في سياق دينامية متواصلة لتحديث القوات الجوية الملكية، يمضي المغرب بخطوات محسوبة نحو تعزيز قدراته في مجال الطيران العسكري، عبر إدماج أحدث المنصات التقنية المخصصة للمهام الخاصة والعمليات الحساسة.
وفي هذا الإطار، برزت صفقة جديدة مع شركة إيرباص لتؤشر على مرحلة متقدمة من التطوير، وترسّخ موقع المملكة كفاعل إقليمي قادر على مواكبة التحولات المتسارعة في مجال الأمن والدفاع.
في هذا السياق، كشف تقرير لموقع AeroTime بتاريخ 18 نونبر 2025 أن المغرب وقّع عقداً جديداً مع شركة إيرباص هليكوبترز لاقتناء عشر مروحيات من طراز H225M كاراكال، في خطوة تأتي لتعويض أسطول “بوما” الذي خدم في صفوف القوات الجوية الملكية منذ سبعينيات القرن الماضي.
وأكدت الشركة الأوروبية، خلال مشاركتها في معرض دبي للطيران 2025، أن هذه المروحيات ستعزز قدرات المغرب في مهام البحث والإنقاذ القتالي، وهي عمليات عالية الحساسية تتطلب تقنيات دقيقة وقدرة على العمل في أصعب الظروف المناخية والعملياتية.
وتتميز المروحيات الجديدة بكونها مزوّدة بنظام رفع مزدوج، وكشافات بحث قوية، إضافة إلى منظومة كهروبصرية من طراز Safran Euroflir 410، مع إمكانية تزويدها برشاشات وأنظمة حرب إلكترونية للحماية الذاتية، ما يجعلها منصة متعددة الاستخدامات تلائم المهام التكتيكية المعقدة.
الرئيس التنفيذي لـ Airbus Helicopters، برونو إيفن، اعتبر أن اختيار المغرب لطراز H225M “يعكس صلابة الشراكة الممتدة مع المملكة منذ عقود”، مؤكداً أن هذا النموذج أصبح معياراً عالمياً في المهام الصعبة والبيئات القاسية، وأن الإقبال المتزايد عليه يعزز مكانته كأحد الحلول الأكثر موثوقية في عمليات الإنقاذ القتالي والمهام الخاصة عبر العالم.
ويعود تاريخ ارتباط المغرب بمروحيات “بوما” إلى سنة 1974، حين وقّع اتفاقاً مع فرنسا لاقتناء 40 مروحية، خضع ما تبقى منها لعمليات تحديث سنة 2007.
ومع التطور المتسارع لتكنولوجيا الطيران العسكري، أصبح تجديد هذا الأسطول ضرورة لضمان جاهزية القوات الجوية لمتطلبات المرحلة المقبلة.
ولا يقتصر حضور إيرباص بالمغرب على الجانب العسكري فحسب؛ فمنذ سنة 1951 تتواجد عبر فرعها Airbus Atlantic الذي يعمل في تصنيع الهياكل المركّبة وتجميع المكوّنات المعدنية الدقيقة وصيانة الأنظمة الإلكترونية للطائرات، كما أعلنت الشركة سنة 2024 عن إنشاء مركز جديد لدعم أسطول يصل إلى نحو 60 مروحية تابعة للقوات الجوية والبحرية الملكية والدرك الملكي.
وتتضمن الصفقة الجديدة حزمة شاملة من خدمات الدعم والمساندة التقنية، إضافة إلى برنامج لتطوير البنية التحتية في المغرب لتحويلها إلى مركز إقليمي متقدم لعمليات الصيانة والإصلاح وإعادة التأهيل (MRO) الخاصة بمروحيات إيرباص. خطوة من شأنها تعزيز موقع المملكة كمحور للطيران في غرب إفريقيا، ورفع مستوى استقلاليتها اللوجيستية والعملياتية.
وتبرز هذه الخطوة توجه المغرب نحو تعزيز قدراته الدفاعية وتطوير منظومته الجوية بما ينسجم مع المتغيرات الأمنية في المنطقة، حيث تزداد الحاجة إلى تجهيزات حديثة قادرة على دعم مهام الإنقاذ القتالي والتدخل السريع والعمليات الخاصة في بيئات متقلبة ومعقدة.



