اخي شكيب أسلوب راقي ومزيدا من الإبداع …حفضك الله وحفض كل عزيز عليك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى