توصل موقع أنباء إكسبريس بنسخة من مذكرة داخلية قالت مجموعة تزعم أنها مكوّنة من دبلوماسيين جزائريين إنها وجّهتها إلى جهات عليا في الجزائر، وتعرض فيها تقييماً صادماً لوضع السياسة الخارجية الجزائرية، ولاسيما فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية بعد صدور قرار مجلس الأمن رقم 2797 بتاريخ 31 أكتوبر.
المذكرة التي حصلت عليها أنباء إكسبريس تكشف بوضوح حجم الارتباك والانهيار الدبلوماسي الذي وصلت إليه الجزائر، وتصف كيف أصبحت سياساتها “في تباعد كامل عمّا يشهده العالم من تحولات”.
1- القرار 2797.. ضربة حاسمة لخطاب الجزائر
تؤكد المذكرة أن القرار 2797 يمثّل منعطفًا تاريخيًا، إذ يكرّس بشكل صريح المبادرة المغربية للحكم الذاتي باعتبارها الأساس الوحيد للمفاوضات، خلافًا لما يروّج له وزير الخارجية الجزائري.
وتشير إلى أن الفقرة الثانية من القرار تُعدّ تأكيدًا مباشراً على هذا التحول، ما يجعل الاستفتاء رسميًا “خيارًا غير واقعي ومنتهي الصلاحية”.
كما تتوقع المذكرة أن تتحول مهمة المينورسو إلى مهمة تقنية صِرف، خالية من أي بُعد سياسي.
2- ضغوط أمريكية – فرنسية تُعيد صياغة الحل
وتوضح المذكرة أنّ واشنطن وعدداً من الأعضاء الدائمين، وعلى رأسهم فرنسا، يدفعون بقوة نحو حل الحكم الذاتي المغربي كصيغة مقبولة من جميع الأطراف، محذّرة من أن بقاء الوضع القائم يخدم المغرب وحده الذي أصبح “في موقع قوة”.
وتذكر في هذا السياق:
تدفّق الاستثمارات الأجنبية نحو الأقاليم الجنوبية
التفاف المفوضية الأوروبية على قرارات القضاء الأوروبي
الغموض الموريتاني بخصوص مشروع أنبوب الغاز الأطلسي
قوة “المبادرة الملكية الأطلسية” المخصّصة لدول الساحل
3- نهاية هامش المناورة الجزائرية
وتقول المذكرة إن الجزائر فقدت أي قدرة على التأثير، وإن امتناعها عن تقديم اعتراض رسمي على القرار يدل على رغبتها في تجنّب مواجهة مع واشنطن.
كما اعتبرت أن غياب ردّ الفعل تجاه التوجّه الأوروبي الجديد “يكشف نقصًا خطيرًا في المبادرة”.
وبحسب الدبلوماسيين: “سيُدفع ممثلو الصحراويين إلى مفاوضات تتمحور حصريًا حول الحكم الذاتي”.
4- دعوة إلى التخلي عن عقيدة السبعينيات
وتنتقد المذكرة تمسّك الجزائر بخطاب متجاوز، داعيةً إلى “تفكير جديد” حول صيغة حكم ذاتي بضمانات، مع تعبئة الشركاء الدوليين — ولاسيما الولايات المتحدة — للتأثير في آليات الحل.
كما تهاجم بشدّة ما تصفه بـ“ردود الأفعال المتأخرة” و“الانكماش المؤذي” أمام “الهجوم الدبلوماسي المغربي”.
5- سنة 2026.. منعطف مؤلم للجزائر
يتوقع معدّو المذكرة أن تكون سنة 2026 مرحلة حاسمة ستضطر فيها الجزائر إلى نهج مقاربة أكثر براغماتية، بسبب:
– كلفة الأنشطة الدبلوماسية الباهظة مثل “مسار وهران”
– غياب دعم مجموعة A3 داخل مجلس الأمن
– تراجع الموارد المالية والبشرية
6- صدمة داخلية بسبب موقف الجزائر من غزة
وتوقف الدبلوماسيون عند تصويت الجزائر لصالح الخطة الأمريكية بشأن غزة، معتبرين أن هذا التحوّل هدفه الوحيد هو تفادي صدام مع واشنطن، وأن “الامتناع كان سيكون أكثر انسجامًا مع الخط الجزائري التقليدي”.
كما اعتبرت المذكرة أن تصريحات السفير الجزائري بواشنطن بشأن إمكانية التطبيع “تراجع مقلق يسيء لمصداقية الجزائر”.
7- ازدواجية خطيرة في الاصطفاف الخارجي
وتؤكد المذكرة أن الجزائر أصبحت منخرطة بشكل غير مسبوق في عدة مبادرات أمريكية، وهو ما خلق “مسارًا يزعزع انسجام سياستها الخارجية” ويهدّد بإثارة انقسامات داخلية بعدما كانت الدبلوماسية أحد عوامل الإجماع الوطني.
8- الخلاصة التي توصل إليها الدبلوماسيون الجزائريون
ترصد المذكرة انهيارًا غير مسبوق في أداء السياسة الخارجية الجزائرية، وتتهم الدائرة الحاكمة بإدارة غير فعّالة وقرارات “غير منسّقة وعديمة الجدوى”.
كما تسرد وضع الجزائر اليوم على الشكل التالي:
– تراجع استراتيجي في الساحل
– تهميش في الملف الليبي
– توظيفها من طرف بعض القوى الإقليمية مثل مصر
– لامبالاة موريتانية رغم الاستثمارات الضخمة
– فقدان النفوذ في الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي
– انقطاع الحوار مع الاتحاد الأوروبي
– توتر مع عدة دول أوروبية (فرنسا، إسبانيا..)
– تراجع الحضور الإفريقي أمام قوة الدبلوماسية المغربية
– شراكات فارغة مع روسيا والصين وتركيا
وتصف المذكرة المشهد بالقول: “الوزير عطاف محاصر داخل برجه العاجي، غارق في المغالطات، ولا يستمع لمديريه”.
كما وصفت لحظة توسّله للأمين العام في لواندا لتغيير صياغة القرار بـ“اللحظة المهينة”.
وتختتم المذكرة بنبرة تحذيرية: “إعادة تحديد أولويات السياسة الخارجية ضرورة قصوى، لكن ذلك يجب أن يتزامن مع تعزيز جبهة داخلية تزداد هشاشة”.




