هشام فرجي
في ظل الواقع الذي نعيشه اليوم، نلاحظ انتشار ظاهرة التعصب للأحزاب السياسية والنقابات المهنية. هذا التعصب، وإن بدا في ظاهره تعبيرًا عن الولاء والانتماء، إلا أنه يحمل في طياته خطرًا كبيرًا يتمثل في تمزيق النسيج المجتمعي وتفريق الجهود الجماعية التي من المفترض أن تصب في مصلحة المواطن والعامل على حد سواء.
الأحزاب السياسية، بغض النظر عن توجهاتها الأيديولوجية أو برامجها، تُنشأ في الأصل لخدمة المواطن، والدفاع عن حقوقه، وتحقيق طموحاته.
كذلك النقابات المهنية وُجدت لتكون صوتًا للعامل والموظف، ولتعمل على تحسين ظروف العمل والدفاع عن حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية. وعليه، فإن هذه الكيانات ليست متنافرة أو متصارعة، بل هي في جوهرها شريكة في خدمة المصلحة العامة.
إذا نظرنا إلى المجتمع من منظور الأسرة، سنجد أن كل حزب أو نقابة يمثل فردًا داخل هذه الأسرة الكبيرة. أفراد الأسرة قد يختلفون في الرؤى أو الأساليب، ولكن الهدف المشترك دائمًا هو توفير بيئة صحية ومستقرة للجميع.
كما أن أفراد الأسرة يتعاونون لمواجهة المشاكل وتحقيق مصالحهم المشتركة، فإنه يتوجب على الأحزاب والنقابات تجاوز التعصب والانقسام والعمل سويًا لتحقيق رفاهية المجتمع.
التعصب يؤدي إلى تفكك هذه “العائلة الكبرى”، مما يسهل على القوى الخارجية أو الداخلية استغلال هذا التشتت للإضرار بحقوق المواطن بصفة عامة وبالعامل بصفة خاصة. فبدلًا من أن تتكاتف الجهود للدفاع عن المصالح المشتركة، تضيع الطاقات في نزاعات جانبية لا تخدم إلا من يسعى إلى تحقيق مكاسب فردية على حساب المصلحة العامة.
من هنا، تأتي الحاجة الملحّة لتعزيز ثقافة الوحدة والتعاون بين الأحزاب والنقابات، إذ يمكن تحقيق ذلك من خلال:
– التوعية بأهمية التعاون: عبر برامج إعلامية وحملات توعوية تبرز أهمية التكامل بين هذه الكيانات ودورها في تحقيق الصالح العام.
– إيجاد منصات حوار مشتركة: تجمع الأحزاب والنقابات لمناقشة القضايا الوطنية والمهنية بعيدًا عن الخلافات الايديولوجية.
– ترسيخ القيم المشتركة: مثل العدالة الاجتماعية، المساواة، وحقوق الإنسان، والتي تمثل نقاط ارتكاز يمكن أن يجتمع حولها الجميع.
– إشراك المجتمع المدني: في مبادرات تقرب وجهات النظر وتعزز الشعور بالمسؤولية الجماعية.
في النهاية، يبقى المجتمع هو العائلة الكبرى التي تحتضن الجميع، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية أو المهنية.
الأحزاب والنقابات ليست سوى آليات لتحقيق رفاهية هذه العائلة الكبرى، وليس أهدافًا بحد ذاتها. وكلما زاد وعي الأفراد بهذه الحقيقة، قلّ التعصب وزادت فرص تحقيق التنمية المستدامة التي تخدم الجميع.
إن مسؤولية الحفاظ على هذه العائلة الكبرى تقع على عاتقنا جميعًا، أفرادًا وجماعات، أحزابًا ونقابات. فوحدة الصف هي السلاح الأقوى في مواجهة كل التحديات والإشكاليات المجتمعية، والطريق الأمثل لتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية الاقتصادية التي ننشدها جميعًا.