في تحذير غير مسبوق، شدد أمين عام حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مارك روته، على أن دول الاتحاد الأوروبي مطالبة بزيادة إنفاقها العسكري بشكل جذري، معتبرًا أن الأمن الأوروبي والأميركي في خطر متزايد، في ظل تسارع القدرات العسكرية الروسية والدعم الذي تتلقاه موسكو من قوى دولية معادية للغرب.
وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز، قال روته: “روسيا تعيد بناء نفسها بوتيرة مذهلة. ليس بالضرورة لمهاجمة النرويج الآن، بل في نهاية المطاف لاستهداف الولايات المتحدة. إذا لم يكن القطب الشمالي، والمحيط الأطلسي، وأوروبا آمنين، فإن أميركا ستواجه مشكلة كبرى”.
وأضاف أن جميع دول الناتو، باستثناء إسبانيا، وافقت على رفع إنفاقها العسكري إلى نسبة 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، في خطوة تعكس إدراكًا متزايدًا “للتحدي الجيوسياسي الهائل” الذي يواجهه الغرب.
وفي مقارنة صادمة، أشار روته إلى أن روسيا تنتج حاليًا ثلاثة أضعاف ما يُنتجه الحلف من الذخيرة خلال 3 أشهر فقط، مما يُبرز فجوة تسليحية مقلقة تهدد مبدأ “الردع الفعال” الذي تأسس عليه الناتو منذ نهاية الحرب الباردة.
ولم يكتفِ روته بالحديث عن التسلح التقليدي، بل وسّع دائرة التحذير لتشمل الأمن السيبراني والهجمات الهجينة، مؤكدًا أن التحصين المجتمعي بات جزءًا من معادلة الأمن القومي، قائلًا: “نحن بحاجة إلى تطوير القاعدة الصناعية الدفاعية، ونحتاج إلى إنفاق على الأمن الرقمي والهجين، وعلى تهيئة المجتمعات بأكملها. هذا إنفاق ضخم، لكن إن لم نقم به، فسنضطر لتعلم اللغة الروسية”.
تصريحات روته تعكس تحوّلًا عميقًا في رؤية الناتو لمفهوم الردع، الذي لم يعد مقتصرًا على سباق التسلح التقليدي، بل يشمل أبعادًا استراتيجية جديدة: اقتصادية، تكنولوجية، ومجتمعية.
وهي دعوة صريحة للغرب لمغادرة مرحلة “رد الفعل” والانخراط في مواجهة استباقية طويلة المدى مع محور يضم روسيا، والصين، وإيران، وكوريا الشمالية.
كما تكشف هذه التصريحات حجم القلق داخل دوائر القرار الغربي من هشاشة الردع الحالي، وفقدان المبادرة في أكثر من ساحة، بدءًا من أوكرانيا وصولًا إلى التهديدات السيبرانية التي باتت تُدار من خارج ساحات القتال التقليدية.