تعيش الجزائر على صفيح ساخن وعلى حافة انفجار داخلي غير مسبوق، وسط تصاعد حاد في التوترات الاجتماعية والسياسية، وتنامي المخاوف من انزلاق البلاد نحو سيناريو كارثي للحرب الأهلية.
في هذا السياق، جاء اعتقال محمد الأمين بلغيث، عقب تصريحاته الخطيرة التي وصف فيها الأمازيغية بـ”مشروع صهيوني فرنسي”، كمحاولة يائسة من النظام لاحتواء غضب شعبي متصاعد، ومنع أي شرارة قد تُشعل الفتنة وسط البلاد.
البيان الرسمي الصادر يوم أمس السبت 03 ماي عن محكمة الدار البيضاء كشف أن النيابة العامة فتحت تحقيقاً ضد بلغيث، ووجهت له تهمًا ثقيلة، منها القيام بفعل يستهدف الوحدة الوطنية، والاعتداء على رموز الجمهورية، والمساس بسلامة الوطن، إلى جانب نشر خطاب الكراهية والتمييز عبر وسائل الإعلام. ونتج عن ذلك إيداعه الحبس المؤقت بعد استجوابه من طرف قاضي التحقيق.
النظام الجزائري يعيش حالة من الخوف
لكن القراءة العميقة لهذا التحرك القضائي تشير إلى ما هو أبعد من مجرد محاسبة على تصريح إعلامي. فالسلطات، التي لطالما تساهلت مع خطابات تقسيمية صادرة من جهات محسوبة على النظام، بدت هذه المرة وكأنها تتحرك بدافع الخوف الحقيقي من انفجار داخلي.
الشارع الجزائري يغلي، والهويات تتصادم، والمجتمع بات مقسّماً بين تيارات متصارعة، ما يعيد إلى الأذهان مشاهد التسعينات التي لا تزال محفورة في الذاكرة الجماعية “العشرية السوداء”.
ويرى مراقبون أن تقديم بلغيث كـ”كبش فداء” ليس سوى محاولة مكشوفة للالتفاف على موجة الانتقادات التي طالت النظام بسبب صمته المريب على تجاوزات أخطر، خاصة بعد موجة الغضب الشعبي على مواقع التواصل، التي فجّرها فيديو يتضمن سباباً عنيفاً موجهاً إلى الإمارات، صدر من داخل الجزائر وأحرج النظام أمام الخارج.
وجدير بالذكر، يرى النظام الجزائري أن تصريحات محمد الأمين بلغيث تشكّل تهديداً أكبر من تلك التي أدلى بها الروائي بوعلام صنصال، وذلك نظراً لطبيعتها التحريضية ومساسها المباشر بمكوّن أساسي من الهوية الوطنية، في سياق حساس يُنذر بانقسامات داخلية خطيرة.
فبينما كانت تصريحات صنصال مثيرة للجدل على المستوى الفكري والثقافي، فإن ما جاء على لسان بلغيث يُعتبر، في نظر السلطة الجزائرية وقوداً محتملاً لإشعال فتنة قد تهدد السلم الأهلي.
ومع تصاعد التوترات الإقليمية، والعلاقات المتوترة مع دول محورية كالإمارات والسعودية، يبدو أن النظام الجزائري بات محاصراً داخلياً وخارجياً، يحاول شراء الوقت من خلال تحركات ارتجالية، بدلاً من مواجهة الأزمة الحقيقية التي تهدد بانهيار الدولة.
لقد سبق أن حذرنا في أنباء إكسبريس، عبر مقالات متعددة، من أن النظام الجزائري يسير على حافة الهاوية. واليوم، مع تصدع الجبهة الداخلية، والتهديد المتزايد باندلاع حرب أهلية، يبدو أن لحظة الانفجار لم تعد بعيدة.
فهل سيكون بلغيث بداية النهاية؟ أم مجرد حلقة أخرى في مسلسل الانهيار البطيء؟